التعليم الإيديولوجي أداةً لعسكرة المجتمع في كوباني
التعليم الإيديولوجي أداةً لعسكرة المجتمع في كوباني
عبدو أحمد
قضية التعليم في كوباني بكوردستان سوريا إحدى القضايا التي تترك الكثير من إشارات الاستفهام حول مستقبل جيلٍ جديد في مدينةٍ عانت ولا تزال تعاني الكثير تحت سلطة إيديولوجية تريد مجتمعاً يقبل على الحياة عبر منظورها ووفقاً لأهوائها.
بالنظر إلى آلية التعليم المتبعة من قبل إدارة PYD في منطقة كوباني نرى الكثير من التناقض، إذ نجد أن التعليم في المراحل التي تسبق الدراسة الجامعية (مراحل التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي) باللغة الكوردية في حين يكون التعليم في الجامعة التابعة لهذه الإدارة "جامعة كوباني" باللغة العربية عدا فرعي الأدب الكوردي باللغة الكوردية والأدب الإنكليزي باللغة الإنكليزية، هنا يطرح سؤال نفسه كيف سيتكيف طالب درس اثني عشر عاماً باللغة الكوردية مع اللغة الجديدة "العربية" في المرحلة الجامعية ؟
للوهلة الأولى قد يفكر المرء أنه مجرد خلل في الآلية المتبعة في التعليم، لكن إن تمعنا في الوقائع والتعتيم الذي يُمارس على هذه المدينة المنكوبة نستنج أن الآلية تدخل في إطار أدلجة المجتمع وعسكرته.
هنا لا بد لنا من الإشارة إلى أن التعليم باللغة الكوردية مطلب كل كوردي في كوردستان سوريا التي حُرِم أهلها في ظل سلطة البعث خلال عقود من أبسط حقوقه كالتحدث بلغته الأم، لكن إذا كان هذا التعليم على أسس سليمة وواقعية بعيداً عن الإيديولوجية الفكرية المتبعة من قبل هذه الإدارة التي اتخذت المدارس مراكز لزرع أفكار حزب العمال الكوردستاني في عقول الأطفال الذين يعتبرون تربة خصبة لتلقي الأفكار في سنواتهم الأولى، فضلاً عن أن منهاج هذه الإدارة غير مُعترف به رسمياً.
في كوباني لا تسمح إدارة PYD بافتتاح مدارس خاصة لتعليم المنهاج المُعترَف به، في حين أنها تسمح لهذا النوع من المدارس الخاصة في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها، والسؤال هنا لماذا كوباني ؟
إن فرض المنهاج الخاص لهذه الإدارة يعني أن جيلاً كاملاً سيكبر حاملاً إيديولوجية حزب العمال الكوردستاني وهذا ما يسهل عليها التحكم بالمجتمع مستقبلاً وفقاً لأهوائها بجيلٍ مدجج بأفكار "العمال الكوردستاني"، من جانبٍ آخر وفي إطار سعيها الدائم إلى عسكرة المجتمع تعد المدارس مراكز أساسية لما تسمى "حركة الشبيبة الثورية" التابعة لقوات سوريا الديمقراطية لاختطاف الأطفال وتجنيدهم واستبدال القلم بالسلاح وبالمحصلة تتسع المقابر وتغدو مقاعد العلم فارغة من الطلاب، فيلوح المجهول برأسه من نافذة المستقبل.
في النتيجة ولمواجهة هذا التوجه الإيديولوجي الذي تتبعه إدارة PYD لخلق مجتمعٍ جديد يتناسق مع أفكارها، علينا التسلح بالفكر في رسم المستقبل لأطفالنا - مستقبل قضيتنا التي عانت كثيراً في ظل هذه الإدارة - وعدم البقاء متفرجين على سرقة مستقبل جيلٍ كامل، هنا لا بد من الإشارة إلى أن بعض الأهالي الميسورون يتبعون حلاً جزئياً لهذه القضية بإرسال أبنائهم إلى مدن حلب والرقة ومنبج لمتابعة تعليمهم في المدارس المُعترف بها، لكن الجزء الأكبر من الطلاب وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة يضطرون للدراسة في مدارس هذه الإدارة، لذا فإن الضغط الشعبي على إدارة PYD عبر مختلف فئات المجتمع للسماح بفتح المدارس التي تُدرس المنهاج المُعترف به وإن كان صعباً ومحفوفاً بالمخاطر هو الحل الأمثل لقضية التعليم في كوباني.
المقال يعبر عن رأي الكاتب
11841