الأزمة السورية برسم التأجيل

الأزمة السورية برسم التأجيل

Dec 17 2018

الأزمة السورية برسم التأجيل
محسن طاهر

إن القراءة المتأنية لمسار الأزمة السورية ومآلات تصريحات بعض المسؤولين في الدول المنخرطة في المسألة ذاتها, تدفع بالمتابعين للمشهد السوري بأنه لن يجد طريقاً للحل قريباً, مما يسبّب في زيادة مأساة الشعب وتفاقم معاناته طرداً مع طول المدة, كمان أن إطالة عمر الأزمة قد تدفع نحو التغيير في التحالفات وتبادل في الأدوار والمواقف لدى الجهات المنغمسة في الوحل السوري تنهي التموضع الراهن وظهور تقاربات جديدة أكثر انسجاماً رغم التنافر الصارخ في الرؤى والمصالح. المقاربة المتوقّعة للمشهد القادم تتجلى في بلورة تحالف روسي أمريكي تركي بدعم مباشر من دول الخليج لضمان انسيابية حل القضايا والملفات العالقة مع دور مستتر لإسرائيل كحديقة خلفية, وصولاً لتوافق محمود بين الحمار الامريكي (شعار الحزب الجمهوري الامريكي) والدب الروسي الذي أوجد فسحة واسعة له في الميدان السوري مع ترجيح الكفة لمصلحة المشروع الروسي برضا أمريكي واقليمي وأممي.

حتى لا نقلل من الدور الايراني أو الاستهانة بتأثيره على المشهد السوري وفي المنطقة، أزعم أن قادم السنوات سيشهد تراجعاً للدور الإيراني وانحساراً لسطوة ذراعه العسكري نتيجة ما تتعرّض له طهران من ضغط سياسي وحصار اقتصادي خانق يدفعه نحو شراك الأزمات الداخلية يصعب الفكاك منها, مما يسهل ابعاد الهيمنة الايرانية عن دمشق وتقطيع أوصال الهلال الشيعي وتقليص رقعته لتقف عند تخوم عاصمة الخلافة العباسية في المرحلة الاولى, ووصولاً للصفر في تصدير الثورة الخمينية منذ (1979) والتدخل في الشأن الاقليمي والدولي.

قد لا تجد هذه الرؤية غير المتجانسة طريقها للتطبيق بين ليلة وضحاها, وإنما تستدعي المزيد من الوقت والجهد والمال, بسبب استفحال الأزمة وتشابك أوجه الصراع على الشرق الأوسط من جهة وحساسية الموقع الجيو بوليتيكي لسوريا بالنسبة للمحيط الإقليمي والدولي من جهة أخرى, وهو ما يدفع بالمراقبين, التهكن بعجز المجتمع الدولي عن ايجاد الحل السياسي للازمة سريعاً بالرغم من عشرات القمم والمؤتمرات والقرارات الاممية ذات الصلة.

لا شك بأن الشهداء الذين عطروا تراب الوطن من أقصاه إلى اقصاه بدمائهم الذكية من أجل الحرية والكرامة, كان مرادهم تطبيق العدالة الانتقالية, وصولاً لدولة المواطنة الحقة, تنتفي في ظلها كافة أشكال الجور السياسي والاثني والاجتماعي والديني والمذهبي، لكنّ الطغاة والإرهابيين عكسوا تدوير عجلة الثورة، واستباحوا الشجر والحجر وفتكوا بالأرض والعرض، لذا بات سيناريو الخلاص من الازمة والوصول إلى النهايات الحميدة.

الهمّ الوحيد لدى عامة الناس ولا يبالي كيفما جاءت تدوير الزوايا السياسية ولمصلحة مَنْ؟ ما دام أصحاب اليد الطولى في بازار السياسات الدولية, ولعبة المقايضات البينية في الكواليس, يخططون لمقاربة الحلول وفقاً لمقتضياتهم, بعيداً عن عظمة تضحيات الوطن والشعب السوري.

جريدة كوردستان


المقال يعبر عن رأي الكاتب

526