سريالية عشق تجبر

سريالية عشق تجبر

May 22 2020

سريالية عشق تجبر
وليد حاج عبدالقادر - المجلة الثقافية الجزائرية

(الى حفيدي چيار گوران وليد في سنته وعيد ميلاده الأول .. شغوف لقبلة أطبعها على جبينك طفلي العزيز)

كان منشرح الصدر ونبضات قلبه تتواتر برقة وحنينية ، وأحاسيسه تتفاعل بسلاسة كما تلكم القبرات تنطن نطا ، هكذا كانت هي مسامات جسده التي تهفو الى تلك الرقصة الصاخبة و – خالو فرماني بمبي ١ – يدور في حلقاتها بعنفوان يوازي ضجيج هيامك التي أججتها .. نعم لقد اججتيها ايتها الفاتنة وها انت – كچي – ٢ الجميلة وكعادتك تنطين ياالرائعة انت أقسم ! تنطين .. ترقصين وعيناك ياالحب الذي تجذر وبات هياما وانت لازلت .. اجل لازلت مصرة حبيبة أضحيت ، وها انت وبفصاحة لسانك أقريت ياالعاشقة والهيام قد طوقك وانت ! ألله ياالجميلة وها أنت مع النسمات تتمايلين كفراشة وكلك قلق منها تلكم الفراشات الأخرى .. جميلة وحق الإله بمحيا إمرأة كاملة النضج وبراءة طفلة جمالها تشي بروحية الملائكة وهفوف الزنابق تتمايل وتنسجم في وحدة أنيقة بألوانها ، خمائل أضحيتن ياالزنابق وانت يااألله ؟ كم انت انيقة وجدائلك بخصلات الشعر تعزف على اوتار هذا القلب المثقل بأناقة عاشقة يرنو اليها بكل احاسيسه ونبضات قلبها تعزف له ذات الأنشودة وهي انت ياالجميلة تغنين – evîniya xelk û alemê ji dev û lêva ye lê ya min û te ji dila – .. ٣ رف من الفراشات تتطايرن ظننته فزعا ولكن ؟ الرف كله ! اجل هاهو الرف كله يطوقنك ياالجميلة انت .. موشور متكامل لألوان مركبة وبعضها بسيطة وهي الروعة الذي طغى على وجهك جميلتي ، وخدودك تأشكلت ببصمة مؤشكل بارع في مزج كل الألوان وانت كما انت هاقد اصبحت سيدة اللوحة كما هو شموخك ياالرائعة وأنت بقامتك الهيفاء تعتلين صحن الجمال كما ربيبتك ملكة القلوب وصانعة هوس عشق استدام وبت انت كما كنت وهي آه منها ژين وهاهي خجي اجل خجي هاهو الجبل يشمخ والصدى يلف كزوبعة وهي بذاتها كانت سينم تحاكي بهاء جمال أدرك بكل حواسي كم اعشقك .. لا لا كم عشقتك وباتت ملامحك طيفي المستدام ، وهو القك ياالفاتنة ومحياك المنعكس من فضاءات توازي علو القمر لابل هو القمر الذي ينعكس فيه بعض من بهائك ! .. ليتك تدركين بما ايقظتيه في جوانية هذا القلب المثقل .. ليتك .. ليتك ٤

حسينو ماذا دهاك ايها الحائر إن في عشق او تيه غربتك فيها الحياة عن الحياة ؟ ماذا حل بك وهذا الضوضاء الداخلي يلف بك من حنين إلى ألم ؟ ! . وكمن فقد السيطرة على مشاعر اختلطت فيه دنياه وتاهت ودارت فيه كما عجلات عربته التي أضحت تدور وتلف به فتدور من منعطف إلى انحدار كما حالة حجر الرحى فيك أيتها الطاحونة والماء ينحدر معه الماء فتعتصر حبيباتك ياالقمح والسمسم وهكذا جوارحك تجترح آلاما لتعيد بك العجلة من جديد .. ألله !! .. ياالعجلة ! .. أجل ! هي مجاميع الإنحدارات تخالك تتدرج فيها من أعلى تلتها عين ديوار ٥ بالهوينى بداهة ، وهواء دجلة العليل يلفحك فتنثر بقايا رائحة استدامت من فوح لزهور مبعثرة كانت ، بعضها لاتزال يانعة إن بجوار الينابيع الصغيرة المتدفقة او بقايا برك الثقلين وحوالي شط دجلة ، وما فاتك مطلقا أنين بغليك كما قدميك المتعبتين أصلا ، وهمهمتك حينما تواجهك تلك التبات الصغيرة .. أجل حسينو .. هم الكوجر من برع في وصف الوقائع وربطها بدقة رائعة إن مع الحجر أوالجبل والماء ، وهم أيضا أجمل من شبه بعض حالات الحيوان وسخرها مقارنة مع ممارسات الإنسان ، هو ( mihil ) اللهفة والإشتياق وتراتبيات الحنين وهذا المنحدر السريع المودي بك بعنف رغم بقايا تلكم الحجارة و .. آه ياالجبل انت وهذا النهر وهي بوطان العشق وتلكم الشجيرات التي تتدلى اغصانها بوهن تحت ثقلك ياالرمان .. حسينو .. حسينو .. ظنه صوت أتاه من أعماق ضجيج المكان او ! لالا .. هي أصداء أرواح تشبثت بالمكان وترانيم اصواتها كما ارواحهم تلف وتدور لتخترق أسرار المكان ، فتوحي لكل محب وعاشق بأنهم لازالوا أحياء يلعبون ويأكلون ، يتنفسون ويشمون وهو العشق وديدنه حسينو – خولي سر – ٦ مابالك وهذا الصباح والمنحدر يزحف بك إلى لا أدرية وهاهو النهر بعظيم سيلانه والموج يتدفق فيخلق موجا متتاليا ، والضفة تمتد مستقيما وتتكوع وفقاعات من الماء تتشكل وتزول كما آلامك الموجعة وهذه البسمة ، وانت عيناك قد التقطتا تلكما السمكتين تهاجمان بعضهما وتتصارعان ولا تلبس كل واحدة تدور سابحة عكس الآخر و .. هي اللهفة ايها المتذاكي .. أجل – bê mejiyê bê mejì – ٧ انهما يتكوعان ويلفان منفردين كل بأقصى سرعته وما ان يقتربان وجها لوجه حتى تتوه فيهما حركة الفم وتتداخل الغلاصم تسرد أبجدية لعشق يصعب على امثالك أيها المتذاكي ان يستوعبها القا .. وقف على تلك التربة الصغيرة التي انحدر منها ذات يوم سيارة ذلك الديركي ، ولولا هذه الصخرة الملعونة المنتصبة كحارس أزلي لكان الوادي قد ابتلعتهما للسيارة وصاحبها . نزل من العربة .. رباه يا لألمك أيتها الركبة اللعينة .. قر حسينو ! .. نعم قر ايها العطار وانت تلف كما دواليب عربتك : اجدادك ما كذبوا حينما قالوا : بداية الهرم ليس وهن الذاكرة وجراحات الإنفعال بوهج اعصابها بل هي كما ذاتها وجع ركبتك أيها المتفذلك انت ..

هل تتقصد هي ذلك يا حسينو ؟ ! أم هي بالفعل مجرد بالونات اختبار رمتها وهي تقهقه في دواخلها بلا إبالية وهاهو الضنك قد أخذ منك فيجفف بقايا تلك الذرات كأمل تتشبث به كنت وانت تصارع حنينية وهنت فيك كواهلك ! .. لا لا حسينو ! وحق مير – آفده لي – ٨ ليست هي من تفعل ذلك وهي الغارقة اذلا في محراب عشق ما وهنت سماهها تشي بها مجرد ان تطفو في الآفاق ملمح يوحي فيك واليك ولكن ؟! هو أنت حسينو التائه في دروب متداخلة والبغلين يجرجران وكل تتحكم به بوصلة اختلطت فيها الإتجاهات ! .. ويحي ؟! .. أيها العطار انت ماذا دهاك اليوم وقد غدوت كمراهق تتسوح في الطرقات والظلام قد طوقك وها انت رغم الضجيج والأنوار المشعة حتى السموات السبع وطائرات تسير من فوقك تتمختر في استقامة وهي تحلق في عتبات السماء . و .. وسط كل هذه الحركية وصدى حفيف باهت مصدره تماوج لبقايا أشجار واهنة بانت فيها عروقها المتعبة واوراقها الذابلة كما احاسيسك المبهمة لكنها الغاشية بتفاصيل عبوسك وتموجات افكارك المتلاطمة … ! ! .. نعم هو حسينو العاشق وهو ادرى وكجهاز حساس يستشعر عميق الهزات مهما كانت مخفية في الأعماق او طالت فيها مسافات البعاد ! ومع هذا ؟ كان لا يدرك حقيقة مدى تغول الألم من جهة وصميمية عشق كان قد أفرد لها من جملة ما أفرد : حبا أخاله سيصمد مستداما لما تبقى له من حياة .. هي المرارة وتلابيب حزن أخذ يجرجر معه خيباته و … حسرة لربما سيراوده ابدا !! هل عجز عن استيعابها عشقا أو أن الهوى قد أطاح بما تبقى لديه من أمل ؟! .. ما كان انانيا مطلقا ! وعمره ماكان سوى كمجهر يستكشف به ذاته أولا .. كم معذب انت ! كم تؤلمك لحظاتك هذه وانت لا تتعلم ! كم تحب من صميمك غفوة .. و .. تدعو لها من كل قلبك بالأمل و … ياالبغال العتية كم أقرف فرفرتكما وكأنكما تتقولان علي ! لابل لعلكما تقرآن أفكاري وتقهقهان بسخريتكما الممضة التي علمتني اياها ايامي الطويلة معكما ! .. رباه ياالنجوم الموشاة طرزا ذهبيا وسواد كاشح موشاة كما حواجبك الكثيفة وذلك البياض المتألق وسواد بؤبؤتيك ياالعاشق انا لها وأجزم ! نعم أجزم ومعي هذين البغلين المشاكسين .. لا لا .. وكل القرية ، لابل ، القرى بأنك لست بالمطلق دوني هيام .. كم اهيم بك ! كم أيهم بك وحق الإله ان… وجفل البركيل اليسراوي ليحطمم سلسبيل النجوى وتتداخل مقاطع الحروف مع نطق الكلمات …

أيعقل أنها – بانه قسر – القرية الجميلة هي ؟! لا ؟ بلى ! هي .. هي عينها ! أنظر أنظر ؟ هاهي على يمينك تلكم الأشجار / سبيندار / تتسامى على ناصية الجم وخلفها بازندان ٩ القرية هي ايها العطار أنت وتلكم الشجيرات تحوطها دائما شتلات الورد الجوري الرقيقة ملمسا والموخزة شوكا ووريقاتها تتناثر فواحة !! .. كم مرة قالتها لك خوخي – سر مظنو – ١٠ أقطف الوردات الآيلة للتفتح ودع المنفلقة لمحيطها .. فرك حسينو عينيه جيدا وأخرج رأسه كلية الى خارج العربة يتأمل المحيط ، هما المقبرتان وشيتا بحقيقة المكان ومعها ذاك المفترق المتشعب كبوصلة تهتز باتجاهاتها ، وهي بانه قسر وعقدة سيرها ومرسالها ان لديريك او باجريق ، بازندان وبورز ، او ! ومن جديد هي عين بازوق او ذلك الطريق المختصر حيث برك ، لا لا ، هي باجريق .. ١١ ومن جديد ها انتما ايها البغلان المشاغبان ؟ .. فر .. فر .. فر ، لعنة الله عليكما ياالدابتين ، نعم هو عينه ذاك الطريق حيث برك الضيعة بساقيتها و/ آشي آڤي / ! أجل أجل ! ولكنها انعطافة بسيطة ايضا ومن جديد ستكون هي قرية برا بيظة وطاحونتها المائية – آشي آڤي – ومنها لا ؟! .. ١٢ حتمي ان تقدك الدابتين اليها قسرديب او دعها أيها المقتفي أثرا تحدد التوجهات فهي باجريق ومنها مالها وعليها كانت ذات يوم في عشقها خوخي وهذه الطاحونة تجري برحاها ونفس الساقية المغطاة كانت والسمك مع القراش لكنها ماضاهت تلك الجعجعة – كورم كورم – وحلقات الدخان كانت قد بدأت تتصاعد وما دريت لما ذكرتك حلقات الدخان بلونها الأسود ذلكم الحلقات وحمدت ربك قائلا في سرك : حمدا لله أن – خليلي مكينجي الباژاري – يرتدي ذلك العگال الحجازي الأصفر . نعم حسينو ! كنت واقفا تتأمل تلك الحلقات وجدار المطحنة الكهربائية كيف اعتلى بها الحلبي وتشابكت حجارة مزكفتا كڤن مع بيت محي ايرسي وفي مد النظر هي الكروم ذاتها التي تضفي بألوانها الفصلية خضراء تكون ربيعا وتتحول بالهوينى الى بقع صفراء تكاد ان تميزها ولتندمج فسحاتها كلها مع جذوع الكروم والدوالي فيضفي البني الغامق بهجة تشي باخضرار قادم دون ادنى شك ! .. ما كنت او لا تدري ما الذي يوقفك متسمرا وضجيج بغليك وما تنوء بها العربة من ثقل حمولتها الا انها كانت رغبة في التشبث وانتظار امر حتى اللحظة لا تدري دوافعها الا حينما بان الرتل القادم صوب المطحنة حمير وبغال والبعض ينوء تحت حمل كيسه ومنهم كانت خوخي من تبتغي مثل الأخريات طحنها ، هرعت اليها وعيناها مسبلتان أسفلا وخطفت الكيس وهي ارتبكت قليلا لأنها ما رأتك أو درت من تكون وماذا تبتغي .. حررتها من الكيس وهرعت بها الى الداخل وهي تناديك وتسير وراءك وليستوقفك احمد الحلبي يصرخ فيك حينما هممت ان تصعد الدرجات الى الأعلى : لحظة ، لحظة ! الطاحونة لا تطحن ! تسمرت في مكانك ، وخوخي وجمت تتطلع فيكما كالبلهاء لا تفقه بالذي يدور بينكما ، وكثر اللغط بأن المطحنة معطلة وسيلزمها اكثر من يوم لتصليحها ، تداخلت الرؤى والإحتمالات مع تأفف بعضهم وآخرون منهم خوخي فهم بحاجة ماسة للطحين ، بعضهم قرر الذهاب الى طاحونة زغات وآخرون الى بربيظي وانت .. نعم انت ايها المتشاقي كانت عيناك فقط تتلقط خوخي وقرارها .. أشرت عليها في الذهاب الى بانه قسر .. ترددت وهي محتارة ومرتبكة .. لم تعرها اي انتباه فقط عدت بكيس القمح ووضعتها في فسحة العربة وصعدت تنتظرها .. هي الرحلة كانت حسينو وهي الملامح ترسخت فيك وبك وهي نقاء عطرها غير المتبرج وهاهي نسمات هذا الصباح وجرجرة بغليك بك الى هذه البقاع وكل ما تتذكره من ليلة الأمس أنك كنت على نبع مامشور ونويت ان تربط البغال بشجرة التوت العتيقة وفضلت الإستراحة قليلا ، ولتأخذك الغفوة التي طالت كثيرا وها انت في عقدة ترحال وما عليك سوى تحديد الجهة التي ترغب .. لتكن حبلحوا فقد اشتقت له حاجي احمدي حبلحوا وطرائفه المسلية .

كل ماكان يخشاه أن يستيقظ ذات يوم على خبرين لا ثالث لهما .. لا لا أيها المسطول أنت ! هي أخبار وقد تعددت فيها معانيها ! ولما لا ؟ فهي الجميلة وشعرها كخميلة متراصة تمتد فيها طولا تلكم الجدائل بالتفافات ذاك الشعر المتفحم وهو ينسدل وبعض من نواعمها قد توسمت كخنجرين كرديين تعلوان عينين ربااااه ياالعينين انتما وقد تداخلت فيهما مما تداخلت ذلك الألق السوداوي ككرتين مشعتين تخالهما لؤلؤ لابل عقيق يشع بخيلاء ذكائه فيتدرج البهاء منهما الى الخدين فتتوه فيهما الألوان بين حمرة تخالها حمى او خجل الى زهر يتفتح بكبرياء الجمال فتتفتق زهور الكرز عنهما ياالله في علياءه والشفاه تتضمخ شهد تخاله او لربما هو بذاته ذلك العصير الممزوج بماء ورد ومن جديد قد خلط بعصارته الكرز .. قف ! تمهل ايها العاشق انت وقد خليته لذلك المسكين حبيبي صنعاني تائها في طرقاتها ارمنستان وملايي باتي ينشد ليلاه في تلكم الدروب الملتوية ومنحنيات جبالها ، هي باتيشاه نعم باتي وانت ماكنت ولن تكون لا لا لن أكون لها سواه مم ١٣ أناجي شفقا وقد طلطل بنور شمسه يخترق عزلتي ، حفرتي ، قصر آهاتي ودندنات أنفاسي .. هي ليلاك أيها العاشق وانت في سرمدية اوجاعك تائه بين قبقبة الحجل تلعن أجداد أجدادها وأنين – حيرانوك – وآهات سينم الموجوعة غدرا هي بين فحيح آدميين قالوا هم كانوا أم ؟! ماذا بعد ايها المتفزلك أنت الباحث أبدا عن فجاجة فصحى تدبلج بها أناقة او صف للكلمات وبمخيالك !! لا لا لست العابث ابدا بمخيال لها العاشق انا اتشبث في كلية لقامتها ، هائم بها أقر ، نعم ، هي الملكة في عروشها وصفائح القلب تضخ لها دقات عشق متراتبة وبحيوية توازي ذلك البهاء وتعانق جمالا تدفعك بغريزية تشتهي معها لو ان الكلمات تحولت كما جدائلها بين يديك فتنطق عوضا عن هذه السفسطة عبارات ذي جرس شعري غناء ، ولكنها من جديد ايها التائه في محراب خاني وأنين سيابوش فتسيل منك الدموع عبرات تلي عباراتك وتغني لها كما تغني لك هي أري يادي ت بخوكي و ت بخوديكي ١٤.. كم تحبها أيها العطار ! كم عشقتها أيها المتشرد لالا !! كم تحبها ؟! أيها الغبي أنت ؟! عمره حبك لا يقاس بالميزان .

الأرض بدت وكأنها أشبه بكتلة صخرية وقد تقلصت وتصلبت وهاهي طبقة رقيقة وقد تشكلت وبدت كأنها من رذاذ تموضعت على شكل حلقات بيضاء متداخلة ملساء حينا وذي نتوء أشبه برؤوس دبابيس حادة في أحيان أخرى كإنعكاس طبيعي لبيئة رطبة وقد تحكمت فيها رياح جبلية قاصفة عاصفة من شدة برودتها ، هذه الكتل المتدرجة من الهواء المنحدرة بالتتالي وأشبه ما تكون كحلقات يدفعها الجودي بعنف وأزيز يعرف كيف يوجع الأذن حتى في اعماق باطنه .. نعم أنه القارس بعينه وقد ارعب حتى تلك النتوءات فتداخلت ككتل من جديد مشكلة حلقات تلو حلقات تغطي المساحة بشكل متقطع ومنقاة بحيوية وبراعة .. نهض حسينو من نومه لا بل لنسمها من غفوته المريحة قليلا على عكس الدابتين المسكينتين اللتين انهكتهما حقيقة صعيق هذا الجو من جهة والهواء بأزيزه القاصف بالرغم من الجهود العبثية التي بذلها حسينو ليلة أمس حينما اضطر اذا ما أقرينا بأنه اشتداد هذا القصف المتجلد وقدرة هذه البهائم وإن كانت قد تعودت كثيرا على هكذا مناخات !! ولكنها وللحقيقة ليلة غير كل الليالي الماضية منها والغارقة في ذكريات زمنها ، ولكنك أيضا أخطأت قليلا حسينو لما لا تقر !! نعم الليل هو من نهاره ومقدمات هذا الزمهرير كان اكثر من واضح لابل ولمرات خانتك حتى ارديتك التي تستطيع ان تصارع بها كثبان الثلج خذلتك واصطكت اسنانك اكثر من مرة لولا تلك الغصينات وبقايا عشب وقد جف والنيران التي اشتدت واشتدت لتقترب جذوتها من الإنهيار فمددتها من جديد وهنا هي عينها كانت الغلطة … لا لا والله هفوة وليست غلطة وتلكما الدفايتين على شكل رداء / سرج كان يكفي للدابتين لو أنك / أقله ربطت الدابتين قرب النار وجعلت العربانة ستارا بينهما والهواء اللافح .. ألله نجو .. نجو كولك والله صدقت في حذرك وحزرك وهاتين القطعتين اللتين جعلتني أشتريهما منك وانت تقول بإصرار .. خالي حسينو !! إنهما رخيصتان خذهما .. اشتريهما لدابتيك وغطهما في الشتاءات العاصفة .. نعم حسينو !! وهل هناك عاصفة أقوى من هذه ! نهض بتثاقل وتطلع حواليه .. الضباب الكثيف قاتل .. لا تكاد ان ترى سوى لأمتار محددة … تطلع في الرماد الذي ترطب وبقايا عشيبات قليلة .. الشيء الوحيد الذي ماخاب فيه ظنه أنه يعلم بمدى توفر بقايا العيدان و / قورمك / في هذه البقعة فانطلق باحثا وهو يلملم ما يصدفه ومع عودته كان الضباب قد أخذ ينقشع قليلا وكان يعلم منذ ليلته بأنه إنما قاب قوسين أو أدنى من كركا ميرو القرية المحدثة ومامه شور من خلفه لذا آثر التحرك من موقعه فيلوذ بتلة كركا ميرو يتستر هو ودابتيه بهما حتى منتصف النهار فانتزع القطعتين وغطى كل دابة بواحدة منها وانطلق وسط تحطم طبقة الجليد الناعمة والمتشكلة إن من بقايا فضلات الدابتين أو تلاطيش الماء المنسكبة عفوا ….

أتأمل النهر بشاطئه المتماوج وإن بدا هادئا بانسجام كانعكاس لتلكم الأنوار فتوحي لا بل تودي بي الى حيث انت وقد قلتها لي بالأمس إنه النهر ايها الفارس البعيد انت فأتذكرك يا الحورية كنت ملاكا حينها وانت تتلهين في بحرك … نهرك … بحرنا … نهرنا … عينه السفان كان فأرمى عليك وشاح جماله الأخاذ ومعه تاهت العينان ، نعم خوخي !! تاهت العينان في لجة جمال لا حور كان في اسوداده ولا ذاك الإخضرار الأخاذ .. نعم أنه البحر .. النهر أيضا سيدتي !! وتلكما العينين اللتين أطاحتا بكل عدسات النظارات وتلوناتها ومهما تفننت يا الجميلة انت ان : تخفيهما تلك البؤبؤتان ، لابل أنهما طغيا وبعنفوان حاكيا ردة فعل البحر .. النهر ومده في برزخ قمر صرخ بأعلى صوته .. أنا هو الأحلى .. أنا هي الأجمل سواك خوخي هما كانتا ذينكما العينان وقد أطاحتا بعنف دوامة الماء وضجيج الموج هما كانا شعاع عينيك ايتها الفاتنة !! .. القمر !! ضج وغار وحرد .. ومع كل ذلك لابل ولكل ذلك خوخي في عينيك لازال الألق وقدود النيران كما جموحها ومهما خمدت فيها براكينها ، إلا أنك تبقين كالبركان الهائج بلا منازع .. اهليلج دائري تلاقح مع دوار القمر .. والقمر رباه !! تلكما الهامتين !! لا أدري كتلتان شامختان تتقدمان بأنفة وكبرياء تزمجران بغنج ودلال .. جمال طاغ وكيان مرتسم بريشة رائعة تعرف كيف تزرع لابل تخلق نبضا ناطقا فتهتز معها تلكما الكتلتين البارزتين بتؤودة فتخالهما شجرة التفاح تلك نفسها كانت في / موزلان / وقد أطاحت بأجمل وأروع ما أطاحت من شجرتها .. تلكم التفاحات …. أجل حسينو … هي الوجهة كما الإحساس الصادق الذي مايزال قلبك يئن نشيجا أزليا وعشق تلاقح كلما لاحت لك / جيايي بي خير / بعنفوانه ….

هههه ههه حسينو !! والله هاهو الطقس قد تحول في مجراه مثلما هذا الماء المتدفق في هذا ال / جم / قد فترت فيه حرارته ، عاد بالهوينى الى العربانة وفك لجام البغلين وأزاح عنهما كامل الثقل وبلجام بسيط ملفوف بمحيط رأسي البغلين جرهما الى حيث الماء ، بدا التمرد بداية عليهما بعدما اشتما رائحة العشب الطري والناعم وبدءا يأكلانها وسال اللعاب مع الفرفرة الغليظة وضجيج الشفط المرافق واللغط وحسينو يتأملهما مرحا وكأنهما طفلاه ليس إلا وقد غمرتهما الرياحة من جهة وتنسم بيئة راقية لابل وكأنهما في لعبة طفولية يلهيان ، رفع حسينو طرف ثوبه وحاول ان ينزل الى الساقية من زاوية يعرفها ، وفي الحقيقة تردد قليلا لابل أخذت القشعريرة تسري في أضلعه ، تردد ، نعم تردد كثيرا ، فلازالت ذكرى تلك الليلة البائسة و / جمي كركا ميرو / ماثلة في ذهنه وذلك التنمل الحاد الذي مس حتى اعصاب ظهره ، أوه حسينو / مال خراب / ماذا دهاك ؟! .. مد يده بداية !! أوف أوف !! والله فعلا / بيري كايي خوه سرشي كرا أو أفه كوري خوا زي زه خو راكريا / ١٦ ربط طرف ثوبه الى خصره ونزل الماء الذي غطى حتى صرته ومن ثم … تقدم و … وضع ثوبه جانبا و … ايها الغبي !! مابالك؟! لن تحظى بلحظة ساكنة ومن دون عيون تراقبك وماء لطيف ، إذن هيا أجلب قطعة من صابونا / كزوانا / واسرح بها على جسدك فتريح منها وعنها ذاك الغبار والوسخ المتراكم .. لا لا .. علي أن أبدأ بالبغلين أريحهما قليلا .. خرج من الماء وجرجر البغلين الى الساقية وعاد الى العربانة حيث جلب قطعة الصابون وتلك القطعة المجدولة من خيوط خاصة / ليفك / وباشر يليف جسد البغلين بلطف ويمسدهما بهدوء وروية لا يلبس ان يرشهما بالماء حتى بدا فعلا جسدهما يشع وتغيرت رائحة جسدهما .. اخرجهما من الماء … وتركهما من جديد يقضمان العشب الطري وحسينو باشر بعين تلك الليفة والصابون وبعد كل تلميسة كان يغطس في الماء !! مابال هذا الصابون لا رغوة له ؟! .. وللحقيقة فأن تراكم الغبار هو السبب حسينو قرها ! نعم فانت لأكثر من شهرين تعلم بأنك ما غسلت سوى وجهك ويديك وما تحت الإبطين ولهذا فكل يعلم بأن الصابون في هكذا حالة يلزمها عدة مرات حتى تأخذ مفعولها و … تبدأ رغوتها بالظهور …

هوامش :
١ – خالو فرماني بمبي : شخصية معروفة كان في ديريك أشبه ب زوربا اليوناني
٢ – كچي : الجميلة جدا
٣ – مقطع من اغنية حيران وترجمتها : حب الآخرين مجرد كلام وعشقنا مصدره القلوب
٤ – خجي وسينم بطلتا اسطورتين كرديتين
٥ – ميهيل : حنينية
٦ – خولي سر : طمرتك الاتربة
٧ – قليل العقل
٨ – آڤدلي : واحد من الشخصيات الأسطورية مرتبطة بالثقافة الطقسية ومن ثقافة الموه وتعني حرفيا الساقي او واهب المطر
٩ – سبيندار .. بانه قسر : سبيندار من أشجار الحور وبانه قسر اسم قرية
١٠ – سر مظنو : رأس كبير
١١ – اسماء لمجموعة قرى بريف ديريك
١٢ – آشي آڤي : طاحونة الماء
١٣ – مم : ايضا اسم له علاقة ب آڤدلي وايضا هناك ملحمة مموزين كردية
١٤ – مقطع لأغنية قديمة جدا تبتدئ الفتاة بالغناء تخاطب امها ان تقسم بنفسها وبالله
١٥ – مال خراب : تخدم دمر الله بيتك
١٦ – ايقظت العجوز ولدها بعد ان ذبحت ثور الضحية وهي مثال يغبر عن التحول الطقسي بالانتقال من الشتاء الى الصيف .

المقال يعبر عن رأي الكاتب

559