الهوية الكوردية في أزمة الشعارات

الهوية الكوردية في أزمة الشعارات

Oct 19 2023

الهوية الكوردية في أزمة الشعارات
عبدو أحمد

في ظل ما يشهده العالم من تحولات غيّرت وجه العالم وخاصةً منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا التي شهدت أولى شرارت التغيير في أواخر عام 2010 بتونس وانتقلت لتشمل دولاً عديدة في أفريقيا والشرق الأوسط ومنها سوريا التي شهدت أولى شرارت "الثورة المستأنفة" في وجه النظام السوري في آذار عام 2011، شارك كورد سوريا في "الثورة المستأنفة" منذ أيامها الأولى وهم الذين لديهم سجلٌ حافل من المواقف ضد نظام البعث في سوريا، أقول "الثورة المستأنفة" لأن انتفاضة الكورد ضد النظام في 12 آذار عام 2004 وإسقاطهم تماثيل رئيس النظام السابق حافظ الأسد كانت بداية الثورة التي استُأنِفت فيما بعد عام 2011.

مع استئناف الثورة انتقل الكورد من مرحلة الحفاظ على الهوية إلى مرحلة المطالبة بالحقوق القومية ضمن سوريا فيدرالية يقرر الدستور فيها شكل الحكم وحقوق القوميات، فأين وصل الكورد في مسعاهم بعد مرور اثني عشر عاماً ونيّف على استئناف الثورة ؟

علِم النظام جيداً أن وحدة القوميات التي تعيش على جغرافية سوريا ستسرع في إسقاطه، لذا عمل جاهداً على إبعاد الشعب الكوردي عن الحراك الثوري ووجد ضالته في حزب العمال الكوردستاني التابع الوفي لها منذ تأسيسه وحتى اليوم، تلبية النداء جاءت سريعة من حزب الاتحاد الديمقراطي الجناح السوري لحزب العمال الكوردستاني وبعد لقاءات جمعت بين قيادات الأخير واستخبارات النظام أعلن "الاتحاد الديمقراطي" تأسيس "وحدات حماية الشعب" في 19 تموز 2012 عبر بيان نشرته وكالة فرات نيوز التابعة للعمال الكوردستاني، ثم جرى استلام وتسليم مدن كوردستان سوريا في مسرحية هزلية بين الطرفين وفي 13 آب 2013 أعلن الاتحاد الديمقراطي عن البدء بالمرحلة الثانية من "الإدارة الذاتية" في مؤتمر صحفي وذلك بتشكيل بتشكيل هيئة تشريعية مكلّفة بتشكيل الهيئة الإدارية الانتقالية للمنطقة، وفي 12 تشرين الثاني 2013 أعلن عن تشكيل مجلس عام "للإدارة الذاتية" ومنذ ذاك الحين والوجود الكوردي بسوريا في خطر.

بعيداً عن المشاريع السياسية والفكرية التي يتبنّاها "حزب الاتحاد الديمقراطي" والتي تناهض مفهوم الدولة القوميّة وهي نفس المشاريع التي يتبناها "العمال الكوردستاني"، بات الوجود الكوردي على جغرافيته في الجزء الغربي من كوردستان المحلق بسوريا في ظل هذه الإدارة التي تشكلت في ظروف استخباراتية في خطرٍ حقيقي ويعود ذلك لعدة أسبابٍ عمل على تنفيذها "الاتحاد الديمقراطي" بحرفية تامة كتفكيك الأسرة وعسكرة المجتمع وخاصةً الأطفال وخداع المرأة بالشعارات الواهية، فضلاً عن الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المنطقة بالرغم من كونها المخزون النفطي والغذائي لسوريا وكذلك سوء الوضع الخدمي والكثير من الأسباب الأخرى، نتيجةً لما سلف شهدت كوردستان سوريا موجة هجرة كبيرة إلى الغرب ودول الجوار وازدادت هذه الموجة لتغدو ظاهرةً خطيرة تهدد الوجود الكوردي على أرضه التاريخية، لذا وبعد مرور اثني عشر عاماً ونيّف على اسئتناف الثورة أوصل "الاتحاد الديمقراطي" الكورد إلى منعطفٍ خطير لم يشهد له مثيلاً في تاريخ سوريا الحديثة حتى في عهد تحكّم نظام البعث بمفاصل الحياة في سوريا، مما سبق نستطيع القول بأن النظام السوري وإن قلّت سلطته وتحكّمه ببعض المناطق في سوريا لكن سلطته في كوردستان سوريا لا تزال كما هي عبر تابعه الوفي، وإن أخذنا النتائج التي حققها "الاتحاد الديمقراطي" على الأرض لصالح النظام بعين الاعتبار نجد أن التابع تفوق على متبوعه في محاربة الكورد.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

6234