حروب بالوكالة في المنطقة وضوابطها

حروب بالوكالة في المنطقة وضوابطها

Jan 06 2024

حروب بالوكالة في المنطقة وضوابطها
د. عبد الحكيم بشار

تشهد المنطقة حروباً متعددة، معظمها بالوكالة أو تحوّلت من حالة وطنية إلى حروب بالوكالة.

ففي سوريا، حيث ثار الشعب السوري ضد نظام قائم على الاستبداد بشكل سلمي، سرعان ما تحوّل إلى طابع عسكري، ثم تدخّلت الدول، وأخرجت الوضع السوري من أيدي السوريين، وتحولت إلى حرب بالوكالة تخف وطأتها، وتشتد، تتسع، وتتراجع تارة أخرى حسب الجهات الوصائية.

في العراق مازالت الميليشيات الطائفية المنفلتة التي شكلت حكومات ضمن الحكومة العراقية تمارس حرباً قذرة بالوكالة ضد استقرار إقليم كوردستان بحجة ضرب القواعد الامريكية.

في اليمن مازال الحوثيون يمارسون كل أشكال العنف ضد سكان اليمن والقرصنة الدولية بالوكالة في بحر الاحمر ناهيكم عن ضربها ولمرات عدة للمنشآت المدنية في السعودية دون اي مبرر.

في لبنان شكل تنظيم حزب الله اللبناني أيضاً حكومة داخل حكومة لبنان بل أنه يستفرد بقرار السلم والحرب في لبنان كوكيل لجهة وصائية تحرّكه كدمية بل تلقنه حتى خطاباتها وشعاراتها.

وفي غزة دخلت منظمة حماس في معركة مع إسرائيل وهي تعرف النتائج.

وإذا أخذنا جانب حسن النية سنقول: إما أن قيادة حماس تتسم بالغباء السياسي أو أن أزماتها الداخلية دفعتها لتلك المغامرة المحسوبة، وإذا تمسكنا بالجانب الموضوعي، فالمؤشرات توحي أن حماس تخوض حرباً بالوكالة، ستكون نتائجها وخيمة عليها وعلى سكان غزة.

وحزب العمال (الكردستاني) الذي سيطر على كوردستان سوريا بإرادة وقرار من مشغليها ثم على شرق الفرات بدعم من جهات أخرى، يأخذ من الشعب الكردي في سوريا رهينة لأجندات غير كردية وغير وطنية، بل يعمل على تغيير مجرى الصراع إلى صراع عبثي كما هو شأن هذا الحزب في كل حروبه، فالكرد في سوريا قضيتهم وطنية، وحقوقهم مسلوبة، ومن سلب حقوقهم هو النظام السوري، وليست تركيا حتى يتوجّه كرد سوريا إلى خارج الحدود في حرب بالوكالة..!!

والمليشيات المختلفة التي تقصف بالوكالة، وبشكل مدروس، وغير موجع القواعد الأمريكية في سوريا أيضاً لها دور مرسوم ومعيّن.

كلّ هذه الحروب بالوكالة أدواتها معروفة، والجهات التي تستخدمها معروفة، وهي حروب تُخاض بشكل بقاء الأمور تحت السيطرة، وأن يعبثوا كما يشاؤون في المنطقة على أن يتجنّبوا أذية المشغلين كلّ المشغلين لهذه الأدوات وأن يلتزموا بالخطوط الحمر المرسومة لهم.

لكن ماذا لو أخطأت بعض الميليشيات في حساباتها وتجاوزت الخطوط الحمر؟ ماذا لو أصاب صاروخ مليشياوي بالخطأ إحدى القواعد الأمريكية، ووقعت ضحايا من الأمريكان؟

يبدو حتى الآن أن هذه الحروب بالوكالة تدار بشكل مدروس، وبالتالي تخلق الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة إلا أن احتمالات تجاوز الخطوط الحمر، أو تنفلت من الرقابة واردة كثيراً، حينها قد نكون أمام سيناريو آخر، وهو حرب مواجهة مباشرة بين مشغلي هذه المليشيات.

قد تكون حرباً واسعة النطاق ومدمرة إن لم يتم إعادة النظر في حروب الوكالة، ويحل محلها الحوار المباشر للتعامل مع القضايا الخلافية.


المقال يعبر عن رأي الكاتب

4376