التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر تشرين الثاني 2022

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر تشرين الثاني 2022

Dec 07 2022

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، عن شهر تشرين الثاني 2022

الحدث الأبرز في الآونة الأخيرة هو القصف التركي الجوي والمدفعي على المناطق الحدودية السورية المتاخمة مع تركيا وخصوصاً المناطق الكردية منذ العشرين من شهر تشرين الثاني2022 وحتى تاريخ تحرير هذا التقرير، وفي أماكن متفرقة لقوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) ومناطق أخرى بما فيها محطات تجميع النفط وصوامع حبوب " ظهر العرب " وغيرها، ما نجم عنها خسائر مادية جمة وبشرية حتى من المدنيين، وبالتهديد المتواصل بالاجتياح البري في مناطق " تل رفعت، منبج، وحتى كوباني " وربما مناطق أخرى لاحقا، بدعوى إبعاد قسد عن حدودها بزعم اتفاقها السابق مع كل من روسيا وأمريكا في هذا الصدد.

الواقع أن تركيا ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة تسعى إلى ترتيبات جديدة مع الوضع في سوريا، بعد أن تغير موقفها من الأزمة السورية، ابتغاء التخلص من المهجرين السوريين وتخفيف العبء عن كاهل الشعب التركي، ودرء الخطر المزعوم بوجود قسد على حدودها، وترى في تفعيل اتفاقية اضنة لعام 1998 الموقعة بين الجانبين التركي والسوري سبيلاً إلى ذلك، وعليه لا ترى تركيا مجالاً إلا من خلال المصالحة مع النظام السوري وعبر مقايضة المعارضة السورية بعد تسخيرها في مصالحها السياسية، مع قسد وإدارة حزب الاتحاد الديمقراطي " ب ي د "، في الوقت الذي يرغب النظام أيضاً في ذلك، وعليه تم اللقاء الاستخباراتي بين الجانبين للتوافق على الترتيبات اللازمة بهذا الصدد، وبدأتها تركيا بتوجيه هيئة تحرير الشام " جبهة النصرة " إلى مناطق عفرين، ومن ثم التحضير لعمل عسكري واجتياح جديد لبعض المناطق الحدودية مع سوريا، الأمر الذي لا يغيظ النظام السوري، ولا حتى يقلقه ما يعني أن الأمر ليس خارج توافقه.

وروسيا الاتحادية، هي بالأساس من تقود الجانب الهام في هذه المعادلة طالما أنها تخدم النظام السوري، بل هي من ساهمت في التخطيط لهذا الترتيب إلى جانب كل من تركيا وإيران عبر محور سوتشي – أستانا، وتسهم في التنفيذ العملي إلى جانب كل من النظام السوري وتركيا، كونها تلعب دوراً أساسياً في صراعات الأزمة السورية، كما أنها تسعى لتكون ضامنة في استرجاع الأراضي السورية الواقعة تحت سيطرة القوات التابعة لتركيا بعد تصفية حسابات المعارضة السورية وقسد و( ادارة ب ي د ) وموضوع المهجرين في تركيا، لتعود العلاقة الدبلوماسية بين البلدين " سوريا وتركيا " بعد اللقاء المرتقب بين الرئيسين السوري والتركي بناء على طلب هذا الأخير.

أمريكا، لا يجمعها مع قسد سوى الشراكة في محاربة داعش، بحسب تصريحات العديد من المسؤولين الأمريكيين، ومع ذلك كان احتجاج أمريكا على التهديد التركي بالاجتياح البري الجديد لسوريا كان قوياً إلى حد ما، رغم أن تركيا حليف استراتيجي لها على عكس ما كان متوقعاً أن التحرك التركي هو بضوء أخضر أمريكي أيضاً على غرار المرات السابقة في عفرين وگري سپي وسري كانيي، لاسيما أن قسد و " ب ي د " ليسا على تجاوب مطلوب مع أمريكا فيما ترمي إليه من ترتيبات في مناطق شرقي نهر الفرات، حيث وعدت باستثناء هذه المناطق من قانون قيصر ودعمها اجتماعياً واقتصادياً، وحتى مؤشرات سياسية أيضاً، هذا وفي سياق الأزمة السورية فلا زال الموقف الأمريكي مع قرارات المجتمع الدولي ولاسيما القرار 2254 ومرجعية جنيف1، وأكد المبعوث الدولي غير بدرسون على مسار الحل السياسي في معرض إحاطته في اجتماع مجلس الأمن الأخير..
إيران، هي الأخرى على توافق مع الترتيبات الجديدة مع سوريا دعماً لتوجهات النظام السوري، إلا أنها تخالف تركيا في الموقف من pkk و ب ي د فهي حليف استراتيجي لـ قنديل وتتناغم معها بل تؤازرها في تحقيق الكثير من أهدافها ومراميها وخصوصاً في العراق وإقليم كوردستان، من جانب آخر لاتزال الاحتجاجات الجماهيرية الشعبية العارمة مستمرة في إيران، وهي في منتصف شهرها الثالث، ويبدو أنها لا تتوقف بل اضيف اليها الإضراب العام لثلاثة أيام في العديد من المدن الإيرانية رغم مواجهة النظام الإيراني لها بأشد اشكال القمع والتنكيل، إنما العكس فقد أرغم النظام على مراجعة بعض قوانينه وقراراته ولاسيما المتعلقة منها بالزي والحجاب، كما تم توقيف عمل " شرطة الأخلاق" إلى ما بعد الانتهاء من تلك المراجعة في توجه للاستجابة لبعض مطالب المحتجين بعد فوات الأوان وتحول المطالب الى شعار إسقاط النظام.

العراق، أبدت الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني اهتماماً بشؤون الجماهير في سعي لتوفير مستلزمات الحياة المعيشية منها والخدمية، مع الاهتمام الجدي بشؤون الشباب، وبذل الجهود من أجل توفير فرص العمل لهم، كما أبدى السوداني اهتماماً خاصاً بالسياسة الخارجية عبر قيامه بزيارة بعض الدول المجاورة منها الأردن وإيران، وما ينبغي القيام بها فيما بعد، ذلك ابتغاء ترتيب الوضع الداخلي على غراره، إلا أن عراقيل كثيرة أمام حكومته ما تزال تلوح في الأفق، منها قضايا خلافية بين أطراف الإطار التنسيقي نفسه منها بين المالكي والخزعلي، وقد تتسع دائرة الخلافات في الإطار ما ينعكس سلباً على الحكومة، كما أن هناك من يعرقل جهود مكافحة الفساد أو البحث في ملفاته المالية والادارية، هذا فضلاً عن رفض أطراف أخرى المساس بموضوع الميليشيات غير النظامية التي تسيء الى أمن البلاد واستقراره، هذا الى جانب القضايا الأخرى التي ماتزال عالقة، ما يعني ان عقبات جمة لاتزال قائمة أمام الحكومة الجديدة.

إقليم كوردستان، في الوقت الذي أبدت قيادة الإقليم اهتمامها بالوضع الداخلي باتجاه تعزيز العلاقات بين قوى وأحزاب الإقليم بمختلف الانتماءات القومية والدينية، والعمل معاً لحل قضايا الخلاف مع حكومة بغداد، ومن ثم العمل والتعاون من أجل وضع البرامج اللازمة لتطوير الإقليم سياسياً واقتصادياً عبر وضع البرامج التنموية اللازمة، في هذا الوقت بالذات تتعرض مناطق من الإقليم إلى القصف من جانب دولتي ايران وتركيا، الأولى بذريعة محاربة المعارضة المتواجدة على أراضي الإقليم ( مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني – ايران )، والثانية بدعوى ملاحقة مسلحي الحزب العمال الكردستاني pkk) الأمر الذي ينم عن انتهاك سيادة العراق والإقليم معاً ومن ثم يسيء الى علاقات حسن الجوار من الجانبين، إلا أن الحكومة الاتحادية قد بادرت إلى التوافق مع الإقليم والبيشمركة في نشر قوات حرس الحدود مع الجانبين " الايراني والتركي " والتوافق مع إيران بمنع أية هجمات المعارضة إليها من أراضي الإقليم، ذلك درء للمخاطر التي قد تنجم عن ذلك الوضع، وعليه فإن حكمة قيادة الإقليم وعلى رأسها الرئيس المناضل مسعود بارزاني قد فوتت على المتربصين بإقليم كوردستان استغلال أية فرصة كيدية.

كوردستان الغربية، تعيش مرحلة صعبة جداً بسبب الظروف الحياتية السيئة من حيث تفشي سوء الأوضاع الإنسانية، وتزايد البطالة والهبوط المستمر لسعر صرف الليرة السورية أمام العملات الصعبة، وتدني القدرة الشرائية لدى معظم الناس، والقلق المتواصل بين المجتمع وخصوصاً المناطق الحدودية لسوء الأوضاع الأمنية جراء القصف التركي المستمر لها، كما ان ادارة ب ي د لا تكترث لمعاناة الجماهير بل تزيدها شدة بفرض الإتاوات عليها، ومسلحيها لا يتوانون عن ملاحقة الشباب والقاصرات للتجنيد الإجباري، ولا يحيد عن المواقف الكيدية للمجلس الوطني الكردي في سوريا ومكوناته من اعتقال ومضايقات مختلفة، وآخرها منع الاسايش المجلس من انعقاد مؤتمره الرابع رغم التوافق من خلال الوسيط الأمريكي.

كما يمارس نوعاً من الاستفزاز للجانب التركي مما يعرّض الأهالي والمدنيين لمخاطر النيران من تلك الجهة، من جانب آخر هناك العديد من المدن والبلدات تعيش أوضاعاً صحية سيئة لتفشي الأمراض المعدية وخصوصاً الكوليرا، كما أن تزايد الأوساخ وتراكم القمامة في الشوارع والساحات تزيد الوضع أكثر سوءاً، والجدير ذكره أن مدينة الحسكة وريفها لاتزال تفتقر إلى المياه الصالحة للشرب بسبب انقطاع ضخ مياه آبار علوك، وعدم توفر المصادر البديلة.

ولاشك أن مناطق ( عفرين، سري كانيي، گري سپي ) تعاني أكثر من سوء الأوضاع، وأضيف اليها اليوم مناطق: كوباني، منبج، تل رفعت بسبب التهديدات التركية المتواصلة باجتياحها، وكذلك سوء أوضاعها الأمنية والمعيشية مما يستدعي العمل من خلال الأصدقاء في المجتمع الدولي ولجان حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني المعنية لوقف هذه التهديدات وتوفير عوامل الحياة اللائقة للإنسان.

المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 6 / 12 / 2022

470