علي مسلم : تركيا ماضية في سياساتها استنادا على البنود السرية لاتفاقية آضنة

علي مسلم : تركيا ماضية في سياساتها استنادا على البنود السرية لاتفاقية آضنة

Nov 08 2018

تركيا ماضية في سياساتها استنادا على البنود السرية لاتفاقية آضنة
علي مسلم
على الرغم من أن المعنيين بالشأن السوري لم يأخذوا التهديدات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان " بأنه أكمل الاستعدادات للهجوم على مناطق شرق الفرات هذه المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية منذ عام 2015 " على محمل الجد سيما الطرف الأمريكي المعني المباشر بأمن وسلامة هذه المناطق ، لكن من الواضح إن هذه التهديدات ربما تعني الكثير في جانبها الجيو سياسي ليس لأنها تأتي غداة القمة الرباعية التي التئمت في اسطنبول في السابع والعشرين من الشهر المنصرم والتي جمعت إلى جانب تركيا كل من روسيا وألمانيا وفرنسا فحسب بل لأنها جاءت في سياقها الاستراتيجي التاريخي المنسجم مع التوجهات التركية القديمة – الجديدة وسط أجواء من اللامبالاة الدولية والتجاهل الأمريكي الواضح ، وهذا ما يوحي بأن ثمة أجواء سياسية جديدة باتت تفرض نفسها على المنطقة الإقليمية برمتها والتي تشهد حروب محلية عديدة بدءا من حرب اليمن والحرب الدولية على الإرهاب وكذلك تداعيات النزاع الدولي القائم على قدم وساق حول تقسيم سوريا الى مناطق نفوذ فيما بينها ، وكذلك مستقبل إيران في المنطقة بما في ذلك مستقبل الميليشيات المتحالفة معها .

ويعتقد بعض المحللين ان هذه التهديدات تأتي في سياق مشابه لما جرى قبل عملية درع الفرات عام 2016 وكذلك عملية غصن الزيتون في آذار 2018 التي نفذتها تركيا في الشمال السوري بالتعاون مع بعض الفصائل السورية المسلحة بذريعة حماية امنها القومي الى جانب ملاحقة فلول الإرهاب على حدودها الجنوبية .

ومن الواضح أن تركيا ماضية في سياساتها فيما يخص حدودها المشتركة مع سوريا بالاستناد قانونياً على البنود السرية لاتفاقية اضنة وملحقاتها السرية التي أبرمت بين دمشق وانقرة عام 1998 بعد تجاذبات سياسية كادت ان تؤدي الى صدام عسكري على خلفية الدعم اللوجستي لنظام الأسد الذي كان يقدمه لعناصر وقيادات حزب العمال الكردستاني ، هذه الاتفاقية التي تبيح للقوات التركية الولوج إلى عمق الأراضي السورية لمسافات محدودة بحجة حماية حدودها من مقاتلي هذا الحزب التي تصفهم بالإرهابيين ؟ هذا ما اكده الرئيس الدوري للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة - في مؤتمر صحفي بولاية بيلاجيك التركية - في 11 أيار عام 2016 حيث قال إن "بروتوكول أضنة يهيئ الأرضية اللازمة لأنقرة لإقامة منطقة آمنة في سوريا، وفي حال تحقق ذلك وأُقيمت المنطقة الآمنة فإن أنقرة ستكون قد أمنت حدودها ، وعندئذ يمكن للسوريين أن يعودوا إلى بلادهم بأمان".

ويرى مراقبون أن عمليتي " درع الفرات وغصن الزيتون " العسكرية التي أطلقتهما أنقرة جاءتا " تطبيقا تركياً " لبنود اتفاق أضنة وملاحقه السرية وهذا الأمر بطبيعة الحال يفرض إمكانية قيام تركيا بتنفيذ تهديداتها فعلياً فيما يخص مناطق شرق الفرات على غرار ما جرى في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون وسط تجاهل دولي مبني اساساً على توافق غير معلن ، وربما يستغرق ذلك فترة زمنية يتخللها توافقات دولية سرية على شكل صفقات بينية لم تكتمل تفاصيلها بعد . ؟

ومن المؤكد ان هذا الامر فيما لو حدث في القرب القادم أو تأجل لفترة زمنية أخرى سوف يضع مستقبل هذه المناطق بما في ذلك المستقبل السياسي للكرد في سورية مرة اخرى امام تحديات جديدة ، فتركيا ما زالت تمتلك المزيد من الاوراق السياسية الخاصة بهذا الشأن بالمقارنة مع المحيط الاقليمي العربي من جهة ومستقبل ودور ايران السياسي في المنطقة من جهة اخرى الى جانب مقدرتها على لعب دور سياسي من شانه خلخلة التوازن الاقليمي القائم برمته ، وهذا ما لا تبتغيها الارادة الدولية في هذا التوقيت بالذات ، لذلك نرى أن التعاطي مع هذه المستجدات وما ستليها من تبعات في هذا السياق سوف تفرض على الكرد وغير الكرد اعادة النظر في تحالفاتهم السياسية ليس في الجانبين الاقليمي والدولي فحسب بل في الجانب الوطني والمحلي ايضاً وهذا يقتضي بالضرورة اعادة النظر في البرامج السياسية والمنطلقات النظرية والفكرية القائمة ، بما في ذلك الدعوة للتصالح مع التاريخ ونبذ التناقضات التاريخية وما رافقها من تبعات كارثية ، والعودة من جديد الى الحواضن الوطنية والبناء عليها على قاعدة التعايش المشترك والحقوق المتكافئة .

المقال يعبر عن رأي الكاتب

773