لشكري روج والامتداد التاريخي لحركة التحرر الكوردستانية

لشكري روج والامتداد التاريخي لحركة التحرر الكوردستانية

Sep 17 2018

لا تحتاج الذاكرة الكوردية إلى بذل الكثير من الجهد والعناء لاستذكار المحطات المشرّفة في تاريخ كورد سوريا ونضالهم الدؤوب إلى جانب حركة التحرر الكوردستانية. خاصة إن سار الأحفاد على خُطى الآباء والأجداد؛ لقد حملوا لواء الفكر القومي الكوردستاني والرغبة في البناء والعطاء وبذلوا من أجل ذلك الهدف النبيل دماءهم وتضحياتهم.

لشكري روج. أسود الله في الأرض، وبيارق السماء، ورُسل الحرية. ليسوا بالحدث الطارئ، ولا بالمحطة المؤقتة أو الجديدة. هم باختصار الامتداد التاريخي لنضالات الشعب الكوردي في كوردستان سوريا ضمن صفوف البيشمركة منذ ثورة أيلول وحجم التضحيات التي قدّموها، مروراً بثورة كولان، وما استرخصوه في سبيل عزّة ورفعة العلم الكوردستاني والحدود الجغرافية لكوردستان إلى الانتفاضة الكوردستانية والاندفاع العظيم الذي بذلوه لأجل ذلك اليوم الذي حلموا به.

منذ بدايات الثورات الكوردستانية في كوردستان العراق كان الشعب الكوردي في سوريا بمثابة العمق الاستراتيجي لحركة التحرر الكوردستانية، حتى في حركة نيل الشرعية في كوردستان منذ 1992 وحتى 1997 كان لهم الدور الريادي للحفاظ على مكتسبات كوردستان العراق ومنعها من الهدم والتخريب.

كان أبناء الكورد في الشطر الغربي من كوردستان العمود الفقري لهيكلية البيشمركة، وما عدد القيادات والضباط من أبناء كوردستان سوريا ضمن صفوف البيشمركة منذ ثورة أيلول وحتى اليوم، إلا خير دليل على مدى وحجم التضحيات، والتقدير والاهتمام والاحترام الذي لاقوه من قبل الرئيس مسعود البارزاني، والبارزاني الخالد، جرّاء خدماتهم وذودهم عن حياض كوردستان، سوى دليل على التقدير العالي لهم لدى القيادة السياسية الكوردستانية.

اليوم يحملُ "بيشمركة روج" لواء أجدادهم في التحرر والانعتاق من العبودية والشر والظلام. بل إنهم يعيشون ترف إرث أسلافهم. فهم يعيشون أفضل وأخطر مرحلة تمرُّ بها كوردستان العراق وعموم الأجزاء الأخرى. هم كانوا الذراع الفولاذية في صدّ هجمات تنظيم داعش الإرهابي أشرس وأسوء وأخطر التنظيمات الراديكالية والهمجية والإرهابية في القرن الحالي.

حين يتصدّى شباب وشابات "بيشمركة روج" بأرواحهم وأجسادهم لحماية نساء وأطفال كوردستان من الخطر، وحين يقدّمون المئات من الجرحى والشهداء في سبيل حماية أركان الأمة الكوردية، وحين يكون بيشمركة روج الذراع القابضة على أرواح الهمجيين المتآمرين على أنبل خطوات الكورد في العصر الحديث، وهو الاستفتاء الكوردستاني التاريخي، حينها ندركُ حجمَ الارتباط العضوي والبنيوي بينهم وبين تراب كوردستان.

مازالت دبابة "أبرامز" التي تحوّلت إلى خردة بيد الحشد الشعبي، ولا تزال واقعة كوبري واسكي موصل وباقي المناطق التي استطاع بيشمركة روج من كسر الهجوم الغاشم لداعش والحشد الشعبي والجيش العراقي شواهد على عظمة هؤلاء الأبطال، ومناعتهم ضد الموت، وحثّهم الخُطى في سبيل الدولة الكوردية.

لبّى "بيشمركة روج" نداء البارزاني، قائلين: لبيك يا أملنا، ويا مستقبل وطننا. لأجل الاستفتاء نبذل دماءنا، ونرحّب بالشهادة، لأجل أن ينعم أبناء وبنات كوردستان بمستقبل خالٍ من الموت على الهوية، نموت نحن كي تحيا كوردستان.

حين تستقبل الأمهاتُ جثامينَ أبنائهن الشُّهداء غرب نهر دجلة بالزغاريد والتبريكات، وحين يستقبل آباؤهم التهاني، وحين يقف أخوة هؤلاء الأبطال لاستقبال المهنئين بابتسامة النصر، نعلم جيداً أيَّ الكورد العظماء هؤلاء؟! عظمة الآباء تتجلّى في إرسال أبنائهم لأخذ مكان أخوتهم الشهداء، ليس للثأر، وليس للانتقام، وليس للتشفّي. ليس لقتل قاتلهم. فقط لاستمرار النضال وحركة التحرر الكوردستانية.

هؤلاء هم ذوو بيشمركة روج. أحفاد البارزاني، وأبناء مسعود البارزاني، وأخوة مسرور البارزاني. هل تساءل أحدهم: لماذا فضل عشرات الآلاف القتال والاستشهاد والنضال والنوم في ساحات الوغى والموت على السفر إلى نعيم أوروبا؟ ببساطة هو فكرهم القومي، وحسّهم الكوردستاني العالي. لا ينظرون إلى هولير إلا وكأنها قامشلو، وديرك، وعامودا، وعفرين، وكوباني.

هؤلاء هم من أسسوا للمرحلة المقبلة التي لا بدّ أن نكون على قدر المسؤولية تجاههم، ومن أجل تطويرهم وتفعيل دورهم في كوردستان سوريا قريباً.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

1286