الفشل.. والصراخ الإعلامي

الفشل.. والصراخ الإعلامي
ماهر حسن

الازمة التي انخرط فيها الكورد مزيجة من المأساة والحاجة والافتقار نحو الهدف المأمول، سوريا جديدة، تصون فيها حقوق كورد. ولكن حين نفكر في الحدث الكبير الذي كان عميق الأثر نستنتج كمية الخسائر الجسدية والمادية نتيجة سياسة الخاطئة لحزب الاتحاد الديمقراطي ومحاولاتها المستمرة بهيمنة وتفرد في القرار وتسرعها في اطلاق احكام غير دقيقة قادت الى نتائج مضللة زادت في خسف هذه الطموحات سواء بالخضوع او انقيادها في الرؤية pkk ، أو بالاعتداء وتحريف الوقائع.

إجمالاً، انزلاق حزب ب ي د الى الهوة مع وقوع الفصائل المسلحة في مصائد الاتراك بإثارة النزعات ومحاولات النعرات والأحقاد ضد الكورد، كذلك استمرار سياسة التضييق إزاء الشعب الكورد على الرغم المبادرة الدائمة من المجلس الوطني الكوردي في ايجاد توافق مع المعارضة السورية دفعها الى توقيع اتفاقية مع الاخير بتاريخ ٢٧/٠٩/٢٠١٣ منها الغاء جميع سياسات التمييز والإجراءات المطبقة ضد الكورد ومعالجتها وتعريف بالقضية الكردية في سوريا والمعاناة التي مرّ بها على مدى عقود من الحرمان والتهميش. لكن تبدو العلاقة مع الائتلاف السوري المعارض، في أسوأ حالاتها، ولاسيما بعد التصعيد المتفاقم لفصائل في عفرين والمناطق التي وقعت بيدها في عمليتي غصن الزيتون ونبع السلام التركيتين ومحاولة تغير السكاني وتعريبها، ومارست التطهير العرقي، التي أرغم السكان الأصليين بالضغط والتهديد على مغادرة منازلها، وأجبرت أبناءها على دفع اتاوات وضرائب بالإكراه، ومن يرفض ذلك يتم قتله.

عموما - يبرر ب ي د الخسائر العسكرية التي يتكبدها في ظل عدم وصول أي تهديد ضد الأراضي كوردستان سوريا، لكن الخطأ كان هو البقاء على سياسة الرعناء، ولم تعد تعرف كيف تخرج من دوامة الفشل، أو بالأحرى عدم ايجاد طريقة أنيقة يكون الاعتراف بفشلها خاصة بعد التهويل وتطبيل بفتح سفرات ومقرات لإدارتها في دول مثل روسيا وفرنسا وتغير اسم مطار منغ بمطار اوجلان والخ.

فالعقبة التي يبدو من الصعب لحزب الاتحاد الديمقراطي تجاوزها في الوقت الراهن، وهي وجود كوادر لحزب العمال "الكوردستاني" في قوات "قسد" والتي تعد العائق بين المفاوضات الجارية في نبذ الخلافات وتوحيد المواقف. وعليه بدأت التساؤلات حول خطوة المجلس هذه وطبيعة توجهها باتفاق مع ب ي د ما أثارت امتعاضاً داخل الائتلاف وتشديد لهجة ضد المجلس، كذلك الأمر أثار حفيظة تركيا. قام الاتراك بإدخال ممثلين عن رابطة الكورد المستقلين إلى الإئتلاف كورقة ضغط على المجلس إلا أن المفاجأة الجديدة كانت إعلان المجلس التحالف مع "تيار الغد" الذي يقوده رئيس الائتلاف الأسبق أحمد الجربا، وأسّس الطرفان "جبهة السلام والحرية" نهاية تموز 2020 لتعزيز مواقفه وإمكانية تحويل الجبهة الى منصة مستقلة تمثل مكونات المنطقة.

الجدير بالذكر ان المجلس يسعى لتوحيد الصف الكوردي في إطار سوريا ديمقراطية تعددية، بتقديم تنازلات لنجاح المفاوضات وذلك لخلق جو جديد من إعادة بناء الثقة التي دمرتها العمال الكوردستاني، الا أن هواجس ب ي د بشأن دور pkk في المرحلة المقبلة تعيق هذه الجهود. وطالما اتخذ pkk موقفا معاديا ضد المساعي الكوردية، فقد لجؤوا بخبث ودهاء غير مبالين، وبشكل يحمل في طياته بذور الصراع والنزاع مع الاتراك من أجل الإبقاء على حالة دائمة من عدم الاستقرار والتباين، وهذا ما يرفضه الكتبة والإعلاميون المحسوبون على الابوجية والإقرار بها، ويطالبون المجلس بانسحاب من ائتلاف بغباء فادح يتجاهلون اسباب والعوامل سقوط عفرين وسرى كانية وغيرها من المناطق و التي تعرّضت لتقوّض استقرار، لا سيما بعد استقواء النظام في مناطق قسد وانسحابها من الحدود والانتشار العسكري لروسيا والاتراك، هذا ويضاف إلى ذلك أيضاً العلاقة المضطربة مع المكوّن العربي بسبب دخول الحزب في ادارة شؤونها في مناطق مثل دير الزور والرقة.

ما سبب الصراخ الاعلامي؟
جميعنا نعلم كيف مرّت المناطق الكوردية في سوريا بعدّة محطات تبدأ بمرحلة ما بعد الانسحاب النظام وبدء مرحلة جديدة بإعلان كانتونات، والتي رفعت من سقف مطالبها حتى قام بتحويلها إلى ادارة ابوجية وعسكرية على الأرض، وتأسيس مجلس الشعب والذي انبثقت عنه عدد من المؤسسات على سبيل المثال mala jinê , mala gel والخ مستفيداً من الدعم الذي تلقّاه منذ عام 2011، من النظام السوري، بعد خروج مظاهرات حاشدة مطالبة بإسقاط النظام والاعتراف بالقومية الكوردية وإزالة المشاريع الاستثنائية، ومعالجة الآثار التي نجمت عنها منها حزام العربي ولاحقاً الدعم والغطاء الذي تم تقديمه له من الولايات المتّحدة ودول أوروبية وأخرى عربية في حربها ضد داعش.

يعدُّ هذا أهم سبب في إظهار هوس إيدولوجي بنظرية العمال من قبل كتبة وإعلاميين واعتباره نصراً، ممّا دفعهم الى مخاطبة في حالة من النرجسية السياسية وصل بهم إلى حد التشمت والاشمئزاز في بعض الأحيان، وتوعيد من خلال افكارهم ان pkk القوة الوحيدة لها القدرة بتحويل كوردستان سوريا الى جنة على الارض، لكن النهاية كانت مأساوية.

على هذا الموال استقوى كتبة الابوجية وإعلامهم على القمع السياسي وتكميم الأفواه، فلا صوت يعلو فوق الفلسفة الابوجية، ولم يتجرأ احد منهم على قول الحقيقة بفشل بعد كل هذه التضحيات الكبيرة وانه - لم يعد بمقدور كوردستان سوريا تحمل المزيد من الاعباء بسبب فشل سياسة الحزب الواحد pkk

المقال يعبر عن رأي الكاتب

528