المنظمة الآثورية الديمقراطية: معالجة الأزمة السورية تكمن في تنفيذ القرار 2254 بكافة بنوده
قالت المنظمة الآثورية الديمقراطية في بيان بمناسبة ذكرى تأسيسها الـ66، إن الجذر الحقيقي للأزمة في سوريا يكمن في الجانب السياسي، ولا يمكن معالجة ذلك من خلال الحلول الجزئية، وإنّما من خلال التنفيذ الكامل للقرار 2254 بكافة بنوده وفي مقدمتها تحقيق الانتقال السياسي
وفيما يلي نص البيان:
جاء تأسيس المنظمة الآثورية الديمقراطية في الخامس عشر من شهر تموز عام 1957، على أيدي نخبة من الشباب الذين تأثّروا بفكر روّاد النهضة القومية الأوائل، كنتيجة طبيعية للحراك الذي دار في مؤسسات شعبنا السرياني الآشوري في سوريا، واستجابة لتطلّعاته في نيل حقوقه القومية المشروعة في وطنه، وفي مقدمتها الاعتراف الدستوري بوجوده وهويته القومية وضمان حقوقه القومية أسوة بكافة مكونات الشعب السوري وذلك إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
منذ انطلاقتها كأول تنظيم سياسي قومي في تاريخ شعبنا الحديث، أضحت المنظمة رافعة للعمل القومي، فتجاوزت الواقع الطائفي لشعبنا، وأعادت طرح حقوقه في الساحة الوطنية، وانجذب جيل الشباب بقوّة لأفكارها ومواقفها.
ومهّد ذلك لنشوء مؤسسات وتجمعات وأحزاب قومية بعثت الحيوية في صفوف شعبنا، وخلقت حراكا سياسيا، ثقافيا، وفكريا، ما يزال يتفاعل ويتنامى بفعل التعاطي العقلاني والمسؤول مع قضية وجود شعبنا ووحدة هويته ومصيره. باعتبارها قضية شعب أصيل عانى الكثير من الظلم والتمييز في دول المشرق، ما أدّى لهجرة الكثير من أبنائه وتشردهم في دول الاغتراب.
وللأسف فإنّ الممارسات المجحفة والانتهاكات بحق شعبنا ما تزال تتواصل، وأوضح مثال على ذلك هو إلغاء المرسوم الرئاسي الذي صدر عام 2013 والخاص بتعيين البطريرك مار لويس ساكو بطريركاً لكنيسة بابل للكلدان من قبل رئيس جمهورية العراق الحالي، وتم إلحاق ذلك وفي سابقة خطيرة وإجراء انتقامي فج ضد أحد بطاركة كنائسنا لم يشهدها العراق ولا أي دولة أخرى من دول المشرق التي يعيش فيها شعبنا منذ آلاف السنين، وتمثلت باستدعاء البطريرك ساكو إلى المحكمة الاتحادية انسياقاً وراء أجندات أطراف مسيحية تنتمي للحشد الشعبي بهدف السيطرة على أوقاف وأملاك الكنيسة الكلدانية بشكلٍ يتعارض مع القيم والمواثيق الإنسانية.
إنّنا إذ نتضامن ونقف إلى جانب شعبنا وإلى جانب الكنيسة الكلدانية في العراق ومع قداسة البطريرك ساكو في مواجهة هذه الإجراءات التعسفية التي تستهدف النيل من مكانة الكنيسة والحدّ من دور شعبنا، ودفعه على الهجرة، فإننا نستنكر التدابير التي اتخّذتها السلطات الرسمية العراقية، وندعوها إلى التراجع عنها والكفّ عن استهداف شعبنا الذي تراجع عدده في العراق إلى الحدود الدنيا.
رغم معاناتها من الأنظمة الشمولية المتعاقبة على حكم سوريا، وتعرّض كوادرها للملاحقة والاعتقال بسبب مواقفها القومية والوطنية، فإنّ المنظمة أكملت مسيرتها وحافظت على نفسها ووحدتها طيلة عقود. فإنّ السر وراء ذلك يكمن في قدرتها على التكيّف، ويُعزى إلى دورية انعقاد مؤتمراتها وإلى النهج الديمقراطي السلمي الذي رافق مسيرتها منذ نشأتها إلى يومنا هذا، وإلى قدرتها على تجديد قياداتها والربط بين نضالها القومي والوطني. وتجلّى هذا في مؤتمرها العام الرابع عشر الذي عُقِد قبل أسابيع من ذكرى تأسيسها السادسة والستين. والذي أعطاها المزيد من القدرة والصلابة على مواجهة التحدّيات، والمُضي قُدُماً في تعزيز التفاهمات مع أحزاب شعبنا بهدف تطوير أطر العمل القومي المشترك، والانخراط أكثر فأكثر في الحراك الوطني باعتبارها جزءا أساسيا من هذا الحراك، وشريكاً فاعلاً في كافة التشكيلات القومية وفي كافة أطر المعارضة الوطنية الديمقراطية، ورافدا هاما للحركة الوطنية الديمقراطية في البلاد.
تشهد العملية السياسية في سوريا حالة من الجمود والاستعصاء بفعل تعنّت النظام وحلفائه، ورغم محاولات الانفتاح والتطبيع مع النظام وإعادته إلى الجامعة العربية، فإنّ جهود الدول الإقليمية والعربية التي تبنّت النهج القائم على مبدأ "خطوة مقابل خطوة" ذهبت سُدىً، ولم تنجح في دفع النظام إلى تقديم أيّ تنازل لشعبه أو الاستجابة للحد الأدنى من متطلّبات الحل السياسي. وبموازاة ذلك فإنّ الأوضاع الإنسانية للسوريين تزداد تفاقماً، وهي تسير نحو المزيد من التدهور بسبب تناقص مصادر الدعم، وبفعل توظيف ملف المساعدات الإنسانية للأجندات السياسية للدول المتدخلة في الصراع السوري وتجسّد ذلك في الفيتو الروسي الأخير الذي جمّد آلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
مع تأكيدنا على أهمية الجانب الإنساني في التخفيف من معاناة السوريين الذين تقبع غالبيتهم الساحقة تحت خط الفقر. فإنّنا نؤكّد بأنّ الجذر الحقيقي للأزمة في سوريا يكمن في الجانب السياسي، ولا يمكن معالجة ذلك من خلال الحلول الجزئية، وإنّما من خلال التنفيذ الكامل للقرار 2254 بكافة بنوده وفي مقدمتها تحقيق الانتقال السياسي من النظام الشمولي إلى نظام ديمقراطي علماني يقوم على احترام حقوق الإنسان وضمان حقوق كافة السوريين. على ان يسبق ذلك تفعيل إجراءات بناء الثقة كالإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين والمغيّبين قسراً وبالتوازي مع تفعيل إجراءات المحاسبة والمساءلة عن الجرائم والانتهاكات لدى كل الأطراف. وبغير ذلك فإنّ معاناة السوريين ستتواصل ولن تستعيد البلاد وحدتها واستقرارها.
إنّ المنظمة في ذكرى تأسيسها السادسة والستين، تعاهد أبناء شعبنا على مواصلة النضال من أجل الدفاع عن حقوقه القومية المشروعة، وتؤكّد استعدادها التام للتعاون والتنسيق مع أحزاب ومؤسسات شعبنا، بما يعزّز من صمود شعبنا في الوطن وتحقيق أهدافنا في الوجود والحرية.
كما تؤكّد على تعزيز وتمتين الشراكة مع كافة القوى الوطنية في سوريا للتعاون والعمل معاَ من أجل بناء سوريا جديدة ينعم أبناؤها بالحرية والعدالة والازدهار.
تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا ووطننا سوريا
وعاشت سوريا وطنا حرا لكل أبنائه
سوريا 15 تموز 2023
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب التنفيذي
5973