التقرير النصف السنوي للمنظمة السورية لحرية الصحافة

التقرير النصف السنوي للمنظمة السورية لحرية الصحافة

Jul 02 2022

بالرغم من انخفاض وتيرة الانتهاكات بحق الإعلاميين والصحفيين في سوريا, مقارنةً مع السنوات المنصرمة, إلا أن سوريا لا تزال، تترنح في ذيل مراتب التصنيف العالمي، من البلدان الأسوأ في مؤشر حرية الصحافة والتعبير، ففي خضم أحد عشر عاماً، بدايةَ الأزمة السورية والحرب الدامية 2011، تواصل القوى المسيطرة على البقع الجغرافية المختلفة، انتهاكاتها بحق الإعلاميين والصحفيين، وتمارس عليهم سياسة كمّ الأفواه، وتضييق الخناق والتهديد والترويع، للحد من الأصوات والآراء الحرة، والإبقاء على مؤسساتٍ وإعلاميين وصحفيين موالين للسلطات المحلية الحاكمة بقوة السلاح.
خلال رصد ومتابعة المنظمة السورية لحرية الصحافة للانتهاكات التي تحصل بحق الإعلاميين والصحفيين، للأشهر الستة الماضية، بداية العام الجاري يناير/ كانون الثاني 2022, في المدن والمناطق المختلفة، كمناطقَ الحكومة السورية، ومناطق الإدارة الذاتية، ومناطق حكومة الإنقاذ، ومناطق الحكومة السورية المؤقتة، لم تخلو المناطق تلك من التجاوزات والانتهاكات الممنهجة بحقهم من تعذيبٍ، واعتداءٍ، واختطافٍ، واعتقالٍ، واختفاءٍ، وتهديدٍ، ونفيٍّ، وتهجيرٍ للكفاءات، وإجبارٍ على ترك المهنة، وحملات التشهير الممنهجة، وتضييق الخناق عليهم. فيما يلي الانتهاكات التي تعرض لها الإعلاميون في سوريا.

مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا
تعذيب الإعلاميين
بعد ساعات من اعتقال الإعلامي جيندار بركات، من مكان عمله في حي المفتي بالحسكة، من قبل قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وبعد تعرضه للتعذيب، ألقت تلك القوات 18 يناير /كانون الثاني 2022، بالإعلامي في مكان بعيد عن مسقط رأسه، بغية التستر على الجريمة.
وتعرض خلال ساعات الاعتقال، للضرب المبرح، والتعذيب، والإهانة، والشتائم، ثم ألقت القوات، الإعلامي جیندار بمنطقة نائية عن المدينة بـ 15 كيلو متراً. عدا ذلك, سرقت القوات، مبلغاً مالياً (19) ألف دولار أمريكي و 4 أجهزة الخليوي من مكان عمله في حي المفتي بالحسكة. الإعلامي جيندار بركات، يعمل مراسلاً لموقع يكيتي ميديا، التابع لحزب يكيتي الكوردستاني – سوريا، أحد أحزاب المجلس الوطني الكوردي في سوريا، كما يعمل في محل للصرافة في حي المفتي بالحسكة، اعتقل من قبل تلك القوات صباحاً، دون معرفة الأسباب والتهم الموجهة له، سوى أنه تعرض لتهديدات مسبقة. إذ تعرض منزله بتاريخ 19 من شهر تشرين الأول من العام الماضي 2021، للهجوم بقنابل المولوتوف من قبل ملثمين مجهولين، بهدف الضغط عليه وتركه لعمله كإعلامي في الموقع الآنف ذكره.

إيقاف مصور وكالة عالمية من العمل
بعد أن نشرت وكالة الصحافة الفرنسية في منتصف نوفمبر 2021 صور جوية, توضح حجم التلوث البيئي الناتج عن عملية تكرير النفط, في موقع يضم عشرات المصافي البدائية بريف القحطانية شمال شرقي الحسكة، أوقفت الإدارة الذاتية مصور وكالة الصحافة الفرنسية AFP، دليل سليمان عن العمل, بعد تصويره لمشاهد جوية تُظهر حراقات تكرير النفط في ريف القامشلي الشرقي.

اعتقال المراسلین
داهمت قوات سوريا الديمقراطية، 5 شباط/ فبراير 2022, منزل الإعلامي صبري فخري، عضو اتحاد كتّاب كوردستان سوريا ومراسل ARK TV و REBAZ NEWS التابعتين للمجلس الوطني الكوردي في سوريا, في مدينة قامشلو/ القامشلي، واقتادته إلى جهة مجهولة وبعد 69 يوماً أفرج عنه بتاريخ 15 نيسان 2022.

في اليوم ذاته بتاريخ 5 شباط/ فبراير 2022, اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية الإعلامي باور ملا أحمد في مدينة قامشلو/ القامشلي, واقتادته إلى جهة غير معروفة. الإعلامي باور ملا أحمد الذي يعمل كمراسل لموقع يكيتي ميديا، التابع لحزب يكيتي الكوردستاني – سوريا, أحد أحزاب المجلس الوطني الكوردي في سوريا, بعد أربعة من اعتقاله أطلقت الإدارة الذاتية 9 شباط 2022, سراحه.
ليلة 19 فبراير/ شباط 2022، داهمت قوات سوريا الديمقراطية بشكل تعسفي ومنافٍ للقيم والعادات، وسط حالة من الهلع والخوف لدى أهالي قرية بانە قصري التابعة لمدینة المالكیة/ دیرك، منزل الإعلامي أحمد صوفي، عضو نقابة صحفيي كوردستان – سوريا التابع للمجلس الوطني الكوردي في سوريا، أحد الأحزاب المعارضة للإدارة الذاتية، ومراسل قناتي ARK TV و REBAZ NEWS التابعتين للمجلس الوطني الكوردي في سوريا، واقتحمت المنزل دون مراعاة النساء والأطفال، أصرّت على اعتقال ابنه كرهينة حتى تسليم الإعلامي أحمد نفسه; كونه لم يكن موجوداً في المنزل. وبعد احتجاز نجل الإعلامي أحمد كرهينة, سلّم الإعلامي أحمد صوفي نفسه مقابل إطلاق سراح ابنه. بتاريخ 15 نيسان 2022 أفرج عنه، علماً كان قد تعرض الإعلامي لثلاث مرات من قبل القوات ذاته، بتاريخ 16 أيلول/سبتمبر 2017، اعتقل من منزله بتاريخ 22/تشرین الأول / أكتوبر2018, اعتقل عندما كان يستقل سيارته على الطريق الواصل بين قرية بانه قصري ومدينة ديرك/ المالكیة، وظل مصيره مجهولاً لمدة 6 أشهر. وبتاريخ 1/مارس آذار 2021 اعتقل من نقطة تفتيش تابعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية بالقرب من مدينة ديرك/ المالكية.
في التاريخ ذاته، السبت 19 شباط 2022 اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية الإعلامي دارا عبدو مراسل قناة ARK و REBAZ, واقتادته إلى جهة مجهولة. جاء الاعتقال بعد مراقبة منزل الإعلامي دارا عبدو لفترة, علما أنه لم يكن متواجداً في منزله خلال الفترة الماضية. أثناء عودته إلى المنزل اعتقل واقتيد إلى جهة غير معروفة. بتاريخ 15 نيسان 2022 أفرج عنه.

إنهاء عمل قناتي رووداو وكوردستان 24
أغلقت دائرة الإعلام التابعة للإدارة، مكتب شبكة وقناة رووداو التلفزيونية الكوردية في مدينة قامشلو/ القامشلي السبت 5 شباط/ فبراير 2022، وسحبت تراخيص العمل من عامليها، فيما اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية في اليوم نفسه، كما ذكرنا سابقا مراسل موقع يكيتي ميديا باور ملا معروف، ومراسل قناةARK الكوردية، صبري فخري. كما قررت الإدارة الذاتية حظر عمل قناة (كوردستان 24) بدعوى تأجيج خطاب الكراهية ونشر خطاباً يصنف تحت خانة خطاب الكراهية وتحريض على العنف بين المواطنين.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تحظر فيها الإدارة الذاتية عمل قنوات ووسائل الإعلام، فقد سبق وأن سحبت الإدارة مرات عدة منذ عام 2015 تراخيص كل من قناة روداو و ARK و‹أورينت› ونفي مراسلي القنوات كرودي إبراهيم مراسل قناة أورينب المعارضة, وبيشوا بهلوي مراسل قناة روداو بتاريخ 18 نيسان/ أبريل 2014 و قبلهم جومرد حمدوش مراسل قناة روداو في عفرين إبان سيطرة الإدارة الذاتية في عفرين وغيره، بحجج واهية.

مصیر مجهول للإعلامي فرهاد حمو المختطف من قبل تنظيم الدولة (داعش)
مرت أكثر من سبع سنوات على اختطاف الإعلامي فرهاد حمو، عضو مجلس نقابة صحفيي كوردستان – سوريا، ومراسل تلفزيون روداو الكوردية, الذي تعرّض للاختطاف من قبل تنظيم الدولة (داعش) مع زميله المصور مسعود عقيل يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر 2014, حينما توجّه للقيام بمهمة لعمل تقرير لصالح القناة التي كان يعمل فيها. بعد مرور حوالي أحد عشر شهراً, تم الإفراج عن مسعود عقيل في صفقة لتبادل الأسرى بين تنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية, بالقرب من بلدة الهول في ريف الحسكة الجنوبي, في 21 أيلول/ سبتمبر من عام ,2015 من خلال وساطات عشائرية, إلا أن الإعلامي فرهاد حمو لم يعرف مصيره إلى الآن رغم وعود بعض قادة قسد لعائلته بقرب تحريره آنذاك، وخاصة بعد تحرير بلدة الباغوز عام 2019.

الانضمام إجبارياً لاتحاد الإعلام الحر
أنهى اتحاد الإعلام الحر في شمال وشرق سوريا، 21 أيار/مايو 2022، أعمال مؤتمره السادس في مدينة القامشلي/ قامشلو، أجبر خلال الآلية الجديدة، الصحفيين والإعلاميين العاملين في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إلى الانضمام، مجبرين إلى الاتحاد لمزاولة عملهم في تلك المناطق.
بالرغم أن أعمال المؤتمر كانت تحت شعار “نحو إعلام واعٍ ومسؤول وأخلاقي“، والإعلان عن سعي الاتحاد إلى تغيير واقع الإعلام نحو الأفضل، إلا أن الشعار منافٍ مع مضمون الآلية الجديدة للاتحاد، فبالإضافة إلى الصعوبات والتحديات التي يواجهها الإعلاميون والصحفيون الكورد والعرب وبافي مكونات المنطقة غير المنضوين للاتحاد، فإن الشروط الجديدة للمزاولة، متداخلة ومتخبطة، ولم تكن على قدر آمال الصحفيين، لا سيّما بنود الانضمام أو الاستطاعة في ممارسة العمل الإعلامي، وبعض الشروط التعجيزية، كتحديد السن وآليات أخرى.

مناطق الحكومة السورية
بعد استعادة المناطق, تعاملت الحكومة السورية بقبضة من حديد وبشكل أكثر حزماً تجاه كل من يتجرأ على إبداء الرأي, لیس فقط في السياسة, بل حتى في المجال الخدمي وأمور الفساد والرشاوي, فالتهمة جاهزة وهي التعامل مع المعارضة السورية أو النيل من هيبة الدولة والتعامل مع جهات خارجية مندسة تعمل على زعزعة استقرار الدولة, لعل الصحفي وضاح محي الدين مثال حي وواقعي , فعلى خلفية كشفه للفساد في مدينة حلب، اعتقلت قوات الحكومة السورية الصحفي وضاح محي الدين شهر مايو /أيار 2022, واقتادته إلى جهة غير معروفة.
الصحفي وضاح محي الدين، كان قد نشر قبل عدة أيام من اعتقاله، معلومات عن الفساد في القطاعين الصحي والخدمي، وتلقى في اليوم الذي كشف فيه عن الفساد، اتصالاً هاتفياً بهدف حذف المنشور.
وعمل الصحفي، مديراً لمكتب مجلة “بقعة ضوء” المحلية في حلب، اعتقل في تشرين الأول أكتوبر/2007 على خلفية تقرير صحفي له نشر في مجلة بقعة ضوء عام 2006، يكشف فيه حالة فسادٍ في القصر العدلي بحلب، وتم إلزامه بدفع مبلغ 100 ألف ليرة سورية كتعويض مادي، كما اعتقل ثانية في بداية آذار مارس/2020 ليفرج عنه في 15 آذار مارس/2020، وكان اعتقاله للمرة الثالثة أواخر تموز يوليو من العام ذاته، وأفرج عنه في 19 آب/أغسطس, والمرة الرابعة في منتصف كانون الثاني يناير/2021.

الانتقاد یقتاده إلی الاعتقال تعسفیاً
في السابع من شهر شباط/فبراير2022، اعتقل الصحفي كنان وقاف، على خلفية انتقاده الوضع الاقتصادي في البلاد واتهامه الحكومة السورية باللامبالاة وعدم الاكتراث بأوضاع السوريين ومعاناتهم، وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من الاعتقال، أفرجت مساء الأحد 16 مايو/أيار 2022 عنه، الذي كان يعمل في صحيفة الوحدة الحكومية.

وإطلاق سراحه، جاء بموجب مرسوم العفو عن الجرائم الإرهابية، الذي أصدرته رئاسة الجمهورية السورية. وكان الصحفي السوري كنان وقّاف، نشر تسجيلًا مصورا عبر حسابه على تطبيق الفيسبوك، قال فيه: إن قوة أمنية كبيرة اقتحمت منزله في غيابه، بهدف اعتقاله وسط تهديدات، وتسببت في حالة من الذعر لزوجته وأطفاله. وكأنهم أقدموا على اعتقال “داعشي” على حد وصفه. وكان قد نشر، في 4 فبراير/شباط الحالي، تدوينة عبر حسابه على موقع فيسبوك انتقد فيها رئيس الجمهورية السورية بشار الأسد على استقباله للفنان وائل رمضان، وزوجته سلاف فواخرجي، في الوقت الذي تجاهل فيه الأوضاع الاقتصادية في البلاد، والغضب الشعبي في العديد من المناطق السورية. والصحفي كنان وقاف عرف بانتقاده للأوضاع المعيشية في سورية، ما عرّضه للاعتقال المتكرر من قبل الحكومة السورية عامي 2020 و2021.

مصير مجهول للإعلاميين والصحفيين في سجن صيدنايا و السجون الأخرى
بالرغم من إصدار الرئاسة الجمهورية مرسوما يقضي بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30 من أبريل/ نيسان 2022 عدا التي أفضت إلى موت إنسان. فإن عدد المعتقلين والمغيبين في سجن صيدنايا وفقاً للأمم المتحدة يتخطى 131 ألفاً, منهم العشرات من الإعلاميين والصحفيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية مجهولو المصير والمكان.

مناطق الحكومة السورية المؤقتة
تكاد تخلو المناطق تلك من أدنى معايير حرية الرأي والتعبير فكل منطقة تتبع إدارياً إلى فصيل يتبع للجيش الوطني الوطني, والمنطقة ممنوعة من دخول أي إعلامي مستقل غير تابع للفصيل المسيطر, عدا ذلك المنطقة برمتها من عفرين والمدن والبلدات التابعة لها كجنديريس وراجو ومعبطلي/ ماباتا, وكذلك مدينة وإعزاز والباب وبلدات جرابلس و دارة عزة ممنوعة من عمل المؤسسات الإعلامية العربية والكوردية والعالمية المستقلة, سوى التي موالية لتركيا والفصائل المسيطرة من الجيش السوري, فقدت وثقت حالات القتل المتعمد للصحفيين في مدينة الباب شرق حلب كاغتيال الصحفي حسي الخطاب 2020 ومحاولة اغتيال الصحفي بهاء الحلبي مراسل قناة سوريا في مدينة الباب 2021.
في عفرين ورأس العين/ سري كانيه و تل أبيض/ كري سبي المناطق الكوردية انعدم فيها وجود الإعلام الكوردي والصحافة الكوردية علماً أنها مناطق كوردية وذلك بسبب تهجير أغلب الإعلاميين وعدم السماح للإعلاميين المستقلين الكورد والعرب بالعمل في تلك المناطق, حتى الموالين لتركيا والفصائل يتعرضون للتضييق كاحتجاز الناشط الإعلامي أحمد برهو بسبب كشفه لبعض أمور الفساد والرشاوي في القطاع الأمني والخدمي.

الاعتداء على الإعلاميين وتعرضهم للتهديدات
اعتقلت الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري في المعارضة السورية، 10 أيار/ مايو 2022 الناشط الإعلامي محمود الدمشقي، النازح إلى مدينة جنديريس التابعة لعفرين, بسبب كشفه لملفات فساد في القطاع الأمني، والمطالبة بتبيان الموقف، حيال وجود متورطين في ارتكاب مجزرة حي التضامن الدمشقي بأسماء قاسم محمد القعدان وأخيه زين، في عفرين. وتابعت المنظمة السورية لحرية الصحافة، الفيديو الذي نشره الناشط الإعلامي محمود الدمشقي، على صفحته في تطبيق الفيس بوك، الأحد 5 یونیو حزيران 2022. والذي جاء بعد إطلاق سراحه من قبل الجيش الوطني، التابع للحكومة السورية المؤقتة، في مدينة عفرين.

ویقول الناشط الإعلامي محمود الدمشقي الذي أفرج بتاريخ 16 أيار/ مايو 2022: “إن منزله تعرض للمداهمة، والاقتحام بشكل تعسفي، وبأسلوب منافٍ للمبادىء والأخلاق العامة، دون وجود مذكرة اعتقال، أو حتى تبيان التهمة; الأمر الذي أدى إلى خلق حالة من الذعر، والقلق، والخوف لدى زوجته وأولاده، إذ عومل معاملةً ترهيبية. وبعد عصب عينيه والوصول إلى أحد المقرات العسكرية، تبين أن الجهة التي اعتقلته هي الشرطة، التابعة للجيش الوطني في الحكومة السورية المؤقتة، وأثناء احتجازه، عومل معاملة سيئة، لم يكن يستطع التواصل مع ذويه، منع من الزیارات، وسط تعرضّه للضرب والتهديدات له ولزوجته، وبعد أيامٍ من تحويله للمحكمة، تبين أنه اعتقل بتهم ثلاثة وهي: التشهير بالجيش الوطني، الإساءة والطعن للدين الإسلامي، والتشهير لأحد عناصر الجيش الوطني، وبسبب الاعتقال والادعاء الكاذب، تسبب بخسارة عمله بعد إطلاق سراحه، وخلق أجواء من الخوف لدى عائلته، بسبب التهديدات التي تلقاه وزوجته من قبل جيش الإسلام، التابع للجيش الوطني السوري”. وفي آب/أغسطس 2020، أصدرت المحكمة العسكرية حكماً بالسجن ثلاثة أشهر، بحق الناشط الإعلامي محمود الدمشقي، على خلفية نشره لمنشور على الفيس بوك، انتقد فيه الجيش الوطني السوري. والناشط الإعلامي، محمود الدمشقي، هو من أبناء مناطق جنوب دمشق، معروف لدى “نشطاء الحراك الثوري” بنشاطه الإعلامي في تلك المناطق، قبل نزوحه مع عائلته إلى مدينة جنديرس بريف عفرين، حيث يعمل مديراً لمؤسسة دعوة للشؤون الاجتماعية، وضمن العمل الإنساني في المنطقة.

مناطق حكومة الإنقاذ السورية
المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ السورية تشهد انعدام الحياة الصحفية الحرة وكماً للأفواه وتشهد انعداماً لعمل المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية سوى التي هي موالية لتركيا والفصائل المسيطرة من حكومة الإنقاذ, والعنصر النسائي من أكثر الفئات المستهدفة والمعرضة للظلم, فالإعلاميات والصحفيات ممنوعات من العمل بحرية كاملة وإن وجدن فهي ضمن شروط وسياسية مخططة مسبقاً لها.

أحد عشر عاماً، والإعلاميون والصحفيون، يتعرضون لأبشع وأفظع أنواع الانتهاكات والتجاوزات، من قتلٍ، وتعذيبٍ، واعتداءٍ، واختطافٍ، واعتقالٍ، واختفاءٍ، وتهديدٍ، ونفيٍّ، وتهجيرٍ للكفاءات. منذ آذار/ مارس 2011، وُثّق مقتل 711 صحفياً وكادراً في الإعلام، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة على الأرض، بينهم 52 تحت التعذيب، بالإضافة إلى تعرُّض ما لا يقل عن ألف و250 للاختفاء القسري والاختطاف، فيما لا يزال 443، بينهم 17 أجنبياً في عداد المفقودين.
العام المنصرم وحده، وُثّق 68 انتهاكاً بحق الإعلاميين والصحفيين في سوريا، بالرغم من ذلك لايزالون يقاومون بأقلامهم وأصواتهم الحرة، لإظهار وتبيان الحقائق، وإيصال معاناة ومظلومية الشعب إلى العالم، ومنهم من تضرّجت أقلامهم بدماء الحرية وقول الحقيقة، دفاعاً عن شعبٍ ذاق، ومايزال يذوق الويلات، ويعيش المآسي الحقيقية نتيجة لحمام الدم الجاري في البلد.

وبناءً على تطبيق المادة 19، من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنصّ أن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت، دون تقيّد بالحدود والجغرافية”، ندعو كافة الأطراف المتنازعة والمتحاربة، إلى الكفّ عن سياسة التضييق، والكشف عن مصير الإعلاميين والصحفيين المختفين، وإفساح المجال أمام المؤسسات الإعلامية المستقلة، لمزاولة عملهم دون قيود وشروط مسبقة.

المنظمة السورية لحرية الصحافة
28 حزيران/ يونيو 2022

430