ادريس حسو: الكرد و الوقت بدل الضائع

ادريس حسو: الكرد و الوقت بدل الضائع

Dec 22 2018

تركيا تحضر و تستعد للهجوم على غرب كردستان أو شرق الفرات, متذرعة بوجود حزب العمال الكردستاني(ب ك ك) هناك و يسارع الائتلاف السوري المعارض الذي يرأسه رجل تركيا و رئيس لعدد من شركاتها فيما سبق الى تأييد التدخل و مساندته بأكثر من خمسة عشر الف مسلح ممن يسمون أنفسهم بالجيش الحر. و ما يوقف الترك و أزلامها من الجيش الحر عن تنفيذ مخططهم هو التواجد الامريكي حاليا و لكن هل يمكن الارتكاز الى الموقف الأمريكي فحسب ام الكرد و أبناء المناطق الكردستانية من المكونات الأخرى مطالبين بالعمل الدؤوب لترتيب بيتهم و تغليب مصالحهم القومية و الاستراتيجية على بعض المكاسب و المنافع الحزبية.

يعلم القاصي و الداني ان هدف تركيا من خلال اعتداءاتها و تهديداتها هو القضاء على الوجود والقضية الكردية في غرب كردستان - سوريا و ليس لمحاربة الارهاب و الدفاع عن سكان المنطقة من العرب و التركمان كما تدعي فان كان كذلك فلما تترك مدن حلب و حماه و حمص لمصيرها الاسود؟ فلو أمكن للأتراك لقضوا على الكرد حتى في أعالي البحار و أعلى قمم الجبال و سيبيريا الروسية و اخر شبر من اراضي كندا ان تواجد هناك كردي يطالب بحقوق ما, و لكن تركيا دائما و ابداً تحتاج الى حجة و سبب مباشر للتدخل و مهاجمة الكرد اينما كانوا, و فيما يتعلق بغرب كردستان فأن حجتها هي وجود حزب العمال الكردستاني هذه الحجة التي توفرها حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) لتركيا على طبق من ذهب حينما لا تفك ارتباطها بقنديل و قيادة حزب العمال و تصر على ربط مصير الكرد في غرب كردستان بهذا الحزب الذي من المفروض ان تكون ساحة نضاله في شمال كردستان بسبب الوضع الكردي و الكردستاني المعقد, بالإضافة ان الاتحاد الديمقراطي لا يقدم أي مطالب قومية للكرد في غرب كردستان – سوريا و يطالب بتحقيق افكار قائد حزب العمال المتعلقة بالأمة الديمقراطية التي تنتفي فيها الحاجة للقومية و يقدم أرواح خيرة شباب الكرد قرابين لخدمة فكرة طوباوية فشلت في تحقيقها دول و امبراطوريات لها امكانات لتحتل نصف الارض أو أكثر.

كل ممارسات ب ي د تحسب على الكرد ما زاد من الشرخ بين مكونات المنطقة و بين الكرد في الوقت الذي تدعي فيه ب ي د انها تناضل في سبيل تحقيق طموحات و أهداف كل مكونات سوريا! و ليس أبناء مناطق شرق الفرات فقط.

ألم يحن الوقت ليفك (ب ي د) ارتباطه ب (ب ك ك) و يسحب البساط من تحت تركيا على الاقل و لتحسين موقف الكرد في شرق الفرات امام الراي العام الدولي و المحلي و الوطني الكردي, لا شك ان النضال من اجل اشراك جميع مكونات الشعب الكردستاني في ادارة غرب كردستان مطلب كردستاني عام و لكن بالطبع ليس على حساب القضية القومية لشعبنا التي بحلها حلا ديمقراطيا ستحل معها قضايا المكونات الاخرى ايضا.

بالإضافة الى ما سبق الم يحن الوقت للمجلس الوطني الكردي لان يعلن انسحابه من الائتلاف الذي أمسى لعبة بيد تركيا و أصبح أداة أردوغان في تهجير السوريين و تخريب مناطق سكناهم و ضربهم بعضهم ببعض على حساب قضيتهم الاساسية و هنا لا بد من السؤال من المستفيد من بقاء المجلس الوطني الكردي في الائتلاف, الائتلاف أم المجلس؟

بالطبع لم يستفد من هذا البقاء غير الائتلاف في حين أمام كل تدخل من تركيا في الشأن الكردي خاصة و السوري عامة و مساندة هذا التدخل من قبل الائتلاف يخسر المجلس جمهوره و يتشوه صورته امام أبناء الشعب الكردي أكثر.

السؤال الآخر الذي يفرض نفسه بقوة هو هل بقية المدن السورية محررة و بيد المعارضة و لم يبقى سوى شرق الفرات لتتفرغ له المعارضة لتحريرها من ال (ب ك ك) كما يدعون؟

خسرت المعارضة كل مناطقها و سلمتها للنظام و بمباركة حليف المعارضة اللدود أردوغان, ثم افرغتها أردوغان من كل المعاني الوطنية و اصبحت عصاه للانتقام من الكرد فتركت المعارضة اهل المناطق المنتفضة ضد النظام تحت رحمة اجهزة أمن النظام و باصاته الخضر و راحت تعيث فسادا في المناطق الكردستانية مقابل ارضاء السلطان التركي أبعد هذا هل يحق للمجلس ان يبقى ضمن صفوق الائتلاف ؟ ثم أليس للمجلس جناح عسكري فليتكفل هو بمهمة حفظ الامن في المناطق الكردستانية ان لم يكن نية المعارضة افراغ المنطقة من الكرد نهائيا و تنفيذ السياسية التركية القائمة على ابادة الكرد وغيرهم منذ مئة عام.

ليس للكرد في غرب كردستان الذين يلعبون في الوقت بدل الضائع خلاص سوى فك ارتباطهم بكل القوى الكردستانية و اتخاذ سياسة مستقلة و بناء مواقفها بما يخدم الكرد في غرب كردستان متوافقا مع الحالة السورية و الوقوف على مسافة واحدة من كل القوى الكردستانية سواء الداعمة للمجلس او الداعمة ل (ب ي د) و ترتيب البيت الكردي بما يخدم مصلحة الكرد في غرب كردستان – سوريا و بناء العلاقات الكردستانية و الاقليمية و الدولية من هذا المنطلق عندها سيجد الكرد في غرب كردستان كل الكردستانيين و على رأسهم المرجعية الكردية الأبرز الرئيس مسعود البارزاني إلى جانبهم كما أكد ذلك مراراَ و ستكون التضحيات اقل و المسافة أقصر مما نتصورها للوصول الى الاهداف المنشودة التي تخدم الكرد على وجه الخصوص والشعب السوري بكل مكوناته على وجه العموم.

هولير 15.12.2018


المقال يعبر عن رأي الكاتب

546