"عبد الرحمن آبو وبهزاد دورسن".. قضية واحدة ومعتقل واحد

Nov 16 2018

نالَّ صديقي المناضل الصلب "عبد الرحمن آبو" حريته، بعد ما نال من تسلطً وظلم وجور لقاء نضاله في سبيل إعلاء راية الحق الكوردي. ستة اعتقالات والسابعة انتهت. والعزيمة لا تزال قوية وتنضح بالقوة والجبروت والصبر والإصرار حتى نيل الحلم الكوردي. لم يتعجب "آبو"، كحال رفاقه جميعهم. ولم ولن يتعجب مؤيدو ومناصرو حقوق الشعوب المظلومة، ولا نشطاء الرأي، أو الكتّاب والصحفيين الذين ينشدون الحقيقة من وراء أعمالهم وكتاباتهم. كلهم لن ولا يستغربون من كرم ضيافة الاتحاد الديمقراطي وتكريم ضيفه المناضل عبد الرحمن آبو.

ببساطة هذه هي أخلاقهم السياسية، وتربيتهم الحزبية، وهذه هي نفسيتهم ورغباتهم التي يسعون إليها فلا همَّ لهم سوى كسر إرادة المناضلين، والتبخيس من حقهم. لا يُسعدهم رؤية أي مناضل يطالب بالحقوق القومية للشعب الكوردي. لو كان عبد الرحمن آبو داعشياً أو مرتزقاً أو لصاً –حاشاه- لكان اليوم يرمز للوطنية الزائفة ورمزاً للمناضل الصلب وفق أهواء من ارتضوا أن يكونوا استطالات لغيرهم، وأدوات لقهر الكورد، ومحاولات تذويب القضية الكوردية وتشويهها.

خرج المناضل كالباز الأشهب، ولقي من الحفاوة والترحيب والتبريكات، ما نال الاتحاد الديمقراطي من التشويه وكشف حقيقته وسعيه نحو إنهاء القضية الكوردية في سوريا. لو كان لدى هذا الحزب ذرة إخلاص واحدة ما كان أمثال عبد الرحمن آبو لينام في المنفردات لسبعة أشهر، وما كان ليُعتقل سبع مرات، وما كان لُنقل بين زنازين ومعتقلات الاتحاد الديمقراطي وتسليمه للأمن السوري واسترجاعه مُجدداً، نقله إلى مفارز ومعتقلات وانفراديات لا تليق سوى بهم لما ألحقوه من ضرر بالغ بالقضية الكوردية ورجالاتها.

قدم "عبد الرحمن آبو" ما قدمه أمثاله من تفاني وتضحيات ومثابرة على الهمّ الكوردي. ولقي جراء إخلاصه لقضيته، ما لقاه من سبقوه من المناضلين الكورد على يد الأنظمة المتعاقبة على سدّة الحكم في سوريا. هؤلاء حُكموا من قبل النظام البعثي ومن سبقوه بتهم التخوين والعمالة وتوهين عزيمة الأمة، وحُكم "آبو" بنفس التهم. الفارق بينهم أن أصدقاء آبو دخلوا معتقلات من حرمنا ككورد من وجودنا، وكان نظاماً قمعياً يتكلم بلغة غير كوردية، بينما آبو لقي عذابه على يد من يتكلم الكوردية ويدعي الكوردية وأنه يحمل الهوية الكوردية.

سُلم عبد الرحمن آبو للنظام السوري. ببساطة وبدون أيَّ أخلاق أو ضمير أو وجدان. يُسَّلم مناضل كوردواري للنظام السوري. حادثة تُعيدنا إلى بدايات الثورة السورية.

وفي قضية، بهزاد دورسن، المناضل العنيد والوطني الغيور. حمل بهزاد هم القضية الكوردية على عاتقه فكان مصيره الخطف على يد العصابات وتسليمه إلى مخابرات النظام السوري. كم شعر عبد الرحمن آبو بصديقه بهزاد دورسن، وكم ذاق مرارة أن تُسلم بيد من يدعون أنهم أخوتك في الدم، إلى من أذاقَ الكورد الويلات على مر السنين. كِلاهما دفعوا ضريبة التعاون الأمني بين الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري. خرج عبد الرحمن آبو كأن لسحنته وجبينه وعيناه يتكلمون: كان دورسن حاضراً في وجداني وقلبي، كُنت أشعر بمآسي عائلته. كُنت أتذكر هذا الرجل دوماً، في كل مرة أنظر من حولي، أتذكر أن دورسن أسيرٌ لدى النظام السوري، وبأياد كوردية، كنتُ ولا أزال أشعر بمرارة الاستيقاظ صباحاً هل سنتعظ جميعاً من دروس هؤلاء في بيع الأوهام للشعب الكوردي، وفي استعدادهم للتضحية والتخلص من أيَّ شخص كوردي يقف عائقاً بينهم وبين مشاريعه في محوِّ الكورد من خريطة سوريا.

بكل تأكيد فإن عبد الرحمن آبو يحمل في قلبه صورة جميلة لمناضل صلب لا يآبه بالتعذيب ولا بالضرب ولا بالتهديد بالتصفية الجسدية، لكنه يحمل في قلبه أيضاَ صورة لمناضل يشعر بمرارة الخيبة، وعبثية العيش مع جحافل خفافيش الليل. يشعر عبد الرحمن أبو بالضغط النفسي والأرق الذي ينتاب بهزاد دورسن في معتقله، ليس تحسراً على جماعات تبيع وتشتري كوردستان بأبخس الأثمان. إنما تفكيراً بمن ارتضى الذل والهوان والعمالة على الوطنية والنضال.

قصارى القول: خرج عبد الرحمن آبو منتصراً مرفوع الرأس، لكنه يحمل بين أضلاعه وعقله أسوء اللحظات حين تغط عليه ذاكرته المتعب بأوجاع وطنيه، والممتلئ بالخيبات جراء بيع أبناء الدم الواحد للوطنيين والمناضلين الكورد إلى النظام السوري، ويحمل بين دفتي قلبه وعقله وصدره لحظةً طال انتظارها، حين يُشاهد بهزاد دورسن حراً طليقاً.


المقال يعبر عن رأي الكاتب

798