الرئيس بارزاني: الشعب الكوردي اعتاد مواجهة الاعتداءات وإقليم كوردستان لن يركع

الرئيس بارزاني: الشعب الكوردي اعتاد مواجهة الاعتداءات وإقليم كوردستان لن يركع

Nov 07 2025

أكد الرئيس مسعود بارزاني أن شعوره لا يمكن وصفه بالتطور الحاصل في إقليم كوردستان، وأنه يشعر بالفخر والاعتزاز، وأن الشعبُ الكوردي اعتاد مواجهةَ الاعتداءات عبر الزمن، وصار يمتلك مناعةً إزاءها. سيصمد الإقليم ويعاني، لكنه لن يركع.

خلال مقابلة مع قناة شمس الفضائية قال الرئيس بارزاني بخصوص التطور الحاصل في إقليم كوردستان : "دائمًا دع الأفعال تتحدث وليس الكلام. الإقليم لديه طموحات كبيرة جدًّا، وما تحقق موضعُ فخرٍ واعتزاز، ونتطلع إلى تحقيق المزيد من البناء والإعمار والتنمية في كافة المجالات، وهناك خطط تعمل حكومة الإقليم على تنفيذها بمراحل".

وأضاف الرئيس بارزاني: "في كثير من المناسبات صادفتُ بعضَ الإخوة العرب الذين يأتون من الجنوب أو من الوسط، مثلًا في الأعياد أو المناسبات، وما أسمعه منهم حقيقةً يُفرحني كثيرًا. هم يمدحون كوردستان أكثر من أهل كوردستان، ويشعرون بما حصل من تقدّمٍ فيها أكثر من أهلها. طبعًا نتمنى أن نرى التقدم والتطور نفسهما في جميع مناطق العراق. لكن ما تحقق في كوردستان هو موضع تقديرٍ للكورد وللعرب أيضًا".

وبشأن العوائق التي تمنع ما تحقق في إقليم كوردستان من الوصول إلى العراق قال الرئيس بارزاني: "العوائق واضحة جدًّا. هنا توجد إرادة، وتخطيط، وتنفيذٌ بدقّة، وقيادةٌ للعملية العمرانية كلها. في بغداد هناك فوضى - مع الأسف - ومشاريع متلكئة ومتعثرة، وفي كثيرٍ من الأحيان تُستغل هذه المشاريع للإثراء لا للإعمار. في ظلّ عوائق كثيرة لا يوجد تخطيطٌ سليم، ولا إدارةٌ سليمة، ولا إرادةٌ حقيقية.

وأوضح الرئيس بارزاني: "بعد سقوط النظام - لنقل بعد 2003 - بذلنا جهودًا كبيرة جدًّا لبناء عراقٍ جديد، وقضيتُ فتراتٍ طويلة في بغداد، وعملنا بجدٍّ وإخلاصٍ وأمانةٍ لخدمة كل العراق. لكن بمرور الزمن لاحظنا أن هذه الرغبة تصطدم بعوائق وبرغبةٍ معاكسةٍ مضادّة، حتى وصلنا إلى نقطةٍ بدا فيها وكأن الإقليم والكورد غيرُ مرغوبٍ بهم في بغداد. لذلك عزلْنا أنفسنا قليلًا؛ وليس رغبةً منّي، لكن الظروف فرضت أن أترك الأمر لذوي الشأن في بغداد".


وقال الرئيس بارزاني حول انتخابات مجلس النواب العراقي: "فكرنا بالمقاطعة، صحيح؛ بسبب القانون الذي تُجرى بموجبه الانتخابات. قانونٌ جائرٌ وغيرُ عادل، يحدِّد تقريبًا النتائج مسبقًا؛ فلا فائدة من الانتخابات. تحديدُ مقاعد المحافظات تمَّ بناءً على البطاقة التموينية - وأُمُّ الفساد هي البطاقة التموينية - فكان توزيع المقاعد غيرَ حقيقي. لذلك فكّرنا بالمقاطعة في البداية، ثم لاحظنا أن كثيرين من الزملاء والإخوة والأصدقاء - وفي بغداد أيضًا، ومن الشيعة والسنة - وصلوا إلى قناعةٍ بأن هذا القانون غيرُ صالح، وأن إدارة الدولة والوضع الحاليَّين غيرُ مناسبين للعراق ولن يحققا له أيَّ تقدمٍ أو تطوّر. فطالما وُجدت هذه النيّة في بغداد، آثرْنا المشاركة لنرى إنْ كان هناك مجالٌ للتحالف مع القوى الأصيلة الأساسية التي تعبت وناضلت؛ فإذا رأينا مجالًا لإعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح وتعديلِ كثيرٍ من القوانين - لا قانونِ الانتخابات وحده - دخلْنا العمليةَ بقوة. وإنْ لم نجد مجالًا وكانت تلك القوى عاجزةً عن أيّ دور، فلكلِّ حادثٍ حديث".

وأوضح الرئيس بارزاني: "هناك إشاراتٍ ورسائلَ وصلتنا من بغداد ومن قوى حليفة وأصيلةٍ أيضًا تعرّضت للتهميش والإقصاء. رسائلُ مفادُها أنهم مستعدّون لما بعد الانتخابات للقيام بخطوةٍ أو تشكيل تحالفٍ جديد لإصلاح الوضع وإعادة العملية السياسية إلى مسارها الحقيقي. المشاركة واضحةٌ جدًّا؛ ليست من أجل زيادةِ المقاعد أو نقصانِها - فهي مُثبَّتة - بل من أجل اغتنام الفرصة مع القوى الأخرى الراغبة في إصلاح الوضع، لنتعاون ونحقّق ما يصبو إليه جميع العراقيين".

وأشار الرئيس بارزاني إلى أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يتحالف مع أيٍّ من الأطراف في بغداد، ليُري الآخرين قوّةَ وحجمَ الحزب الديمقراطي، وأنه ليس من المعقول التحالف قبل الانتخابات. وسيتم تحديد التحالفات بعد الانتخابات.

وأردف الرئيس بارزاني قائلا: " في الانتخابات السابقة حصل الحزبُ الديمقراطي على 800 ألف صوت - 812 ألفًا - من دون نينوى وكركوك وبغداد وديالى. إذا أضفنا هذه الأصوات إلى الثمانمئة ألف، يتجاوز العددُ المليونَ - وهذا ما نأمله.

مؤكدا أن "الدائرةُ الواحدة لا تُضيّع حقَّ أحد، ويَحصل كلُّ طرفٍ فيها على حجمِه الحقيقي وحقّه. وهي أسهل. مثلًا: لماذا يُحرم شخصٌ من البصرة من التصويت لمرشّحٍ في أربيل أو بالعكس؟ مقعدٌ في أربيل قد يحتاج 30 أو 40 ألفَ صوت، بينما في محافظةٍ جنوبيةٍ يكفيه 2000 أو 3000 صوت. نسبةُ المشاركة غيرُ مهمّة؛ 70–80% أو 20–30%، فالمقاعدُ مُثبّتة. هذا لا عدالةَ فيه؛ بل أستطيع القول إن هذه انتخاباتٌ «مُزيّفة». لم يكن تعديلُ القانون ممكنًا بهذه السرعة، لكن في المستقبل يجب أن يُعدَّل".

وعن هدف الحزب الديمقراطي الكوردستاني في دعوة مرشحيه أن يكونوا ممثلين عن كلِّ العراق، لا عن كوردستان فقط، قال الرئيس بارزاني: هذه الدعوةُ ليست جديدة. هذا مبدأٌ وسياسةٌ وقناعة. سابقًا أيضًا كنتُ أوصي مرشّحي البرلمان بالتوجيهات نفسها. لكني ركّزتُ أكثر هذه المرة بعد أن التقيتُ وفودًا من المحافظات الجنوبية - المثنى، الكوت، العمارة، الديوانية، البصرة - وحين شرحوا معاناتهم من غياب الخدمات والكهرباء والمياه وغيرِها. من واجبنا أن ندافع عنهم كما ندافع عن أبناء أربيل والسليمانية وكركوك ودهوك. لذلك أوصيتُ مرشّحي الحزب الديمقراطي أن يعتبروا أنفسَهم ممثلين لكل محافظةٍ عراقية، لا للإقليم فقط، وأن يتعاونوا مع ممثلي تلك المحافظات للدفاع عن حقوق أبنائها أيضًا".

وبخصوص التعامل بالمثل أكد الرئيس بارزاني: "ما يهمّني ليس إن كانوا يعاملوننا بالمثل أو لا. ضُربنا بالكيمياوي، وتعرّضنا لعمليات الأنفال لإبادتنا، ومع ذلك تفاوضْنا وسامحْنا الجنودَ الذين ارتكبوا الجرائم بحق شعبنا. لنا أعرافُنا وعاداتُنا وتقاليدُنا، ولهم أعرافُهم وتقاليدُهم.

وأضاف الرئيس بارزاني: " صحيح أن صدام حسين استخدم السلاح الكيمياوي وقام بالأنفال، لكن الذين كنّا حلفاءَهم وناضلْنا معهم لم يُعامِلوا الشعبَ الكورديَّ بما يستحقُّه، ولم يقوموا بالواجب؛ بل آذَونا أيضًا. وقطعُ أرزاقِ الشعب الكوردي عمليةٌ قاسية جدًّا".


وأشار الرئيس بارزاني إلى أن، ثقافةُ اعتبار الشعب الكوردي دخيلًا على البلد. هذه الثقافة التي أدّت إلى الكيمياوي والأنفال وتدمير القرى ما زالت باقيةً لدى بعضٍ من السنة والشيعة. والآن «الإطار التنسيقي الشيعي» هو الذي يقود الدولة؛ وقسمٌ منه يتحمّل المسؤولية.


وأكد الرئيس بارزاني أن الشعبُ الكوردي اعتاد مواجهةَ الاعتداءات عبر الزمن، وصار يمتلك مناعةً إزاءها. سيصمد الإقليم ويعاني، لكنه لن يركع، ولدى إقليم كوردستان الاكتفاء الذاتي، ولكنه يحتاج بعض الوقت. في كل الأحوال سيصمد الإقليم، ولن يساوم على حقوقه، ولن يركع لأيّ طلبٍ أو تصرفٍ عدوانيٍّ أو ظالم. بيننا دستور؛ فليكن هو الحَكَم. إن طلبْنا أكثر من الدستور فليرفضوا، لكننا لن نقبل بأقلَّ من استحقاقنا الدستوري. إذا كان الدستور هو الحكم فلن تكون هناك مشكلة. أمّا إذا تركْنا الدستور وانتقلْنا إلى المزاج الشخصي وفرضِ الإرادة؛ فمن يرفض الفيدرالية نرفض معه الدكتاتورية. وليجرِ ما يجري.

وبخصوص الدستوري العراقي قال الرئيس بارزاني: "لا أحدَ تعب على الدستور مثلي؛ قضيتُ شهرين في بغداد، وخلال وجودي تعرضنا لـ36 هجومًا صاروخيًّا من الإرهابيين. تحملنا. قلتُ حينها: الدستور ليس خاليًا من العيوب، لكنه مقارنةً بدساتير المنطقة والعراق قديمًا دستورٌ رائع، متطوّر، ويَفي بالغرض. وفيه من الإيجابيات ما يكفي لتأييده. فليس من المعقول أن أتخلى عن دستورٍ تعبتُ عليه أكثرَ من أيّ شخصٍ آخر. أمّا المحكمةُ الاتحادية، فليست محكمةً دستورية؛ إنها تعود إلى زمن بريمر، وقد أصبحت بقراراتها محكمةً مُسيّسةً ومتحيّزة، تستهدف الإقليم وتفكيكَه؛ لذلك رفضْنا قراراتها. المرجعُ يجب أن يكون «مجلسَ الاتحاد» الوارد في الدستور، ويجب تشكيلُه في المرحلة القادمة".

وأوضح الرئيس بارزاني بأن هناك خلطٌ وفوضى. كلُّ واحدٍ يعتبر نفسه دولةً؛ لدينا «دويلاتٌ داخل دولة». ضاعت الأمورُ فعلًا، ولا أستطيع الإجابةَ بدقة. «الدويلاتُ داخل الدولة» هي المسيطرةُ وهي التي تقرر للبرلمان والدستور والحكومة… هذا واقع.


وحول المؤامرات التي تحاك ضد الحزب الديمقراطي الكوردستاني في بغداد لإبقائه خارج تشكيل الحكومة العراقية القادمة، قال الرئيس بارزاني: " طبعًا، وعندنا معلومات. لكن الأفضل لهم أن يفكروا مرّتَين، وأن الحزب الديمقراطي كشجرة البلوط؛ يصمد أمام كل التحديات والصعاب. هذا التآمر - الذي نعرف تفاصيلَه - لن يؤثر في الديمقراطي، والديمقراطي الكوردستاني سيواجهه بجماهيره، وبرنامجه، وإرادته، وتاريخه، وواثق أن «الطوارئ» لا تؤثر في الديمقراطي.

وبشأن مدينة كركوك الكوردستانية أكد الرئيس بارزاني: " كركوك كوردستانية - مدينةٌ عراقيةٌ بهويةٍ كردستانية - وهذا غير قابلٍ للمساومة. المادةُ 140 لا تُنسى بالتقادُم؛ هي حيةٌ وتبقى حتى تُنفَّذ بحذافيرها: تطبيع، إحصاء، استفتاء. لا نطلب أكثرَ من ذلك. أمّا احتلالُ كركوك أو اغتصابُها أو تغييرُ ديموغرافيتها فمستحيل - ولو نجح مؤقتًا - فلا بدّ أن يعود الحقُّ إلى أصحابه.


وأكد الرئيس بارزاني أن منصب رئيس جمهورية العراق، معنويٌّ ورمزيٌّ. بعد الأنفال والقصف الكيمياوي وتدمير آلاف القرى، كان أن يصبح كورديٌّ رئيسًا للجمهورية أمرًا معنويًّا. من حيث الصلاحيات والتأثير، رئيسُ البرلمان أهمُّ من رئيس الجمهورية. والموضوع ليس شخصيًّا؛ صار عرفًا أنه استحقاقٌ للكورد. القبولُ أو الرفض يعتمد على الأطراف الأخرى وعلى موقفِ الكورد.

وحول التعايش في إقليم كوردستان قال الرئيس بارزاني: "هذا التعايشُ بين المكوّنات ثقافةٌ ورثْناها من أجدادنا. نفتخر بها ونعتزّ ونحافظ عليها، ونعدّها من أوْلى أولوياتنا، وسندافع عنها بكلّ ما أوتينا من قوة، والشعب الكوردي شعبٌ مضياف، مُسامِح، نقيّ القلب. ما تعرّضَ له شعبُنا عبر التاريخ كان كفيلًا بأن يجعله مختلفًا، لكن بعد انتفاضة 1991 ازددتُ فخرًا بالانتماء إليه؛ فالفيلقان التابعان للجيش العراقي اللذان ارتكبا الجرائم في كوردستان وقعا في الأسر، ولم يُؤذَ واحدٌ منهما ولم تُوجَّه إليه كلمةٌ سيئة؛ سامحْناهم. هذه طبائعُ الناس قبل قرارات القيادة.

وسلط الرئيس بارزاني الضوء على حادثة قرية «بدْيال» المسيحية مع أنفال البارزانيين قائلا: "القريةُ مسيحيّةٌ بالكامل، لكن أهلَها يلبسون مثلَ لباس البارزاني، فلا تكاد تفرّق. حين سِيق البارزانيون إلى الجنوب، كان بينهم مجموعةٌ من أهل القرية. قيل لهم: أنتم مسيحيون، عودوا؛ فقالوا: نحن بارزانيون، حياتُنا ومماتُنا مع البارزانيين. وفعلاً استُشهدوا معهم وعادت رفاتُهم معنا. اختاروا الموتَ مع البارزانيين على «حياةٍ» بتلك الطريقة. هذا معنى الوفاء والتعايش.

وأكد الرئيس بارزاني أن الشعب العراقي ليس مع هذه السياسة الرسمية للحكومة أبدًا. ونفخر بأنه - رغم الإجراءات الجائرة والظالمة والدكتاتورية ضد الشعب الكوردي - لم تفلح الحكوماتُ في صناعة عِداءٍ بين الشعبين الكوردي والعربي. هذا إنجازٌ كبير يجب الحفاظُ عليه. الخلافُ مع الحكومة لا يعني الخلافَ بين الكورد والعرب.

وبشأن تشكيل حكومة إقليم كوردستان قال الرئيس بارزاني: "مرَّ عامٌ على انتخابات الإقليم، وكان مؤسفًا ومضرًّا بسمعة الإقليم ألّا تتشكّل الحكومةُ حتى الآن. بعد الانتخابات دعا الحزبُ الديمقراطي جميعَ الأطراف الفائزة لتشكيل حكومةٍ ذات قاعدةٍ واسعة؛ أكثرُهم اختار المعارضة - نحترم خيارهم. بقي الموضوعُ بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني. جرت لقاءاتٌ وشُكّلت وفودٌ من الطرفين، وتوصّلنا إلى اتفاقٍ جيد حول إدارة الحكومة - وهذا مهمّ - ثم حول توزيع المناصب بإنصاف، بل بأكثر من استحقاق الاتحاد انتخابيًّا. ومع ذلك أوصيتُ الحزبَ الديمقراطيَّ بأقصى درجات المرونة. لكننا رأينا مماطلةً وانتظارًا لما بعد الانتخابات الفيدرالية - ربما بناءً على تصوّرٍ بهزيمةٍ للديمقراطي وتحالفاتٍ تمنحهم كفّةً راجحة. إن صحَّ هذا التصور فلن يُجدي. وهذا سببُ عدم تشكيل الحكومة.

وأكد الرئيس بارزني أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ليس قلقا من الانتخابات إذا لم يحدث تزوير. وإن حدث تزوير فسيكون لنا موقفٌ واضحٌ جدًّا. المرة السابقة كان عندنا 33 مقعدًا، وسُرق منا مقعدان بقرار المحكمة - تحمّلْنا. أمّا هذه المرة فمستحيل أن نقبل التلاعب بصوتٍ واحد.

44