نحو المؤتمر العام لحزبنا الديمقراطي الكوردستاني - سوريا ( الجزء الثاني )

نحو المؤتمر العام لحزبنا الديمقراطي الكوردستاني - سوريا ( الجزء الثاني )

Feb 16 2023

نحو المؤتمر العام لحزبنا الديمقراطي الكوردستاني – سوريا ( الجزء الثاني )
شاهين أحمد

بالرغم من حجم المأساة والخراب الذي خلفه الزلزال المدمر الذي حدث بتاريخ الـ 6 من شباط الجاري 2023 والذي شمل مساحات واسعة في تركيا وسوريا، وكان لشعبنا النصيب الأكبر من الخسائر البشرية والمادية وفي الوقت الذي نسأل الباري عز وجل أن يتغمد جميع شهداء الكارثة ومن جميع الملل بواسع رحمته، وأن يشفي الجرحى شفاءً تاماً وعاجلاً، وأن يلهم ذوي الضحايا الصبر والسلوان، وأن يمد من كُتب لهم عمر جديد - وأنا وعائلتي منهم - بالصحة والعمر المديد وإيماناً منا بأن الحياة لن تتوقف ، وأن شعبنا مثل غيره من شعوب المعمورة يحتاج إلى تنظيم وتأطير جهود مختلف شرائحه ليتمكن من تقرير مصيره ويجب أن نزيل غبار اليأس عن أنفسنا وشعبنا بعد هذه الكارثة.

فإننا سوف نستمر في الكتابة في الموضوع الذي بدأنا فيه والمتعلق بمؤتمر حزبنا. ونود أن نذكر المهتمين والرفاق بأننا وفي الجزء الأول والذي كان بمثابة مدخل إلى هذا الموضوع الهام والحساس حاولنا قدر الإمكان الالتزام بالقوالب القديمة والسباحة في العموميات وطرح عناوين ستشكل بعضها حلقات كاملة في هذه السلسلة، وإثارة بعض القضايا التي من شأنها دفع الرفاق وكذلك المهتمين وخاصة الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً من المشروع الذي يعتبر الحزب نفسه حاملاً له وخاصةً في هذه المرحلة التي يتهيأ فيها لعقد مؤتمره العام.

ومن العوامل التي شجعتني في الاستمرار في متابعة الكتابة في هذا الموضوع، الاهتمام الذي لاحظته من قبل العديد من أصحاب الأقلام المستقلة والحزبية في الكتابة عن ذات الموضوع - بغض النظر عن مساحات الاختلاف أو الاتفاق - والذي يؤكد أهمية الحزب وثقله ومؤتمره ودوره المحوري في حقل العمل الحزبي - السياسي الكوردي في الساحة السورية، وكذلك الموقع الذي يشغله داخل المجلس الوطني الكوردي، وفي الحراك السياسي الوطني السوري المعارض.

ونكرر التأكيد على ضرورة وواجب الاهتمام والاستماع لـ كل من يجد نفسه معنياً بالمشروع الذي يحمله ويمثله الحزب، ويطلق المبادرات، ويبدي الملاحظات على أدائه ودوره بعد معرفة الأعباء التي تثقل كاهله، والواجبات المطلوبة منه، للانتقال به إلى حقول أكثر نشاطاً وفاعلية، وفي الوقت عينه على مطلقي المبادرات والملاحظات أن لايجانبوا الموضوعية في مبادراتهم لأن الحكمة والمسؤولية تقتضيان معرفة الظروف التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط عامة وبلدنا سوريا وكوردستان سوريا بصورةٍ خاصة ، والخيارات الواقعية المتاحة أمام هكذا حزب وحجم الإمكانات الموجودة لديه، والاطلاع على نشاطاته، وتركيبة حلفائه في المعارضة السورية كي تأتي تلك الملاحظات في حقول البناء والمساهمة الإيجابية، وتلامس تلك المساعي مساحة المنطق والواقع الموجود بعيداً عن الأوهام والأحلام وبالتالي حجم توقعاتنا من محطة تنظيمية مهمة لهذا التعبير التنظيمي - السياسي الهام الذي حاول أن يعبر سياسياً بكل صدق وأمانة عن طموحات شعبنا وقضيته القومية بالرغم من كل الضغوطات والتحديات التي تواجهه.

والخوض في هكذا موضوع حساس وضروري يتطلب الجدية والجرأة والشعور بالمسؤولية، ومراعاة الضوابط التنظيمية الموجودة في النظام الداخلي والصياغات الموجودة في البرنامج السياسي ومختلف الوثائق التي تشكل الأساس في اختيار المسار في هكذا محطة، وتلقي على عاتق مندوبي المؤتمر مسؤولية وضع خطط متنوعة ومجدولة زمنياً وفق استراتيجية واقعية عملية مرفقة ببرامج واضحة الأهداف.

ومن الأهمية هنا التأكيد بأنه لايمكن تحقيق ذلك إلا إذا توفرت البيئة الملائمة والكفاءات المتنوعة والسلوكية الديمقراطية والتفكير من خلال منهجية علمية وإيجاد وخلق آليات التفاعل والمشاركة بين القيادة والقواعد،ومأسسة عمل مكاتب الحزب، وتفكيك الشمولية الهادفة في الاستحواذ على المراكز الأساسية وحصرها في الشخص على حساب المؤسسة، ووضع خطط للتخلص من ظاهرة التكتلات من خلال العمل وفق مبدأ اللامركزية ، وأن تكون الولاءات للحزب والنهج والخط السياسي وليس للشخص ، واعتماد المرونة في العلاقات الداخلية والبراغماتية في العلاقات الخارجية، وتحرير المكلفين بالعلاقات الخارجية من حقول الايديولوجيا وإعطائهم مساحات كافية للتحرك في حقول الدبلوماسية الواسعة والمرنة وبما يخدم قضية شعبنا ، والتعامل مع الحزب كأداة متغيرة وليس هدفاً بحد ذاته، والدفع باتجاه صياغة معايير علمية – واقعية لاختيار القيادات ومسؤولي المؤسسات والمكاتب المختلفة، وتطهير الحزب من الأشخاص المعروفين بسمعتهم السيئة التي تشكل وجودها واستمراريتها عبئاً على الحزب، وتصحيح العلاقة بين الحزب وأصحاب الأقلام من الكتاب والمستقلين ، والبحث الجدي عن آليات واقعية لمشاركتهم في الحياة السياسية بصيغ معينة ومتوافقة لخدمة شعبنا وقضيته، والخروج من حقول الحرب الباردة وخطاباتها المسمومة، والسير نحو خصخصة العمل قدر المستطاع والاستفادة من كافة الشرائح وإيجاد أشكال تعاون ليست بالضرورة وفق الصيغ الجامدة التي عفى عليها الزمن.

ودعم أصحاب الأقلام مادياً ومعنوياً من خلال تأسيس مراكز تصحيح التاريخ الذي تم تزويره من قبل الأقلام الأمنية وإعادة صياغته وطباعته ونشره، والقيام بورشات عمل وحوارات هادفة لدفع تلك الشريحة للانخراط في العمل المخطط سواءً داخل لتنظيم وضوابطه أو خارجه، وكذلك دعم المرأة والشباب وضرورة تنظيم طاقات كافة الشرائح والفئات العمرية القادرة على العمل والعطاء لضمان الاستمرارية وإشراكهم في صياغة القرارات، وعدم الخوف من مبدأ الشفافية والمحاسبة لأنه لايوجد أحد معصوم عن الخطأ، فقط من لايعمل ( وهنا الكارثة ) لاتظهر أخطائه . وبما أن الغاية من الكتابة في هذا الموضوع هي إشراك أكبر عدد ممكن من الرفاق وجماهير حزبنا ومؤيديه وأصدقائه لتوليد أفكار وصياغة رؤى " قد " تفيد في إلقاء الضوء على بعض الزوايا المعتمة التي تخص كل المعنيين بالحزب والحريصين عليه وعلى مؤتمره ومستقبله ، وخاصة الذين يعلقون آمالاً عليه لأنهم يجدون أنفسهم جزءاً من مشروعه القومي الكوردي أو الوطني السوري ، وكما سبق وأن أكدنا في الجزء السابق بأننا سوف نقوم بنشر مساهماتنا حول مختلف الجوانب السياسية والتنظيمية والإعلامية التي تخص مؤتمرنا العتيد . لذلك سوف نخصص ماتبقى من هذا الجزء حول وجودنا في المجلس الوطني الكوردي والمفاوضات مع PYNK.

نحن والمجلس الوطني الكوردي ENKS والمفاوضات مع PYNK
بدون شك لاندعي هنا بأن ENKS كإطار هو حالة مثالية ، أو أنه خالي من العيوب والنواقص . ولكنه وبالرغم من الإمكانات المحدودة، وحجم الضغوطات التي يتعرض لها إلا أنه بقي محافظاً على موقفه من الأزمة السورية ورفضه للحلول العسكرية - الأمنية وضرورة إيجاد حل سياسي وفق بيان جنيف 1 لعام 2012 والقرارات الدولية ذات الصلة وخاصة القرار 2254، ومازال يمثل الكورد سياسياً في مختلف المنابر والمحافل التي تعنى بمستقبل سوريا ومازال يجمع أوسع شريحة من المؤمنين بالمشروع القومي الكوردي في إطار سوريا اتحادية ، ولايمكن تجاهله أو تهميشه من قبل اللاعبين المؤثرين في الشأن السوري أوعندما يكون هناك أي حديث عن العملية السياسية حول مستقبل سوريا. وكان المجلس أحد أهم طرفين شملهما كل المبادرات التي أطلقتها الدول العظمى (فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية) في مسار وحدة الصف الكوردي في سوريا.

وحتى الطرف الآخر المتمثل في فرع العمال الكوردستاني وبالرغم من ممارساته الترهيبيه المستمرة لم يفلح في إنهاء دور المجلس أوتغييبه عن ساحة الفعل السياسي . وكان ENKS أحد طرفي اتفاقيات هولير 1 وهولير 2 ودهوك وملحقاتها برعاية كريمة من الرئيس مسعود البارزاني، وبفضل السياسات المرنة والهادئة للمجلس وعدم التعامل مع الأحداث بردة فعل والممارسات اللامسؤولة، وإصراره على الثوابت القومية الكوردية والوطنية السورية كانت مسودة الرؤية السياسية التي تم التوصل إليها بين الطرفين (ENKS و PYNK) لصالح سياسات المجلس بشكل واضح لجهة أهمية التخلص من الاستبداد وإقامة البديل الوطني الديمقراطي.

والمجلس يدرك تماماً بأن حزب الاتحاد الديمقراطي ليس بيده القرار لا فيما يتعلق بالحوارات الكوردية - الكوردية ولا حتى فيما يتعلق بوضعه التنظيمي الداخلي ، والقرار الفعلي بيد قيادة pkk في قنديل ، وبالتالي لايستطيع pyd ومختلف المسميات السورية الأخرى التابعة للعمال الكوردستاني القيام بأية خطوة خارج إرادة قنديل . والحوارات إذا شاءت الأقدار وتوجت بإتفاق يعني خروج كافة قيادات وكوادر العمال الكوردستاني المنحدرين من خارج كوردستان سوريا بشكل كامل ونهائي ، وبالتالي خروج الاتحاد الديمقراطي ومختلف المسميات السورية الأخرى من تحت تأثير قنديل وهذا لن يحصل إلا من خلال عملية فك الارتباط بين الاتحاد الديمقراطي والعمال الكوردستاني ، والمجلس مازال الطرف " الوحيد " المعترف به كممثل سياسي للشعب الكوردي في سوريا في مختلف المحافل الدولية ومؤتمرات جنيف الخاصة بالعملية السياسية وكذلك في اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض.

وجدير ذكره أن شرائح غير قليلة في المعارضة السورية يتوجسون خيفة من أن عملية التقارب بين المجلس والاتحاد الديمقراطي سوف تؤدي بالمجلس إلى الابتعاد عن المعارضة.

لكن في الواقع أن اللقاءات بين الطرفين ومن بين أهدافها تعزيز دور ممثلي الشعب الكوردي في خندق المعارضة وليس خندق النظام . والمجلس يدرك تماماً علاقات pyd وإرتباطاته العضوية مع العمال الكوردستاني، ولكن المجلس حاول التوصل إلى تفاهمات وتوافقات من شأنها إنقاذ ماتبقى من شعبنا من التهجير، وكان على الحريصين أن يقفوا إلى جانب المجلس في هذه المهمة الوطنية والقومية النبيلة كي يتمكن من بناء أرضية سليمة من شأنها التأسيس عليها مع شركائنا في الوطن ومن مختلف المكونات القومية والدينية والمذهبية لمرحلة جديدة في حياة السوريين، وأكد المجلس دائماً بأنه لم ولن يكون هناك " قفز" على الثوابت الوطنية والقومية في أية تفاهمات أو اتفاقيات قد تنبثق من هذه اللقاءات، وبأن أي اتفاق بين الطرفين سيكون شاملاً النواحي السياسية والإدارية والعسكرية والأمنية والاقتصادية ...إلخ ، وسيشكل الأساس والأرضية لبناء مرجعية كوردية سورية شاملة لكافة الأطراف والفعاليات المختلفة ومن ثم الانتقال إلى مرحلة شمول كافة مكونات المنطقة من عرب وسريان - آشور وتركمان...إلخ، ووفق نسبها وعلى قاعدة الشراكة الوطنية والتوافق والتوازن، والإقرار بحق الجميع وفق العهود والمواثيق الدولية وعلى قاعدة حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ولبنةً أساسية في المشروع الوطني السوري التغييري الشامل.

وإيماناً منا بأهمية توحيد الطاقات والإمكانات وضرورة ترتيب البيت الكوردي وتوحيد الصفوف والخطاب والموقف فإننا مازلنا نرى في المجلس الوطني الكوردي شكل من أشكال الاتحاد السياسي ومظلة هامة لتأطير الطاقات، وبالتالي التأكيد على استمرارية حزبنا في هذا الإطار، وتحمل مسؤولياته في تطوير المجلس وتوسيعه ومأسسة هيئاته ووضع معايير علمية وآليات واقعية لتمثيل كل طرف ومكون في لجانه وهيئاته وبما تتناسب مع وزن وحجم كل طرف وضرورة أخذ الكفاءات بعين الاعتبار خلال تشكيل اللجان والهيئات بعيداًعن المحاصصة الحزبية، وتمثيل كافة المناطق وأماكن التواجد الكوردي في لجانه الرئيسية، وتفعيل دوره في مؤسسات المعارضة الوطنية بما يتناسب مع الوجود الكوردي كثاني أكبر قومية في سوريا وبما يخدم قضية شعبنا. بقي أن نقول وبكل جرأة وشفافية بأن أي فشل للمجلس نحن كحزب نتحمل المسؤولية الأكبر، وكذلك أي نجاح له لنا فيه النصيب الأكبر ويبقى السؤال :
هل هناك بدائل واقعية للمجلس الوطني الكوردي ENKS فيما إذا أراد حزبنا الانسحاب منه ؟.
يتبع ...


المقال يعبر عن رأي الكاتب

1651