حرب التصريحات الكلامية بين أمريكا وإيران في حرب غزة

حرب التصريحات الكلامية بين أمريكا وإيران في حرب غزة

Aug 11 2024

حرب التصريحات الكلامية بين أمريكا وإيران في حرب غزة.. عبداللطيف محمدامين موسى

إن جملة التعقيدات الحساسة التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط في هذه الظروف الدقيقة المتمثلة في الحرب الإسرائيلية والمنظمات المسلحة في غزة وتهديدات اتساع نطاق الصراع عبر التهديد بدخول حزب الله المباشر في النزاع من خلال التهديد بفتح جبهة أخرى في لبنان.

كما أن الأحداث الأخيرة في تصفية رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية والاستهدافات شبه اليومية المتكررة لأبرز قادة حزب الله والتهديدات الإيرانية المتعقلة بتجاوز الخطوط الحمر من قبل إسرائيل ومسائل السيادة والتهديد بوحدة الساحات كلها جملة من التساؤلات تقود القارئ الكريم أو المتتبع لسير الأحداث في المنطقة عن المسار أو المنحى الذي ستتخذه سير الأحداث من خلال جدية إيران من عدمه في تنفيذ تهديداتها بإشعال المنطقة، وماهي الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع جدية التهديدات الإيرانية عبر الرد المباشر مع إسرائيل أو الضغط على إسرائيل وإيران.

باتت جلية زيادة حدّة التصريحات والتهديدات الكلامية في المنطقة على حساب تنفيذ الوعود العسكرية من قبل إيران أو أن مستوى التأخير في تنفيذ إيران لتهديداتها في الرد على إسرائيل المتمثلة بالسيادة المجروحة في قتل هنية على أراضيها أو لجم حزب الله ومنعه في التأخير على تنفيذ تهديداته على قتل مسؤوليها الكبار بل لها دلالات عديدة متمثلة بأمور في الخفاء أو مباحثات غير مباشرة من تحت الطاولة تعفى إيران من الردّ وتخلصها من الحرج أمام حلفائها ومحورها المزعوم بمحور الساحات، ولعل هذا يضعنا أمام السيناريو المتكرر في ابريل الماضي في الردّ المتفق بين إيران والولايات المتحدة في تنفيذ ضربات محدودة متفق عليها من حيث التوقيت والعدد والكم وهذا الأمر الذي حاولت كلٌّ من إيران والولايات المتحدة إخفائه. في الحقيقة عند التفكير في تكرار سيناريو أبريل الماضي بين إيران وإدارة بايدن هنالك الكثير من الأسباب والأمور التي لربما دفعت كلاً من إيران والولايات المتحدة لتكرار نفس السيناريو من الأهمية بالنسبة لتلك الدول أخذها في عين الاعتبار لربما ستعيق أو ستؤخر تكرار تنفيذ نفس السيناريو، ومن أهم تلك الأمور الاختلاف الكبير في شكل ومضمون، وبعد الأحداث في أبريل الماضي والآن، وكما هنالك الكثير من الأحداث والمستجدات قد تغيّرت بالنسبة لكل من إيران وإدارة بايدن من أهمها بالنسبة لإدارة بايدن قرب موعد الانتخابات الأمريكية والموقف الضعيف لإدارة بايدن والمتهمة بالتقصير مع إسرائيل من خلال التهديد بإيقاف بعض شحنات الأسلحة الأمريكية وبوادر ظهور خلافات أو حالة عدم الانسجام الكامل بين الإدارة الأمريكية والحكومة اليمينة المتطرفة في إسرائيل بقيادة نتنياهو، وبرأي في حال تكرار سيناريو أبريل الماضي في صفقة للرد الشكلي ووأد محادثات واتفاقيات من تحت الطاولة بين إدارة بايدن وإيران الأمر الذي سيفقد هذه الإدارة الكثير من أصوات اللوبي اليهودي في الانتخابات القادمة مما ستشكل ضربة قاضية لهذه الإدارة، وكذلك الأمور الأخرى التي تقف عائقاً أمام تنقيذ تكرار سيناريو أبريل الماضي بين أمريكا وإيران، وهي الربط الكامل بين إعفاء إيران وحزب الله من الرد على إسرائيل والتوصل إلى اتفاق وقف شامل للحرب في غزة وعودة الرهائن وهذا الأمر من الصعوبة تحقيقه بسب التعنت من قبل نتنياهو ومستقبله السياسي في اليوم الثاني من بعد انتهاء الحرب وسوق نتنياهو للحجج والمطالب المتكررة التي تمنع التوصل لاتفاق بحجة عدم تحقيق إسرائيل لأهداف حربها في غزة من تفكيك حماس وتحرير الرهائن، ومن الأمور الأخرى التي تقف عائقاً أمام إدارة بايدن في السعي إلى تكرار سيناريو ابريل الماضي هي صعوبة فرض هذه الإدارة الشروط أو لجم نتنياهو في الالتزام بالتعهدات السياسية في المنطقة كون هنالك الكثير من الأمور تدفع نتنياهو إلى عدم الامتثال لضغوط إدارة بايدن وهي خوف نتنياهو من اليوم الثاني بعد إيقاف حرب غزة وعدم تحرير الرهائن ومسألة المحاسبة في إسرائيل ومستقبلها السياسي والضغوطات الداخلية من شركائه في الحكومة وتهديدات بن غفير وسمودريتش الوزيرين المتطرفين، وكلها جملة من التعقيدات التي تعيق إدارة بايدن من تكرار تنفيذ سيناريو إبريل الماضي في التوصل لرد شكلي أو إعفاء إيران وحزب الله من الرد. إيران بدورها بحاجة إلى تكرار نفس السيناريو عبر الإعفاء من الرد أو الرد المتفق الشكلي على مقتل هنية، وكذلك مسألة السيادة كونها مجبرة على الرد وكما التأخير في ردها إلى كل هذه المدة ستضعها أمام ضغوط داخلية وخارجية أمام حلفائها من خلال وحدة الساحات التي بدأت تتلاشى برأي من خلال منع حزب الله من الرد وضغوطات كبيرة لعزل جبهة سورية وضربات إسرائيلية موجعة و كبيرة مؤخراً ألحقت خسائر كبيرة بالحوثيين والضغوطات على ائتلاف إدارة الدولة التي تقود المليشيات في العراق، وتعمل إلى إحراج للحكومة العراقية والمجبرة على كبح جماح المليشيات العراقية بموجب تعهدات بينها وبين إدارة بايدن. كلها جملة من التعقيدات أمام إيران تمعنها من تحقيق اتفاق شكلي مع إدارة بايدن تعفيها من الرد المؤثر والإيفاء بتعهداتها بالرد على مقتل هنية أمام حلفائها.

في المحصلة إن جملة التعقيدات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط في اتساع حجم الصراع في حرب غزة ستجد كلاً من إسرائيل وإدارة بايدن وإيران وحلفائها نفسها أمام صراع شامل في المنطقة لا مفر منه من دون التخلي عن سياسة المصالح وتوافر الرغبة الصادقة في جعل مصالح شعوب المنطقة على حساب مصالحها وتحقيق أجنداتها الشخصية.

وبراي ستجد تلك الدول نفسها أمام تهديدات حقيقية على المنطقة وعلى دولها وستنقل المنطقة الى صراع شامل لم تعد تنفع الحرب الكلامية والتهديدات الإعلامية الشكلية.


المقال يعبر عن رأي الكاتب

830