المثقف «المحايد» شريكاً في الجريمة

المثقف «المحايد» شريكاً في الجريمة

Dec 15 2023

المثقف «المحايد» شريكاً في الجريمة
عبدو أحمد

في الحديث عن دور المثقف الكوردي في التأثير على الرأي العام، عن واجباته تجاه قضية شعبٍ واجه، ولا يزال يواجه أخطاراً تهدّد وجوده، عن مواطن القصور في تناوله لما سلف، واختياره دور المتفرّج في بعض الأحيان، لا بدّ لنا من التطرُّق إلى تعريف المثقف بشكلٍ عام، فمن هو المثقف؟

كثُرت التعاريف التي تدلُّ على مصطلح المثقف، لكنها تجمع على أنه صاحب الوعي المبني على المعرفة والاهتمام بشؤون مجتمعه، المتابع لا المعتزل، الذي يكتب، ويتحدث بلغة الناس وبهمومهم ومشاكلهم وآمالهم وطموحاتهم، وهو الذي يتحدث حين يصمتون، أو يصرخ حين يعجزون عن الصراخ، فهل قام المثقف الكوردي في الجزء الغربي من كوردستان الملحق بسوريا بدوره؟

بعد اتفاقية سايكس - بيكو عام 1918 التي قسّمت كوردستان عبر حدودٍ مصطنعة وفق مصالح الدول الكبرى آنذاك، ولم تراعِ الخصوصية القومية والتاريخية أو الجغرافية لشعوب المنطقة وخاصةً الشعب الكوردي، حافظ الكورد لعقودٍ طويلة على هويتهم القومية من الانصهار، عبر أشكالٍ مختلفةٍ من النضال بحسب المراحل الزمنية، وبعد قرونٍ طويلة من نضال الشعب في الجزء الغربي من كوردستان التي ساهم فيها المثقفون بدورٍ بارز في توجيه مسار القضية والحفاظ عليها، في عصر العولمة الذي نعيشه والذي ينبغي فيه أن يمارس المثقف الكوردي واجبَه في مراقبة السلطة وتقييم أدائها والتحدُّث بلسان الجماهير -فالمثقف الحقيقي في خندقٍ واحد مع الشعب يساند السلطة في السياسات الصائبة، وينتقد بل يقف في وجه السياسات الخاطئة- انقسم المثقفون إلى قسمين: قسم اتّخذ دورَ المتفرّج وهو القسم الأكبر وآخر يمثّل هموم الشارع الكوردي وتطلُّعاته.

إن اتخاذ دور المتفرّج أو «الحياد» كما يدّعون يجنّب المثقف من صعوبات جمّة وخاصةً في ظل سلطة تمارس الانتهاكات بحقّ كلّ مَنْ ينتقد، أو يقف في وجه ممارساتها البعيدة كلّ البعد عن المشروع القومي الكوردي كإدارة حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د التي فُرِضت على هذا الجزء من كوردستان وفق مخططات رُسِمت في غرف استخباراتٍ محلية وإقليمية، لكن ألا يعني ذلك اشتراكاً في الجريمة؟

اتخاذ دور المتفرج في مواقفٍ تستدعي الوقوف في وجه ظلمٍ ممارس على الشعب أو خطرٍ محدقٍ يتربص بالقضية، ليس حياداً بل اشتراكاً في الجريمة التي تمارسها إدارة ب ي د «سلطة أمر الواقع» عبر مؤسساتها المختلفة التي تعمل ليل نهار على عسكرة المجتمع عبر انتهاكاتٍ صارخة لحقوق الإنسان لاستنساخ مجتمعٍ جديد وفق إيديولوجية حزب العمال الكوردستاني PKK، ومع استمرار هذه الإدارة في جريمتها بحق القضية يزداد عدد المتفرجين على العرض، ويذهب بعضُهم أبعد من ذلك، ويتحول إلى كومبارس يحاول تجميل الجريمة عبر التلميع والتصفيق بشعاراتٍ واهية يرددونها كالببغاء خلف جنرال المصادفة.

استناداً إلى ما سبق وبسبب الازدحام في قسم «الحياد»، على المثقفين الملتزمين توحيد الجهود عبر الاتحادات والنقابات والفعاليات الثقافية لإيقاد شعلة نور في النفق المظلم الذي أُدخِلت إليه القضية وفق مخططات استخباراتية نُفِذت بأيادٍ تدّعي، وتزعم أنها كوردية.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

291