" للكورد من ألم ما يكفي ويزيد "

Apr 04 2021

" للكورد من ألم ما يكفي ويزيد "
ماهر حسن

حين يولد طفل كورديا يروض حباله الصوتية ، لا يملك في سوريا حتى حق الصراخ ، يضع في خرقة قماش اسود ألا يتكرر ويلبس الحداد ثانيا. الحداد هبة التي رماها السماء للكورد وتقبل فكرة فقدان من يحب ، يعلمونه في المدارس الصمت ... كيف يتعاطف مع جلاده ، لسبب بسيط لانه يولد بأحلام شاهقة

الكوردي يترك لخيباته القُبل ، ويلحن ويغني ليثبت قدرته على التعافي والشفاء. يقصّي على أطفاله ويصف سحر وأهوال الحرية ولا يترك للحياة مهمّة تدبر امره.

كنت في الثالثة العشر من العمر حين شعرت ان سقف الذي كنا نمشي تحته ونحن ننحني ظهرنا لدرجة التأقلم والتكيف ونحن نفتح أذرعنا تحته لانكسار والبؤس قد أرتج. خرج الكوردي في الثاني عشر من اذار وهو يخفي جرحه وكم عانى ، طامحا لتحرر وهتف من ملعب الجهاد يمكننا مواجهتكم بكل صلابة وصرامة ، يمكننا القول كم نهب الطاغية وحاشيته من أموالنا. خرج الناس من أڤا مزن في ديرك الى جياي كرمانج في عفرين يرددون لم يعد بمقدوركم الاستقواء علينا ، مما أضطر بشار الاسد في سذاجة باغداق نصائح لا جدوى منها. فالانتفاضة الكورد ما كان في حساباته.

الشيء الذي يريده الكوردي هو ان يزيل الأوهام البائسة، ويوم بعد آخر كان يتمرد أكثر. حين واجهنا النظام عند جمارك في قامشلو برصاص الحي لم يفرق بين الصغير والمسن ، بين النساء والرجال الى ان أصيب شاب في ساقه ، وفي ذلك التوقيت كان يردد باللغة الكوردية على الناس التفت حوله لانتشاله من الأرض وإسعافه (bazdin xwe xilas bikin) أي اهربوا وانجوا بانفسكم .

رغم سقوط شهداء وجرحى ، لا يتوقف قلب الكورد عن إصغاء لنيران تهشم داخله ، في كل مرة زرنا ضريح شهداء انتفاضة قامشلو في مقبرة قدوربك كنا نشعر ان كل الطرقات الى الحرية سالكة ، كان النظام يحاول بشتى السبل تخويف الناس ، فالصورة التي احملها معي ولا تفارق مخيلتي بعد ملاحقة عناصر الامن وشرطة لنا ، مساعدة امرأة لي كانت جالسة امام منزلها على الاختباء. ظلت مختبئًا الى ان اهتداء الامور ، تحدثت معي وعبرت عينها غيمة دموع وقالت للكورد من الم ما يكفي ويزيد

المقال يعبر عن رأي الكاتب

420