حلفاء ترامب يحضرون لإدارة ديمقراطية محتملة.. أبو ظبي حمت نفسها بتطبيع مع إسرائيل أما محمد بن سلمان فوضعه صعب

حلفاء ترامب يحضرون لإدارة ديمقراطية محتملة.. أبو ظبي حمت نفسها بتطبيع مع إسرائيل أما محمد بن سلمان فوضعه صعب

Sep 21 2020

ارك نیوز... إن “القادة الأقوياء” في الشرق الأوس يفكرون في مرحلة ما بعد ترامب، فالقادة الذين استثمروا كثيرا في الرئيس دونالد ترامب أصبحوا مجبرين على التفكير في إمكانية فوز المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن.

وفي التقرير الذي أعده أندرو إنغلاند وكاترينا مانسون قالا فيه إن 48 ساعة استغرقها ترامب لكي يحقق تحولا في السياسة الخارجية الأمريكية، ففي أيار/ مايو 2017 زار السعودية وإسرائيل وأقام علاقات مع أهم قادة المنطقة أكدت على الطبيعة التعاقدية والعلاقة الشخصية. وأكد على أن إيران ستكون في مرمى هدفه ومنح الأولوية لصفقات الاسلحة وتجاهل قضايا حقوقها الإنسان ورماها في سلة النفايات، حيث أخبر قادة دول إسلامية اجتمعوا في الرياض “نحن لسنا هنا لتقديم المحاضرات لكم”.

وكانت رسالة رحبت بها الدولة الحليفة تقليديا للولايات المتحدة في المنطقة وهي السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. وكانت كلها تتطلع بشدة لتغير في توجه السياسة الخارجية الأمريكية بعد سنوات من إدارة باراك أوباما التي وقعت اتفاقية نووية مع إيران في عام 2015. وهناك إمكانية لفوز ترامب مرة ثانية في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، مع أن عدد من المحللين يستبعدون فوزه نظرا لتراجعه في استطلاعات الرأي خلف منافسه بايدن.

وهذا المنظور جعل قادة دول المنطقة، خاصة في الخليج يفكرون في إمكانية فوز بادين ودخوله البيت الأبيض بشكل يعيد تفكيك العلاقة التي أقامها ترامب ويضع خطوطا جديدة للعلاقات مع الخليج. وبالنسبة لقادة مثل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد اللذين استثمرا كثيرا في علاقتهما الشخصية مع ترامب، ففوز بايدن يعني مرحلة من عدم اليقين والعلاقات غير المريحة مع واشنطن. وتساءل البعض إن كان بايدن سيدير ظهره لهذه الدول بعد العلاقات القريبة مع ترامب ومعاقبتها.

وفي الرياض هناك مخاوف من عودة “عهد أوباما” وتسييس العلاقات مع المملكة. وقال مسؤول سعودي: “هناك إمكانية حقيقية لرد قوي ضد السعودية، وموقف مضاد لترامب”. ولا تخشى هذه الدول من إمكانية عودة بايدن للاتفاقية النووية التي خرج منها ترامب في 2018، ولكن تفكيك العلاقة التي وثقها ترامب في رحلته إلى الرياض في حالة فوز الديمقراطيين بالكونغرس.

وقال مسؤول سابق في إدارة أوباما: “يحبذ بايدن إعادة النظر وتشكيل مدخل جديد قدر الإمكان نحو الخليج”. وبعد مرحلة من التصرف الحر في ظل إدارة ترامب، تخشى الدول العربية من مخاطر التدقيق الشديد على تصرفاتها في مجال حقوق الإنسان والتدخلات الخارجية التي تقوم بها وعدم الاستماع إلى مواقفها الصقورية من إيران.

وقالت المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي كريستين فونتينروز: “سيجد كل بلد أقام قادته علاقات مع الإدارة الحالية أنفسهم خارج الإهتمام لو وصل بايدن إلى الحكم” و”أعتقد أن هذه ستكون مصر وتركيا وبالتأكيد السعودية والإمارات”.

وأضافت: “ستحاول إدارة برئاسة بايدن تحديد صفقات السلاح وسنرى زيارات رسمية قليلة”. وسيجد محمد بن سلمان المعروف بـ(م ب س) صعوبة في التقرب من بايدن كما يقول المحلل السابق في سي آي إيه، بروس ريدل: “ستتم معاملة م ب س كمنبوذ كما وصفه بايدن”، في إشارة لتصريحات المرشح الديمقراطي التي قال فيها إنه سيجعل السعوديين منبوذين كما هو حالهم”.

وكانت الرياض وأبو ظبي من أكبر المتحمسين لسياسة ترامب المضادة لإيران. وأقام القادة فيهما علاقات مع جارد كوشنر، صهر ومستشار ترامب ولكن القادة في الكونغرس وجهوا انتقادات لهما بسبب الحرب في اليمن وحصار قطر. ونال محمد بن سلمان نقدا أشد بسبب جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي الذي قالت سي آي إيه وتحقيق أممي إن الجريمة لم تكن لتتم بدون موافقة من ولي العهد نفسه.
ويقول المحللون إن أبو ظبي أبعدت نفسها بهدوء عن السعودية واعترفت بالضرر الذي تسببت به علاقاتها مع محمد بن سلمان لسمعتها التي عملت على بنائها بهدوء. وسحبت معظم قواتها من اليمن، ولكنها لا تزال متورطة في النزاع الليبي وتدعم أمير الحرب المتمرد خليفة حفتر المدعوم من روسيا أيضا. وكان الوجود الروسي في جنوب المتوسط سببا في قلق القيادة العسكرية الأمريكية.

وكانت أبو ظبي أول دولة خليجية تعيد فتح سفارتها في دمشق، بحيث أعطت دفعة لبشار الأسد. إلا أن محمد بن زايد الذي لم يزر واشنطن منذ ثلاثة أعوام، حمى نفسه من خلال الموافقة في آب/ أغسطس على تطبيع العلاقات مع إسرائيل حيث تبعته البحرين. ونظر الكثيرون في واشنطن إلى القرار كمحاولة لاسترضاء الأطراف في واشنطن. وأثنى بايدن على القرار “الشجاع الذي يحتاج إليه بشكل كبير ويعبر عن حنكة سياسية”.

وقالت فونتينروز: “هي صفقة ذكية لأن المسيحيين الإنجيليين في معسكر ترامب والليبراليين اليهود في معسكر بايدن قالوا إنه عمل عظيم” لكنها قالت: “لو فاز بايدن فإن إدارته ستبتعد عن الإماراتيين ولن تثق بهم. وذلك بالنظر إلى دورهم في تقوية محمد بن سلمان ولعلاقتهم مع إدارة ترامب”.

ومع ذلك هناك ثقة إماراتية للحفاظ على موقع أبو ظبي المؤثر في واشنطن حتى بعد خسارة ترامب نظرا لتعمق العلاقات الأمنية والعسكرية بين البلدين. وقال المعلق الإماراتي عبد الخالق عبد الله: “سيكون بايدن سيئا للبعض ولكن ليس الإماراتيين”. و”أصبحت الإمارات أطوال بعشرة أقدام عما كانت عليه قبل توقيع الاتفاقية مع إسرائيل”.

وقال أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، إن الإتفاق مع إسرائيل يفتح “عصرا جديدا” في علاقات دول الخليج والولايات المتحدة. وأضاف: “ستتطور علاقاتنا الإستراتيجية مع الولايات المتحدة أكثر”. ولو كان الإماراتيون واثقين من التكيف مع مرحلة بايدن، إلا أن هناك قلقا في السعودية، فلم يدعم زعيم غربي مثلما دعم ترامب محمد بن سلمان في جريمة قتل خاشقجي.

وأخبر بوب وودورد مؤلف الكتاب الجديد عن رئاسته أنه “حمى مؤخرة” بن سلمان وأجبر الكونغرس “على تركه لحاله”. وقال المسؤول السعودي: “لأن علاقتنا كانت جيدة مع ترامب في مجال سياسات الشرق الأوسط -رغم وجود خلافات- فنحن قلقون خاصة بعد حالة الإستقطاب في السياسة الأمريكية، وأصبحنا الكرة التي يلعب فيها الطرفان”.

ولكنه أشار إلى أن العلاقات الأمريكية- السعودية مرت بفترات من التوتر خاصة بعد حظر تصدير النفط عام 1973، وعندما زار الملك عبد الله واشنطن بداية القرن الحالي وأخبر الرئيس جورج دبليو بوش: “لو افترقت مصالحنا ومصالحكم ليكن هذا”. ولم تعد أمريكا تعتمد كما في السابق على النفط السعودي، ووعد بايدن بإعادة تأهيل صناعة النفط الأمريكية والتركيز على السياسات البيئية. ولكن المملكة تعتبر شريكا أمنيا للولايات المتحدة واستقرارها حيوي للمنطقة.

وأضاف المسؤول السعودي: “نأمل أن ترى أي إدارة أمريكية أهمية السعودية” و”أنها ليست شيئا يمكن التخلص منه”. ويتركز قلق دول الخليج وحلفاء أمريكا في المنطقة خاصة إسرائيل حول الطريقة التي سيتعامل فيها بايدن مع موضوع إيران. فقد شعرت بالقلق من اتفاقية 2015 التي قوت إيران وعززت من تأثيرها الإقليمي. كما واشتكى الحلفاء من تركيزها على المخاوف من امتلاك القنبلة النووية فيما تجاهلت الملامح الأخرى من النشاطات العسكرية الإيرانية مثل اختبارات الصواريخ الباليستية وأكثر من هذا شعر هذا المحور أنه مستبعد من العملية.

وأكد بايدن أن عودة الولايات المتحدة للإتفاقية النووية مرهون بقبول إيران شروطها وتطبيقها بصرامة. وردت طهران على استراتيجية الضغط الأمريكية عبر زيادة مستويات تخصيب اليورانيوم. ولكنها أكدت في الوقت نفسه التزامها بالمعاهدة كما هو التزام الأوروبيين والصين وروسيا بها.

وفي مقالة رأي نشرها بايدن بموقع “سي أن أن” قال فيها “نحن بحاجة ماسة لتغيير المسار” ووصف استراتيجية ترامب بالفشل الإستراتيجي الذريع. وقال: “هناك طريقة ذكية للتشدد مع إيران وهناك طريقة ترامب”. وقال إنه سيعطي طهران مسارا موثوقا للعودة إلى المسار الدبلوماسي. ولم يحدد بايدن مساره، إما بالموافقة على اتفاق جديد أو بناء مسار مواز يخفف من المواقف المتشددة في المنطقة تجاه إيران.

وعملت الإمارات على تخفيض التوتر بعد استهداف ناقلات نفط في موانئها وتحذير إيران لها أنها ستكون الهدف الأول لو وجهت أمريكا ضربة عسكرية لإيران. واقترح الإماراتيون المزاوجة بين المفاوضات الدبلوماسية والعقوبات. وحاولت السعودية البحث بهدوء عن طرق للتهدئة مع إيران، خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها المنشآت النفطية في شرق السعودية العام الماضي. وهناك مخاوف من أن يؤدي المدخل اللين مع الجارة الإيرانية لتقويتها كما يقول المسؤول السعودي: “هذه الفترة الأسوأ لضخ أموال لطرف يريد إثارة المشاكل”. وتواصل إسرائيل ضرب الأهداف الإيرانية في سوريا.

ولم يحظ ناقد للإتفاقية النووية بحظوة لدى ترامب مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ففي فترته الأولى قام ترامب بتهميش الفلسطينيين واتخذ خطوات مستمرة لدعم إسرائيل مثل اعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل وسيادتها على الجولان السورية.

وكان بايدن واضحا أنه لن ينقل السفارة من القدس. ولكن نتنياهو سيكون شخص أخر هدف للعلاقات الباردة مع الرئيس الديمقراطي نظرا لمواقفه من أوباما التي خربت علاقاته مع الديمقراطيين. وقال ناتان ساكس من معهد بروكينغز: “هناك ضرر دائم وطويل في دعم الديمقراطيين لإسرائيل ولن تستطيع حل هذا سريعا وقد يكون نتنياهو لطيفا مع بايدن، لكنه بالنسبة للكثير من الديمقراطيين يدعم عدوهم” و”السؤال المهم عن مدى تأثر إسرائيل بالموقف حتى بعد رحيل نتنياهو وما يعنيه للسياسة الأمريكية، ذلك أن إسرائيل تحظى بشعبية في أمريكا”.

ويحذر المستشارون لبايدن أنه سيكون بطيئا في التحرك على ملف الشرق الأوسط. وقالوا إن المنطقة ستكون منطقة ذات أهمية قليلة للإدارة مقارنة مع تركيزه على فيروس كورونا وآسيا وأوروبا والأمريكيتين.

وقال المستشارون إنه لن يتعجل لتحقيق اتفاق مع إيران نظرا لتعقد الموضوع. وقالت إيران أنها لن توافق على اتفاق طالما ظل الحظر على تصدير النفط قائما. ومن المتوقع فوز المعسكر المتشدد في انتخابات العام المقبل.

ويرى معلقون أن بايدن سيجد صعوبة في التفاوض على صفقة كبرى تضم الصواريخ الباليستية. وقال كولين كاهل، الذي كان مستشار الأمن القومي لبايدن عندما كان نائبا للرئيس إن الولايات المتحدة يجب عليها التزام الواقعية حول قدرتها على تحويل المنطقة.

وعارض بايدن التدخل في ليبيا عام 2011 وزيادة عدد القوات في أفغانستان ولكنه فشل في إقناع الرئيس أوباما. ومع ذلك يقول مستشارو بايدن إن ما ستقدمه إدارة ديمقراطية محتملة هي سياسة متناسقة تختلف عن تقلب إدارة أخرى لترامب. وأضاف كاهل أن “كلا من السعودية والإمارات براغماتية بدرجة تستطيع فهم ضرورة تحويل سياساتها” و”لو أرادتا التعاون معنا فعليهما عمل هذا ولكن بناء على الشروط المقبولة لدينا” و”لم يحصل هذا فهناك مخاطر خسارتهما دعم الحزبين”.

وفي الوقت الذي رحبت دول الخليج بموقف ترامب من إيران إلا أنها شعرت بالقلق من عدم تحركه لضرب إيران عندما أسقطت طائرة أمريكية مسيرة وهاجمت المنشآت السعودية، كما عبرت عن قلقها لمنحه الضوء الأخضر لتركيا كي تجتاح شمال- شرق سوريا. كما أن علاقات دول الخليج المتزايدة مع الصين يعني أنها في وسط التوتر بين ترامب وبيجين.

379