في الذكرى الخامسة عشر لتأسيس تيار المستقبل الكوردي .. أين أصاب ومتى أخطأ

في الذكرى الخامسة عشر لتأسيس تيار المستقبل الكوردي .. أين أصاب ومتى أخطأ

May 31 2020


- لقد تأسسس تيار المستقبل الكوردي في سوريا بتاريخ ( ٢٩ - ٥ - ٢٠٠٥ م ) على يد الشهيد مشعل التمو ، وكان بمثابة حركة التمرد على الوضع المزري الذي تمر به الحركة الوطنية الكوردية في سوريا منذ إنطلاقتها في 1975م
- سبب وجود تيار المستقبل الكوردي

- بعد إنطلاقة الانتفاضة في آذار 2004م ضد النظام وشبيحته في مناطق متفرقة في سوريا على خلفية الإشتباكات التي حدثت بالأيدي بين جماهير فريقي الجهاد ( القامشلي ) والفتوة ( الديري) ومشاركة جميع الجماهير الغفيرة في هذه الإحتجاجات سرعان ما تحولت إلى إنتفاضة شعبية عارمة بدأت شرارتها من القامشلي وانتشر في جميع المناطق ذات الأغلبية الكوردية وصولاً إلى حلب ودمشق وكان سبباً مباشراً في دفع الشهيد مشعل التمو ورفاقه نحو الإعلان عن تيار جديد ليُعبّر عن تطلعات وآمال الشعب الكوردي في سوريا .

- مسيرة الإعتقال ومواجهة القضاة داخل المحاكم

- أعتقل مشعل في عام 2008م نتيجة تواصله مع النخب الكوردية الشابة والوطنية المعارضة لدمشق ، وبادر بفتح القنوات مع السفارات الأجنبية في دمشق وتحديداً الفرنسية والأمريكية ، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهم النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي الوطني ، لكن أفرج عنه لاحقاً في شهر يونيو عام 2011م لتخفيف وطأة حركة الإحتجاجات العنيفة في المناطق الكوردية في سوريا واغتيل في 7 أكتوبر 2011م من قبل ضباط النظام السوري في مدينة القامشلي ، وشكل ذلك شرارة كبيرة لاشتعال الشارع الكوردي و الخروج في مظاهرات تنادي باسقاط النظام وقاموا بإسقاط تمثال المقبور حافظ الأسد في عامودا وأخذت الأوضاع في المنطقة منحى أخرى واشتعلت جميع المدن الكوردية ضد حكم ونظام بشار الأسد مطالبين بإسقاطه ومحاكمته .

- الخطأ السياسي والوقوع في الفخ

- لاشك أن الشهيد مشعل التمو كان ذو طموحات كبيرة وأفكار واسعة وعُرف عنه بأنه شخص مثقف وشجاع وكان يتهيئ لانتخاب نفسه لرئاسة الجمهورية لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن ، ماقدمه الشهيد مشعل التمو للشعب الكوردي من كسر حالة الخوف والترهيب الذي زرعته أجهزة النظام الأمنية في نفوس الناس لم يكن بعمل قليل لكنه كان بمثابة فخ وقع فيه ، ولربما كان يهمه نجاح مشروعه بغض النظر عن الكوادر المشاركة في المشروع ، فاعتمد في مسيرته النضالية على العديد من أناس ذو خلفية غير معروفة ، ومعظمهم كانوا مكلفين من الأجهزة الأمنية لمحاولة ضرب مشروعه من الداخل والإطلاع على تفاصيل حياته السياسيه وهذا كان خطأ كبير وقع فيه الشهيد مشعل التمو بسبب إبتعاده عن النخب العشائرية والمجتمعية رغم محاولته لذلك ، فاعتمد وقتها على مجموعة غير نزيهة ويعتبرون من ( حثالة المجتمع ) مع وجود عدد قليل جداً من الفئات الشابة الذين أعجبوا بمشروع مشعل ووقفوا معه حتى يومنا هذا ، وهذا خطأ كانت فاتورته غالية جداً فتمكن النظام من رصد تحركاته من خلال هؤلاء الحثالة ، ومن إستهدافه مع رفاقه داخل الإجتماع في 2011م وعلى أثره دفع دمه ثمناً لهذا الخطأ ، وبالإضافة إلى إبتعاده عن الإجماعات الكوردية السورية في بداية الثورة السورية ، واصطدامه بأحزاب الحركة الوطنية الكوردية ، وحزب الإتحاد الديمقراطي رغم أن المراقبون يعتبرون ما قام به عمل شجاع لكن في المنطق السياسي كان خطأ لا يغفر عليه ، ووقع في مواجهة مباشرة مع جميع الأحزاب الكوردية و ترك فرصة للنظام للإستفراد به ووضعه في زاوية ضيقة ، ومن ثم تصفيته على مرأى ومسمع الجميع .

عائلة مشعل التمو وترك المسيرة لضباع العصر

- بعد أستشهاد مشعل التمو في 2011م وبروز إسم تيار المستقبل الكوردي على مستوى الدولي والوطني والكوردي ترك خلفه مسيرة حافلة بالانجازات والصمود في وجه النظام ، ودخل التيار ما بعد 2011 م في مرحلة جديدة ، واصبح تحت بوصلة الدول المهتمة بالشأن السوري ، وتقاتل رفاق الأمس على الإرث والمصالح الشخصية ، واتخذت عائلته وضعية المزهرية في عدم تحملهم المسؤولية التاريخية التي وقعت على عاتقهم بحماية الإرث الذي تركه الشهيد مشعل التمو ولأسباب كثيرة تشتت التيار وأصبح فريسة بين صراعات شخصية تارةً ، والتعارك على القيادة ودخول الأجندات المختلفة في مشروع السياسي .

- إن التاريخ لن يرحم وسيلعن جميع من تورط في الفشل ، و عدم المحافظة على وحدة التيار تحت قيادة موحدة مما فتح الطريق أمام تسلق النخب الجديدة ، والبعيدة عن أفكار و مشروع التيار ، ومحاولتهم تغيير البوصلة وفق ما يتطلبه مصالحهم الشخصية و الآنية .

- الخلاصة : هناك ثلاثة فئات يتحملون مسؤلية ما آلت إليه الأوضاع داخل التيار ، أولاً العائلة التي أخفقت في تحمل المسؤلية نتيجة حالة التقلص وانعدام الخبرة السياسية ، وترك الساحة للضباع ليقوموا بنهش جسد التيار وقطعه إرباً إرباً
- و الثانية تقع على عاتق الرفاق القدامى لمشروع مشعل التمو الذين أبتعدوا عن الساحة وتراجعوا جانباً نتيجة الضغوطات التي تعرضوا إليها فجائت الفرصة لفئة أخرى للسيطرة على التيار وجعله جسر لتنفيذ أجندات الآخرين

- أما الثالثة فتقع على عاتق من بقيوا داخل المشروع وفشلوا في قيادته ، وتحديد بوصلته وفق ما تتطلبه المرحلة، فجميع هؤلاء يتحملون المسؤولية بشكل مباشر ، كونهم تركوا جسد التيار للضباع لينهشوا كي لا يبقى أي أثر له في مسيرة النضال الكوردي في سوريا .

علي تمي
مؤسسس منظمة كوباني لتيار المستقبل الكوردي في سوريا في 2007

المقال يعبر عن رأي الكاتب

523