توقف العمل بالمبادرة الفرنسية ومستقبل كوردستان سوريا

توقف العمل بالمبادرة الفرنسية ومستقبل كوردستان سوريا

Aug 16 2019

توقف العمل بالمبادرة الفرنسية ومستقبل كوردستان سوريا
شفان إبراهيم _ مونيتور

أعلن الحزب الديمقراطيّ الكوردستانيّ – سوريا في الأول من آب/ أغسطس 2019 عن توقّف المساعي التي سعت إليها فرنسا قبل أشهر للتقارب ومدّ جسور الثقة.

وجاء في التقرير السياسيّ للحزب: "حول الجهود والمساعي باتّجاه تحقيق شكل من أشكال التفاهم أو التوافق على القضايا المشتركة بين المجلس الوطنيّ الكورديّ في سوريا (EnKS) وحزب الاتحاد الديمقراطيّ، فإننا سوّاء في الحزب الديمقراطيّ الكوردستانيّ – سوريا أو في المجلس نؤكّد أنّه لم يحصل أيّ لقاء أبداً سوى ما حصل في باريس، ولمّرة واحدة عبر الوسيط الفرنسيّ، ونؤكّد أيضاً توقّف تلك المساعي منذ مدّة بسبب عدم استجابة (ب ي د) في مسألة المختطفين والملاحقين سياسيّاً وقضائيّاً، حيث طلب منهم الوسيط الفرنسيّ توضيح الموقف من المعتقلين بعد تسلّمهم لائحة مفصّلة بأسمائهم وتاريخ اختطافهم". حيث اجتمع الطرفان في باريس في منتصف نيسان 2019.

في تقرير تلفزيوني على شاشة العربية في 18 حزيران/ يونيو وسبق أن أبدى القياديّ في الاتّحاد الديمقراطيّ صالح مسلم إعجابه بالمبادرة الفرنسيّة والتحالف الدوليّ، والتي تهدف إلى وحدة الصفّ الكرديّ في سوريا، وهذا ما يسعون إليه كحزب.

وأشار مسؤول المكتب السياسيّ في الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ محمّد إسماعيل إلى أنّهم وجدوا في المبادرة الفرنسيّة ما يفي بالغرض وأنّهم يقبلون بالمبادرة كونها الضامنة للحوار والتقارب.

والتقى "المونيتور" عضو المكتب السياسيّ في الحزب الديمقراطيّ الكوردستانيّ – سوريا ورئيس المجالس المحليّة في ENKS محسن طاهر، الذي قال: "قدّمنا ملاحظاتنا التي تمهّد لإجراءات بناء الثقة منذ البداية إلى الوسيط الفرنسيّ، الذي بدوره أبدى تفهمّه، وبشكل إيجابيّ. ولم نلمس لا نحن ولا الوسيط الفرنسيّ أيّ جديّة لدى ب ي د حول هذه المسائل".

وتخوّف محسن طاهر على مصير المنطقة الكرديّة من تنفيذ التهديدات التركيّة، وقال: "أعتقد أنّ التطوّرات المتسارعة في ما يسمّى بشرق الفرات ألقت بظلالها على المبادرة الفرنسيّة وأسدلت الستار عليها، والسيناريوهات هي إمّا الخروج من المباحثات بتوافق يرضي تركيا وأميركا، وإمّا التوجّه صوب شبح الحرب والنزاعات والتدخّل العسكريّ التركيّ".

وأعلن وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو يوم الأحد 11 آب/ أغسطس أن تركيا "ستطّهر شرق الفرات من عناصر وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني. وحول موقفهم كحزب ومجلس، يرى طاهر إنه بعد التقارب التركي –الأمريكي الأخير حول المنطقة الآمنة ومستقبل شرق الفرات فإنهم يرون" إمكانية استئناف المبادرة الفرنسية لتقارب وتوحيد الوقف الكوردي، وضرورة أن تكون الرؤية الكوردية موحدة لدرأ الخطر والحفاظ على المنطقة الكوردية، لكن بناءً على جسور الثقة وتواجد الضامن الدولي."

وعن نوايا حزبه، أشار طاهر إلى أنّه "لن يدّخر جهداً لرأب الصدع في الصفّ الكرديّ وهو إيجابيّ ومع أيّ وساطة دوليّة، خصوصاً الفرنسيّة أو غيرها، والتي تهدف إلى وحدة الموقف والصفّ حيال المسألة السوريّة عموماً، والحركة الكرديّة خصوصاً".

لقد حاول "المونيتور" التواصل مع قيادات في الاتحاد الديمقراطيّ والإدارة الذاتيّة، لكنّه لم يتلقّ أيّ ردّ.

والتقى "المونيتور" في 5 آب/ أغسطس عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطيّ التقدميّ الكرديّ الذي ينأى بنفسه عن الصراع الكردي ويدعو للحوار، في سوريا أحمد سليمان، الذي قال: "لم يعوّل حزبنا على نجاح المبادرة الفرنسيّة منذ البداية. وأوضحنا موقفنا إلى الفرنسيّين، رغم دعمنا التام للمبادرة، لأنّ الواقع بين الطرفين لا يمكن تغييره في إطار مبادرة كهذه، وإنّ الطرفين غير قادرين على التفاهم، في ظلّ هذه الظروف الإقليميّة".

وأشار أحمد سليمان إلى أنّ الوضع سيزداد سوءاً في ظلّ أجواء ومشاحنات كهذه، وقال: "إنّ الخلافات والوضع الكرديّ سيبعدان الكرد عن التأثير على القوى المتدخّلة في الشأن السوريّ عموماً، والمنطقة الكرديّة خصوصاً، وهم عرضة لعدم الاستقرار والتهديد".

وعن إمكانيّة تشكيل إدارة جديدة وهياكل حكم تحظى بقبول القاعدة المجتمعيّة العريضة، أعادها سليمان إلى "استجابة الأطراف الكرديّة وامتلاكها قرارها وإرادتها في إيجاد تفاهم وفق سياسات تخدم مصالح الكرد في إطار مصالح السوريّين عموماً وتجنيب المناطق الكرديّة التهديدات الجديّة القائمة".

ووفق تصوّرات سليمان، فإنّ التفاهم الكرديّ – الكرديّ يشكّل ضمانة "لحماية المكتسبات القائمة، التي نجمت عن تضحيات جسيمة، وكذلك لوضع سياسات تقنع كلّ الأطراف بأنّ الكرد جزء مهمّ في حلّ الأوضاع والاستقرار في سوريا".

ولفت بعض المراقبين إلى أنّ المبادرة الفرنسيّة كانت كفيلة بضمان تثبيت الحقوق الكرديّة في الدستور السوريّ الجديد، وهو ما تحدّث عنه الحقوقيّ والباحث السياسيّ عمران منصور من باريس هاتفياً لـ"المونيتور" عن الرغبة الفرنسيّة في ضمان الحقوق الكرديّة بسوريا، آسفاً لفقدان الكرد الورقة الفرنسيّة في مفاوضات المنطقة الآمنة، في إشارة لتوقف المساعي وعدم نجاح المبادرة حتى اللحظة، وهم "يحتاجون إلى تفاهم كرديّ – كرديّ، ثمّ كرديّ – عربيّ، وإلى إيجاد واقع قانونيّ كرديّ جديد يتعامل مع الحكومة السوريّة والقوى العربيّة في المعارضة، لكنّهم اصطدموا بتعنّت مبنيّ على مصالح حزبيّة غير قادرة على تخطّي الخلافات بين الأطراف السياسيّة الكرديّة. ولذلك، تمّ تجميد المبادرة أيضاً وإيقافها".

ورأى عمران منصور أنّ المنطقة الآمنة في شرق الفرات، لو تشكّلت، ستكون "بقرار من الدول التي تتصارع على الأرض السوريّة، ولن تقبل تركيا بدور كرديّ في مستقبل سوريا، ولكن لو نجحت الدولة الفرنسيّة في مبادرتها لتشكّلت هيكليّة كرديّة جديدة تستطيع أن تتفاوض مع الأتراك والقوّة الإقليميّة لمنع قيام هذه المنطقة وإزالة كلّ الحجج التركيّة ومخاوفها".

وعن القوّة العسكريّة المشاركة في إدارة المنطقة، قال: "إنّ بيشمركة روج ستدخل في المعادلة الأميركيّة وفي قرار زيادة القوّة العسكريّة التي ستحرس المنطقة الآمنة وتديرها. وهناك مخاوف من تغيّرات ديموغرافيّة في المنطقة الكرديّة، خصوصاً أنّ تركيا ستحاول توطين اللاّجئين السوريّين لديها في كردستان سوريا، بدلاً من الرقّة ودير الزور العربيّة". وفي المقابل، فإنّ أصواتاً استغربت قرار توقّف المساعي لناحية الجهة المعلنة عن ذلك، إذ سأل السياسيّ الكرديّ المستقلّ أكرم حسين خلال حديث لـ"المونيتور": "لماذا يعلن الديمقراطيّ الكوردستانيّ – سوريا عن توقّف المساعي حول المبادرة الفرنسيّة، والأصل أن تكون فرنسا هي المعلنة عن ذلك؟".

وأشار إلى أنّهم "لم يسمعوا حتّى الآن رأي الاتحاد الديمقراطيّ في الموضوع. ومع ذلك، هل سبب الإيقاف هو انتهاء المهلة والشروط المُعلنة أم هناك أسباب أخرى؟ في كلّ الأحوال، إنّ إيقاف المساعي والجهود للتقارب أمر سيّىء، لأنّ الأفضل بقاء الحوار والتفاوض في ما يخصّ مستقبل الكرد بسوريا".

ورأى أكرم حسين أنّ كلّ طرف سيتّهم الآخر بعرقلة المساعي للتفاهم، منتقداً الإدارة الذاتيّة إذ كان عليها "أن تقوم ببناء الثقة من خلال فتح المكاتب المغلقة للأحزاب الكرديّة وإطلاق سراح معتقلي المجلس الوطنيّ الذي قدّم إليها قائمة بــ12 اسماً أو تبيان مصيرهم، إضافة إلى حريّة العمل السياسيّ والمدنيّ والإعلاميّ، والتأسيس لموقف ووفد كرديّ مشترك للتمثيل الكرديّ في المحافل والمؤتمرات الدوليّة، وخصوصاً في هيئة التفاوض، والعمل على إعادة هيكلة الإدارة القائمة، بما يخدم الشراكة مع كلّ مكوّنات المنطقة، فثمّة خطر حقيقيّ ووجوديّ يهدّد المنطقة الكرديّة من قبل تركيا ".

من جهته صرح القيادي في حركة المجتمع الديمقرطي السيد الدار خليل، إلى فضائية محلية عن عدم وجود أيَّ معتقل سياسي لديهم، وعلى الطرف الأخر الكف عن مثل هذه الطلبات. وكان المجلس الوطني الكوردي قد سلم لائحة بأسماء/12/ شخص إلى الجانب الفرنسي تقول إنهم معتقلون عند الإدارة الذاتية والإتحاد الديمقراطي.

يترقّب الكرد في سوريا مآلات أيّ توافق سياسيّ حول سوريا عموماً، ومصير كوردستان سوريا، خصوصاً في ظلّ تزايد التهديدات التركيّة لشرق الفرات. وبذلك، يبقى الخوف والقلق سيديّ المشهدين السياسيّ والشعبيّ.




المقال يعبر عن رأي الكاتب

861