ماذا يخبرنا نوروز 2024 ؟
ماذا يخبرنا نوروز 2024 ؟
عبدو أحمد
واجه الكُرد في غربي كُردستان خلال العقود الماضية على يد نظام البعث في سوريا شتّى أنواع القمع في كافة مجالات الحياة وخاصّة فيما يتعلق بإحياء عيد نوروز، العيد القومي للكُرد، وقدم العديد من الشهداء في سبيل إحياء هذا العيد، أولهم سليمان آدي الذي استشهد في 21 آذار 1986 على يد النظام السوري وآخرهم أربعة أفراد من عائلة بيشمرك في ناحية جنديرس بمنطقة عفرين ليلة نوروز 2023، على يد الفصائل المسلحة التابعة للمعارضة السورية، في المحصلة يحتفل الكُرد بهذا العيد كلّ عام مهما كانت الصعوبات أو حجم التضحيات المقدمة في سبيل إحيائه، وإذا ما أسقطنا الضوء على عيد هذا العام سنرى تغيراً في تعامل إدارة PYD والفصائل المسلحة مع المحتفلين في مناطق غربي كُردستان كلٌّ في مناطق سيطرته، فهل تغيرت نحو الأفضل أم الأسوأ ؟
في منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة التابعة للمعارضة السورية، احتفل الكُرد بعيدهم القومي ورفعوا العلم الكُردي عالياً على مسارح نوروز تحت أنظار رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة، مرّ عيد هذا العام بدون حوادثٍ تذكر وبهذا استطاعت المعارضة السورية إرسال رسالةٍ مفادها أنّ هنالك احترام للمقدسات القومية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، على عكس العام الماضي الذي شهد مجزرة ليلة نوروز في جنديرس، طالت الفصائل المسلحة في إثرها العديد من الإدانات، من خلال المقارنة بين العيدين نجد بأنّ المعارضة نجحت في خلق مناخٍ إيجابي يخدمها سواء كان تعاملها مع نوروز دبلوماسياً أم ينبع من إيمانه بحقوق القوميات في ممارسات طقوسها وأعيادها.
في مناطق غربي كُردستان الخاصعة لسيطرة إدارة PYD نجد العكس إذا ما قارنّا بين نوروز هذا العام والعام الفائت، ففي الرابع عشر من آذار أقدم مسلحو إدارة PYD على تخريب منصة الاحتفال بعيد نوروز التابعة للمجلس الوطني الكُردي في منطقة دريجيك بريف مدينة تربه سبيه، إذ قامت جرافات وسيارات تابعة لهذه الإدارة برمي الأتربة والحجارة والقمامة في الموقع وتخريب المنصة التي تم بناؤها قبل عام، وحين أكّد المجلس الوطني الكُردي في بيان بأنّ هذه الممارسات لن تثنيه عن الدفاع عن القضية الكُردية والمقدسات، داعياً قوات التحالف وأمريكا بالتدخل لوقف هذه الأعمال الترهيبية بحق الشعب الكُردي، أقدم مسلحو هذه الإدارة مجدّداً على تخريب منصة دريجيك عبر رشها بمادة الفيول في العشرين من آذار، إنّ هذا الإصرار على منع الاحتفال بعيد نوروز ما هو إلا نذير شؤمٍ لما نحن مقبلون عليه في ظل هذه الإدارة من جهة ودليلٌ على عدم استقلالية قراراتها وارتباطها بأجندات تعادي القضية والوجود الكُردي في غربي كُردستان من جهة أخرى.
ختاماً وفي ظل المناخ السائد المتسم بعدم الاستقرار على الإنسان الكُردي في هذه البقعة الجغرافية أنّ يحرص كلّ الحرص على ممارسة طقوسه القومية المقدسة في كلّ الظروف لأنّها إرثٌ تاريخي ونضالي ينتقل عبر الأجيال مظهراً الهوية الجميلة لهذا الشعب الأصيل على أرضه التاريخية، وأن يحذر كلّ الحذر من محاولات التشويه الجارية على قدمٍ وساق وما شاهدناه هذا العام على مسارح إدارة PYD الخاصّة بنوروز خير دليلٍ على ذلك.
المقال يعبر عن رأي الكاتب
8220