النقد السياسي تحت بند المحظورات

النقد السياسي تحت بند المحظورات
أكرم الملا

تعد مراجعة التجربة السياسية، والقصد من ذلك المراجعة النقدية، من أهم العمليات التي يفترض بالأحزاب والحركات السياسية القيام بها في المحطات المختلفة، سواء في المؤتمرات الدورية أو في سياق العمل اليومي، إلا أن غالبية أحزابنا الكوردية كما نعلم، لم تختبر هذه المراجعات يوماً بل إنها كما بينت التجربة، تستنكر أي ملاحظة حول مواقفها، وتكشر عن أنيابها تجاه أي موقف نقدي لسياساتها وممارساتها، بل إنها قد تعتبر ذلك جزءاً من عملية معادية لاستهدافها، أو لإضعافها.

لذا فإن حركتنا الكوردية السياسية بمعظمها للأسف تظن أنها مخلدة، وتمتلك الحقيقة المطلقة، بل إنها تعتقد أن شعاراتها وخطاباتها تعد من البديهيات واليقينيات، أي فوق النقاش، بدل أن تشجع على عملية التفكير، وبالأخص التفكير النقدي، لذلك فليس غريباً أن نجد أغلب اعضاء المنظمات الحزبية بمثابة جماعات مغلقة تتمحور حول بعضها، مثل العائلات والعشائر والطوائف، وتلتف حول حركاتها السياسية، في تماه مع الأنظمة الاستبدادية التي ترى أن الشعب مجرد جماهير ليس لها إلا أن تهزج بشعارات القائد، أو الحزب القائد.

في مواجهة هذا الوضع، من المفيد أن يدخل في إدراكات المنتمين للحركات السياسية، وحتى المثقفين (ومنهم طبعاً الاعلاميون) اللامنتمين لأية حركات، أن السياسة تعني المشاركة السياسية، وحرية الرأي والتعبير والاقتراح، وتالياً النقد، وفي أساسه النقد الذاتي، لأن أية حركات سياسية لا تواجه ذاتها، ولا تنتقد تجربتها، هي حركات لا تستحق الحياة، إذ إنها تبدو غير واثقة من نفسها، ولا حتى من مسيرتها، فضلاً عن أن ذلك يعني أنها فقدت حيويتها، وقدرتها على التطور والتجديد.

إن الحركة الكوردية في سوريا ومنذ نشأتها تسير في تباعد مع عملية النقد السياسي وأصولها، أي عدم التقاء الحركة الكوردية في ممارساتها مع تقبل النقد السياسي الموجه اليها من الجماهير والنخب الثقافية والسياسية التي تنشط على الساحة السياسية الكوردية، إذا كانت الأحزاب الكوردية في داخلها التنظيمي والسياسي تنفر من عملية النقد بمجملها فكيف بها أن تقبل النقد الموجه اليها من خارج اطارها التنظيمي، وهذا نابع من التسلط المنصبي والمراتبي الذي تمارسه قيادات الأحزاب الكوردية بحق الملتزمين وتهميش رأي الجماهير.

جریده‌ كوردستان





المقال يعبر عن رأي الكاتب

535