ازدواجية المعايير

ازدواجية المعايير

Aug 15 2018

ازدواجية المعايير

الإرهاب والاستبداد اللذان يفتكان بشعوب الشرق الأوسط قد يبدوان للوهلة الأولى على أنهما نقيضان ، إلا أن الواقع يعكس غير ذلك ، فكل منهما يحتاج الآخر ويستمد منه أسباب وجوده وبقاءه ، وبنفس الوقت يتقاطعان مع المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة خلافاً لمبادئها في السلم والحرية ، حتى لم يَعُد هناك شك لدى أحد بأن أمريكا ومعها الغرب تريد منطقة الشرق الأوسط خالية ليست من أسلحة الدمار الشامل بل من نعمة الديمقراطية ، ومن أجل ذلك تمنح الشرعية للأنظمة الاستبدادية في المنطقة بعيداً عن شرعية شعوبها ، وتحميها من السقوط بحجة أن الإرهاب هو البديل في حال سقوطها ، فمن وجهة نظرها وللحفاظ على مصالحها ترى أن التعامل مع حاكم مستبدّ غير مسؤول من الشعب ومتمسّك بالسلطة حتى آخر نفس أسهل من التعامل مع حاكم منتخب من الشعب ومسؤول منه ويترك منصبه لغيره بعد انتهاء ولايته ، سأذكر مثالين على ذلك :

* وقفت أمريكا والدول الغربية ضد تطلعات شعوب المنطقة إلى الحرية والحياة الكريمة عندما أطل الربيع العربي ولم تكن التنظيمات الإرهابية قد ظهرت بعد ، وذهبت إلى أبعد من ذلك بمنع انتصار ثورات الشعوب على الأنظمة الاستبدادية ، وافشالها وتفريغها من مضمونها في حال نجاحها ، وضرورة الابقاء على تلك الأنظمة طالما تنفذ ما يُطلب منها لخدمة مصالح الآخرين على حساب مصالح شعوبها .

* من المعروف أن ميثاق هيئة الأمم المتحدة يضمن للشعوب حق تقرير مصيرها ، إلا أن لأمريكا والدول الغربية رأي آخر عندما يتعلق الأمر بشعوب الشرق الأوسط ، فقد وقفت ضد إرادة شعب إقليم كوردستان في الاستقلال عندما قال كلمته في استفتاء جرى وفقاً للمعايير الدولية المعمولة بها بحجة أن الوقت غير مناسب ، ليتها استشارت تمثال الحرية في نيويورك فيما إذا كان الوقت مناسباً أم لا !

عميد محمد رجب دهدو حبش
14_8_2018

المقال يعبر عن رأي الكاتب

1051