كيف يرى الكرد في سوريا مستقبل لغتهم في الدستور؟

كيف يرى الكرد في سوريا مستقبل لغتهم في الدستور؟

Aug 01 2023

كيف يرى الكرد في سوريا مستقبل لغتهم في الدستور؟
هوزان أحمد ديرشوي

على مدار تاريخ سوريا، منذ تأسيس الدولة السورية وحتى اليوم، لم يعترف أي من الدساتير السورية باللغة الكردية كلغة رسمية ولا غير رسمية ولا بأية لغة أخرى من لغات مكونات الشعب السوري، كانت دائما اللغة العربية هي اللغة الرسمية والوحيدة في سوريا وفقا للدستور، بل اعتبرت بعض الدساتير السورية الشعب في سوريا جزء من الأمة العربية.

في سوريا، وبعد بدء الحرب منذ 2011 وحتى اليوم، لم تشر أي وثيقة سياسية صادرة عن الجهات السورية المعارضة بمختلف مسمياتها و خلفياتها وتوجهاتها باللغة الكردية كلغة رسمية في البلاد، وفقا لرؤيتها لمستقبل سوريا، جاء في الإطار التنفيذي للحل السياسي للهيئة العليا للمفاوضات، وفق بيان جنيف (2012)، أيلول/سبتمبر 2016، فقرة "مبادىء عامة":

- سوريا جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، واللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، وتمثل الثقافة العربية الإسلامية معيناً خصباً للإنتاج الفكري والعلاقات الاجتماعية بين السوريين على اختلاف انتماءاتهم الإثنية ومعتقداتهم الدينية حيث تنتمي أكثرية السوريين إلى العروبة وتدين بالإسلام ورسالته السمحاء التي تتميز بالوسطية والاعتدال.

- اعتبار القضية الكردية قضية وطنية سورية، تضمن الدولة حقوقهم القومية واللغوية والثقافية دستورياً في إطار وحدة البلاد."

ولا تزال الحكومة السورية تعتبر وترى اللغة العربية هي اللغة الرسمية في سوريا، وجاء ذلك في المدة الرابعة من دستور 2012 "اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة".

الكرد في سوريا بمختلف أحزابه السياسية، ينادون بجعل اللغة الكردية في سوريا لغة رسمية، لكن هناك اختلاف في شكل رسمية اللغة الكردية، البعض يطالب بجعل اللغة الكردية رسمية إلى جانب اللغة العربية، البعض الآخر يطالب بجعلها رسمية في المناطق الكردية، هذه المناطق أيضا تحتاج إلى تفسير و تحديد واضح.

المجلس الوطني الكردي في سوريا وهو عضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وعضو هيئة التفاوض السورية، ويشارك في اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، يطالب في وثائقه بجعل اللغة الكردية رسمية في سوريا، حيث جاء في البرنامج السياسي للمجلس:"....الإعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي و هويته القومية في سورية، و اعتبار اللغة الكوردية لغة رسمية في البلاد، و الاقرار بحقوق الشعب الكوردي المشروعة بصفته شريكا أساسياً وفق المعاير و المواثيق الدولية"، بينما طالب المجلس في كلمة له في اجتماع اللجنة الدستورية في جنيف في 31.10.2019 جعل اللغة الكردية رسمية في المناطق الكردية فقط، الأمر الذي يناقض وثيقته السياسية، حيث جاء في النقطة الخامسة فيما يتعلق بحقوق الكرد: "إعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في المناطق الكردية إلى جانب اللغة العربية ".

مجلس سوريا الديمقراطية والذي يعد الواجهة السياسية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، يطالب في رؤيته السياسية بمجموعة حريات و حقوق من بينها ايجاد حل عادل لها، دون تحديد اللغة الرسمية في سوريا أو شكل ومستقبل اللغة الكردية في مستقبل سوريا، وتحدث عن حق كل كل شعب في سوريا في ممارسة لغته و ضمان حق التعليم باللغة الأم في الدستور الجديد للبلاد، جاء في النقطة 10 من الرؤية السياسية له: " يعتبر حق ممارسة كل شعب للغته وثقافته في كافة المجالات من الحقوق الأساسية للإنسان، لذلك يعتبر ضمان التعليم باللغة الأم في الدستور الجديد للجميع (العرب، الكرد، السريان الآشوري، الأرمن، التركمان، الشركس، الجاجان) أمر أساسي لا بد منه ويقوي النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمعات السورية ويفتح الطريق أمام وحدة طوعية بين جميع المكونات".

لذا، لا بد للكرد في سوريا، بمختف الأطراف و الأحزاب، محاولة تحديد مطلبها فيما يخص مستقبل اللغة الكردية في سوريا، و بيان للجمهور أي من تلك أشكال رسمية اللغة أنسب وفقا للسياق الكردي السوري، و ما الفرق بينها، و الفرق بين اعتبارها لغة وطنية دون لغة لغة رسمية كما تحاول مختلف أطراف المعارضة و الحكومة السورية الذهاب نحو هذا الإتجاه، والابتعاد عن المصطلحات العامة.

في العالم، هناك حوالي 100 دولة فيها لغتين رسميتين دستوريا، بكل تأكيد لكل دولة سياق و واقع و ظروف مختلفة، لكن دراسة تلك التجارب و الاستفادة منها أمر ضروري، على سبيل المثال لا الحصر، في العراق تعتبر اللغتان العربية و الكردية لغتين رسميتين، و تصدر كل الوثائق الرسمية بما فيها جواز السفر باللغتين، جاء في المادة (4) من الدستور العراقي الصادر في 2005: "أولاً : اللغة العربية واللغة الكوردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم ابنائهم باللغة الأم كالتركمانية والسريانية والأرمنية في المؤسسات التعليمية الحكومية وفقا للضوابط التربوية، أو بأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة.."، الاعتراف باللغة الكردية رسميا في العراق يعود إلى اتفاق 11 آذار عام 1970 بين الكرد و الحكومة العراقية، حيث جاء في البند الأول من الاتفاقية: "اللغة الكردية لغة رسمية مع اللغة العربية في المناطق التي غالبية سكانها من الأكراد"، وتكون اللغة الكردية "لغة التعليم في هذه المناطق وتدرس اللغة العربية في كافة المدارس كما تدرس اللغة الكردية في بقية أنحاء العراق في الحدود التي يرسمها القانون".

في كندا تعتبر اللغتين الإنكليزية و الفرنسية لغتين رسميتين، وفي سوريسرا تعتبر اللغات الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش لغات وطنية رسمية في البلاد، وفي بلجيكا تعتبر الهولندية والفرنسية والألمانية لغات رسمية دستوريا، وفي فنلدا اللغة الفنلندية و اللغة السويدية لغتان رسميتان في البلاد.




المقال يعبر عن رأي الكاتب

813