استراتيجية الوحدة والتحرير

استراتيجية الوحدة والتحرير

Dec 08 2021

استراتيجية الوحدة والتحرير
جان كورد

مما لا شك فيه أن خطاب السيد الرئيس مسعود بارزاني في مؤتمر الجاليات الكوردستانية الأخير، كان مقتضباً ومتناسباً مع هذه المرحلة التاريخية من كفاح أمتنا المغدورة، وراسماً للخطوة الثانية على طريق حرية هذه الأمة، بعد الخطوة الأولى التي تمثلت بإجراء استفتاء الاستقلال الذي جاء تأكيداُ صارخاً على إرادةٍ جمعيةٍ متينةٍ على طريق الوحدة والتحرير الوطني.

أثبت الاستفتاء بما لا يدع المجال للشك بأن أعداء الكورد ومن يتبعهم من الخونة في كوردستان هاجموا ولا زالوا يهاجمون صاحب الفكرة الأهم، الذي هو السيد الرئيس مسعود بارزاني الذي ما كان ليطرحها على أحزاب كوردستان وشعبها لو توصّل مع الحكومة العراقية المركزية إلى تنفيذ المواد الدستورية المتعلقة بحق الشعب الكوردي في اقليم جنوب كوردستان ومن أهمها المادة 140 من الدستور العراقي، بل على العكس وجد أنها تماطل وتمانع وتبحث عن الفرص لضرب الاقليم وإيقاف إنجازاته العظيمة وإعادة الشعب الكوردي إلى المربع الأوّل، مربّع اللاحقوق واللاوجود الفعلي والسكوت عن المذابح والتغيير الديموغرافي والنهب لثرواته وخيرات وطنه. ولقد أثبتت نتيجة الاستفتاء التي فاقت 92% ب"نعم للاستقلال" وساهمت في ذلك غالبية الشعب الكوردي وقواه الوطنية، بل ساندته كل الأمة الكوردية، بأن أعداء الكورد متفقون على التصدي لحق شعبنا في تقرير مصيره بنفسه، بل وقف بعضهم ليعلن بصفاقة أن مدينة كركوك، قلب كوردستان، مدينة تركية، ومنهم من كان يعدّ العدّة لاحتلالها بموافقة حفنةٍ من خونة الشعب الكوردي... وهذا ما جرى في السادس عشر من أوكتوبر 2017 عملياً...

لقد إكتشف السيد الرئيس منذ أمدٍ بعيد أن المرونة والتردد وترجي الغاصبين هو الطريق غير الصحيح والأمثل لإنتزاع الحقوق وإحقاقها، فالذي أخذ بالقوة لا يسترد إلاّ بالقوة. والقوة لا يمكن الحصول عليها إلا بتسخير كافة طاقات الأمة، وتنبّه بعد جولاته العديدة في العالم وبسبب علاقاته الواسعة على الصعيد الدولي أنّ للجاليات الكوردستانية خارج البلاد دورٌ هامٌ وكبير في كسب الرأي العام العالمي لقضيتنا القومية العادلة، وكسب هذا الرأي ضروري للغاية لشعبٍ تعرّض للاضطهاد والمذابح ولازال يتعرّض في أنحاءٍ مختلفةٍ من وطنه الكبير والمجزّأ... و الكورد الذين يعيشون في المهاجر، في شتى أرجاء العالم، يمكن أن يشكّلوا قوةً عظيمة ويكونوا بمثابة "لوبي" كبير ومنتج على كافة الصعد السياسية والدبلوماسية والثقافية والفنية، وتعميق الروابط بين كوردستان وأمم وشعوب العالم أجمع، لما لهم من روابط وجمعيات ومجالس...

حدّد السيد الرئيس ل"لوبي المستقبل" ما يجمع الكورد كلهم وهو "راية كوردستان" التي اتفق عليها وحملها كل الذين قاتلوا واستشهدوا أو قضوا حياتهم في سبيل حرية وكرامة شعبهم منذ أن تمّ رفعها في عشرينيات القرن الماضي (1919-1921)، ولا زالت كل أحزاب كوردستان وجمعيات الكورد الثقافية والفنية والاجتماعية الوطنية والمؤمنة بحق أمتها في الحرية في كل مكان تحمل هذه الراية التي ترافق الشهداء حتى مراقدهم عبر التاريخ الكوردي الحديث.

نعم، لقد طالب السيد الرئيس الذي يعتبر مرجعيةً سياسيةً وقوميةً لجميع السائرين على نهج البارزاني الخالد، في سائر أنحاء كوردستان المحتلة. وهذا يعني أننا قد دخلنا مرحلة كفاحٍ وطني جديد، واجتزنا عتبة عمل كوردستاني شاملٍ وضروري، هي عتبة النضال من أجل "الوحدة والتحرير"... ولا حاجة لنا بالدخول في التفاصيل فكلنا يعلم ما يحمل هذا النضال من سمات وما تعترضه من تحديات وما يتطلبه من تضحيات... وهل من سبيل لنيل الحرية من دون ذلك؟

المقال يعبر عن رأي الكاتب

591