عمر كوجري: نيجيرفان بارزاني..  وتحديّات منصب رئيس الإقليم

عمر كوجري: نيجيرفان بارزاني.. وتحديّات منصب رئيس الإقليم

May 28 2019


اجتمع برلمان كوردستان، وعقد جلسة استثنائية لانتخاب رئيس جديد لكوردستان، وحظي السيد نيجيرفان بارزاني رئيساً للإقليم، اليوم 28-5-2019بعد أن ظل هذا المنصب شاغراً بعد استقالة رئيس الاقليم مسعود بارزاني منذ العام 2017 وفي غمرة عقابيل إعلان الاستفتاء على استقلال كوردستان وتداعياته المعروفة حيث حوصرت كوردستان براً وجواً، وتعرّض الشعب الكوردستاني لحصار جائر جراء إعلان الاستفتاء.

منذ ذلك الوقت، برز اسم السيد الرئيس نيجرفان بارزاني كشاب طموح، وصبّ جلّ جهوده ووقته وبرنامجه في سبيل وقف التداعيات الخطيرة والكبرى التي تعرض لها الشعب الكوردستاني بعد الاستفتاء، وخاصة من قبل حكومة بغداد ودول الجوار الاقليمي وحتى المجتمع الدولي وعلى وجه التحديد " الحليفة" الولايات المتحدة الامريكية التي وقفت موقف المتفرج إزاء كل الانتهاكات التي حصلت للشعب الكوردستاني، واجتياح كركوك وضم مناطق واسعة مما سميت " المتنازع عليها" بين حكومتي بغداد وأربيل.

بالفعل وبفضل حكمته وفريق من الشباب الكوردستاني الطموح نجح السيد بارزاني في تبديد مخاوف الدول والحكومات من الاستفتاء، وتميز بحكمة بالغة في شرح الاستفتاء باعتباره لم يكن إيذاناً بإعلان الاستقلال التام عن بغداد، بل عبّر عن إرادة الشعب الكوردستاني وطموحه في أن يكون له مكان تحت الشمس مثله مثل بقيه دول العالم الطامح للحرية.

خلال مدة قصيرة نجحت المساعي الدبلوماسية للسيد نيجيرفان وفريقه المتحفز والنشط في إعادة الاقليم الى الساحة، وشيئاً فشيئاً ابتعد الحصار عن كوردستان براً وجواً، وعادت العلاقات شبه طبيعية بين بغداد وأربيل، وفك الحصار عن مطارات كوردستان، وعادت الحياة من جديد الى كل مفاصل الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وحتى الشركات الأجنبية التي خرجت من كوردستان عادت من جديد لإعمار كوردستان من نواح كثيرة كالتشييد العمراني واستخراج النفط بوتائر عالية، وتطبيع العلاقات مع الحكومة المركزية، بل أعطت بغداد صورة أفضل مما سبق، وتم إعادة توزيع رواتب الموظفين، وتحسين مستوى العلاقة المتبادلة غير المشروطة بين الطرفين.

للعودة الى قرار اليوم من برلمان كوردستان، فقد كان متوقعاً فوز السيد نيجيرفان بارزاني كرئيس للإقليم، بأصوات أكثر من تسعين صوتاً لكن عدم حضور كتلة اليكيتي الكوردستاني في البرلمان، وكذا الجيل الجديد، رغم الاتفاق الذي تم بين ثلاثة أطراف رئيسية البارتي الديمقراطي الكوردستاني وحزب يكيتي الكوردستاني، وحركة التغيير، بعد أن ساهم اليكيتي وبشكل متعمد لتأخير تشكيل الحكومة منذ أكثر من سبعة أشهر من انتخابات البرلمان الكوردستاني، وسلوك البارتي طريق الحوار والليونة مع متطلبات اليكيتي وطموحه في أخذ المزيد من الكراسي الرئيسية في الكابينة الوزارية، وتلقيه الأوامر من الخارج على ما يبدو.

يأتي قرار اليكيتي الكوردستاني" بعدم التصويت قبل خمس دقائق من بدء أعمال البرلمان في انتخاب السيد نيجيرفان بارزاني قد يفتح الطريق لوضع جديد لا يتناغم مع ما كان يطمح اليه الشعب، رغم أنني أتوقّع ألا يسلك البارتي طريق رد الفعل، وهذه السياسة ليست معروفة عنه، رغم أن هذا الإجراء يعدُّ طعنة في قلب الاتفاق الثلاثي، وربما كان متوقعاً عمل حركة التغيير لبعض المشاكل، لكنها اليوم وفت بوعودها وعهودها.

الوضع الجديد، ورغم خطورته إلا أن حكمة الرئيس الجديد كما قلنا لن تنحو منحى ردود الأفعال، وأتوقّع أن التداعيات قد تقل كثيراً مما نتوقع، فقد حصل الاتفاق بعد مفاوضات صعبة وطويلة جداً الى اتفاق في اواخر نيسان الماضي، وتشكيل الحكومة بحيث تكون رئاستها للحزب الديمقراطي الكُردستاني ومنصب نائب الرئيس من حصة الاتحاد الوطني الكُردستاني، مُقابل أن تكون رئاسة البرلمان للاتحاد الوطني. وتتقاسم الأحزاب الثلاثة وزارات الحكومة، كُل بحسب نسبة تمثيله البرلماني.

الرئيس نيجيرفان بارزاني نجح في رئاسته لأكثر من كابينة حكومية، وأثبت جدارته في تسلُّم منصب رئيس الحكومة حيث شهدت كوردستان في عهد "مهندس كوردستان" تطوراً في جميع مناحي الحياة العمرانية والنفطية والصحية والتعليمية، والخدمية، والسياحية وتحسين مستوى الدخل لدى المواطن الكوردستاني، وجعل كوردستان شبه دولة مستقلة بقرارها وإرادتها، وحضورها الدولي الفاعل، واستقبال مسؤولي الاقليم في العالم استقبال مسؤولي دول لا حكومات محلية.

بطبيعة الحال، كان للرئيس مسعود بارزاني دورٌ بارزٌ وكبير في جعل كوردستان واحة للديمقراطية وواحة للتآخي بين مواطني كوردستان، وباقي المكونات التي تعيش في أرض كوردستان، وسيكون له دور إيجابي في المرحلة القادمة ومن وراء الكواليس.

التعويل على العقل " الراجح" لبعض قيادات اليكيتي لطمر المشكل الجديد، وكان السيد قوباد طالباني، وهو نجل الرئيس الراجل جلال الطالباني أول المهنئين بفوز السيد نيجيرفان بارزاني رئيساً لإقليم كوردستان، وهي رسالة اطمئنان بأية حال."

وهكذا سينجح الرئيس نيجيرفان بارزاني وهو من الجيل الثالث للقادة الشباب الكرد المتألقين في أداء مهمته كرئيس لإقليم كوردستان رغم صعوبة هذه المهام الجسيمة التي تنتظر سيادته، وكذا الشعب الكوردستاني.
















المقال يعبر عن رأي الكاتب

683