سيمالكا _ ديرالزور هل يكون المشروع الأمريكي القادم

سيمالكا _ ديرالزور هل يكون المشروع الأمريكي القادم

Dec 06 2019

سيمالكا _ ديرالزور هل يكون المشروع الأمريكي القادم
شفان إبراهيم _ The levant

تغيّرت خارطة الانتشار العسكري في كامل الجغرافية السورية أكثر من ذيّ مرةً، باستثناء قاعدة التنف، والتي تُعتبر الشريان الأمريكي الأساسي في عموم المنطقة وليس سوريا فحسب. وتسعى من خلاله لمنع الوصول البري الإيراني إلى سوريا وإلى لبنان تالياً. ومنصة تهديد للتواجد الروسي في سوريا، خاصة بعد وصول دفعات ضخمة من السلاح الثقيل والنوعي وأجهزة تشويش وتأثير على الرادارات وفق ما سُرب من معلومات صحفية.

في المقابل فإن تغيّرات الجهات العسكرية المسيطرة على الجغرافية السورية، صاحبه –كتحصيل حاصل- تغيير في الجهة الحاكمة، من جنوب البلاد وحتى شمال شرقها، وحتى هذه أيضاً، يستثنى منها المنطقة المتصلة من مجمل المدن الكوردية منذ بدايات الحدّث السوري وحتى دير الزور منذ2017 تاريخ طرد تنظيم الدولة “داعش” منها وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها، وبل سبق لقوات من المشاة الأمريكي الحربية أن اشتبكت بعنف مع رتلاً للقوات الروسية والسورية حين محاولتها الوصول إلى ضفة الفرات الأخرى، وتحديداً بالقرب من حقول النفط والغاز، التي تقع تحت سيطرة أمريكا وقوات سوريا الديمقراطية.

ووفق ما تبقى من الجغرافية السياسية التي لا يزال الإتحاد الديمقراطي يُسيطر عليها، فإن الخيارات والمسارات انحسرت كثيراً إلى أبعد الحدود، ولم يعدّ بالإمكان الاستناد لا على لعبة تدوير الزواية الحادّة ومحاولة الاستفادة من الظروف وطرح المواقف المواربة. ولا إمكانية بعدّ اليوم للمناورة بين الأقطاب والمصالح الإقليمية التي أفضت حواراتها إلى الاقتراب النهائي من الحرب والدخول في غمار المعركة الدستورية. ووحدها الإستراتيجية الأمريكية القائمة على الاستقرار السياسي ومنع عودة إيران للمنطقة كانت المعول الذي يحفر به الإتحاد الديمقراطي مشاريعه السياسية، وهو ما يعني عدم الذهاب إلى دمشق مُجدداً.

بات لِزاماً على “قسد” اتخاذ القرار وتحديد الوجهة ما بين دمشق وتنفيذ كُل شروطها، أو البقاء مع الأمريكان وفق ما يشترطه الأخير وتنفيذه، وهي بمجملها لن تكون في صالح مساع الإتحاد الديمقراطي ومشاريعه، والإبقاء على تفرده.

في حالته الأولى، تخشى قوات سوريا الديمقراطية من عدّم اعتراف الدولة السورية بهم وبأيًّ من أطروحاتهم السياسية ما يعني انتهاء تواجدهم ضمن اللعبة السياسية ومستقبل سوريا الدستوري، والانضمام للجيش السوري فحسب، وربما يحصلون على بعض الحقوق الثقافية الكوردية، وهو ما يعني حُكماً انشقاق “قسد” لسببين مُركبين، أولهما: سيكون لسّان حال العرب ضمن قسد، بعد كل ما قدمناه، كانت النتيجة لصالح الحقوق الثقافية الكوردية، بعكس ما تلقوه من وعود ومشاريع ورئاسات مشتركة ورواتب ومزايا عالية. وثانيتهما: أن قسماً من الكتائب والأجساد العسكرية التي تشكلت من مجموعات من المكون العربي من مختلف المناطق انضمت أو أسست “قسد” لثلاث أسباب متشابكة، أولها: الاستفادة من الدعم الأمريكي تسليحاً وتدريباً وتمويلاً مادياً. والثاني: خوفاً من داعش وعدم تمكنهم من مواجهته بمفردهم. وثالثها: خوفاً من قوات الجيش السوري وأيضاً عدم التمكن من استمرار المواجهة معهم.

وانضمام قسد إلى الجيش السوري، سيدفع بتلك الأجساد للانضمام بمفردها وبمبادرة منها. لذلك وكأحد الحلول التي سترضي “روسيا” تحديداً فإنها تسعى وتضغط لتشكيل وفد كوردي موحد من المجلس الكوردي والإتحاد الديمقراطي لزيارة دمشق والتنسيق والاتفاق معها، دعماً للنظام السوري حالياً، وبغية إدخال ممثل عن الإتحاد الديمقراطي في اللجنة الدستورية، والتحكم بالملف الكوردي لاحقاً بشكل كامل، والاستفادة من تصدير النفط من المنطقة الكوردية صوب موانئ الساحل التي تسيطر عليها روسيا.

بينما لو سعت قسد والإتحاد الديمقراطي للبقاء في المحور الأمريكي فثمة شروط مقابل مزايا، عليهم تطبيقها للحصول عليها. حيث سبق وأن صرّح السيد مظلوم كوباني لوسائل إعلامً كُردية حول عودة القوات الأمريكية وأهدافها قائلاً”كان لنا اجتماع مع الأمريكيين، وتحدثنا في هذا الموضوع. وكان هذا هو حديث الساعة. أما بخصوص سبب بقاء الأمريكيين فإنهم أعلنوا ثمانية موادّ لبقائهم، لا أريد أن أسردها الآن. أخبرونا عن أسباب بقائهم وأين سيقيمون وفي كم منطقةٍ سيكونون.”…”المناطق الأخرى في شرقيّ سوريا، تمتد من دير الزور حتى سيمالكا” –المعبر الحدودي بين كوردستان العراق والمنطقة الكوردية في سوريا- وهو تحديداً بيت القصيد، إذ أن الرقعة الجغرافية الواصلة من دير الزور مروراً بمعظم المدن والبلدات الكُردية السورية وحتى حدود إقليم كوردستان العراق، قدّ يُصبح حكماً ذاتياً لمكونات المنطقة، وهو ما يشترط قبول الإتحاد الديمقراطي تنفيذ شروط أمريكا التي رُبما ستنحصر في خمس نقاط:

1-الفصل التام والنهائي بين الــ/P.Y.D/ والعمال الكُردستاني فصلاً نهائياً.
2- استعداد تلك القوات لمحاربة أيّ طرفً ترغب به أمريكا، وأولها القوات الإيرانية.
3-عدم تنفيذ أيّ مطاليب روسيا سوريا
4-شراكة سياسية وعسكرية وإدارية جديدة بين جميع القوة الفاعلة الموجودة في تلك الجغرافية.
5-بيع النفط من تلك المنطقة إلى تُركيا عبر إقليم كوردستان.
تبقى نقطة وحيدة، وهي إنني أعتقد أن الجغرافية الجديدة ستكون على علاقة بإحدى أشكال التواصل مع إقليم كوردستان العراق، وإن حصل ذلك، فإنها ستبقى حتى عشرات العقود القادمة. والعائق الوحيد أمام تنفيذ هذا التوقع، سينحصر برفض الإتحاد الديمقراطي وتعنته، ما سيعني عودة المنطقة إلى ما قبل /2011/

الورقة الأكثر ضياعاً اليوم، هي إعادة أحياء عملية السلام بين تركيا والسيد عبدالله أوجلان رئيس العمال الكوردستاني، أصبحت تلك الورقة شبه منسية أو مؤجلة إلى إشعاراً أخر نتيجة فقدان ضواغط ومفاعيل الخطر على تركيا عبر حدودها الجنوبية، ولم تعدّ تُركيا بحاجة إلى فتح الملف مُجدداً، لثلاث أسباب:
1-عدم استفادة العدالة والتنمية من رسالة أوجلان حول إعادة انتخابات البلدية في اسطنبول، وعدّم تصويت الكُرد هناك لصالح مرشحهم الحزبي.
2-ارتفاع مؤشر إعادة أحياء اتفاقية أضنه وربما هذه المرة بمسافة أكبر من سابقتها.
3-حين رغبت تركيا في تفعيل ورقة الحوار والسلام، سعت من خلاله تأمين حدودها الجنوبية والفصل بين قوات قسد وقنديل، لكن والحال كهذا، ومع انسحاب قوات سوريا الديمقراطية لمسافة 32 كلم فلم تعد حاجة لذلك.

يبقى أمام الإتحاد الديمقراطي التفاضل بين خيّارات متناقضة، اختيار أيًّ منها يصبُ في خانة الأخر المُعادي،
فلا أمل في مواجه عسكرية مع تركيا ويحميها الجميع، ولا ضمانات لحقوق سياسية في زيارة مظلوم عبدي لدمشق، بل إنها تعني العودة النهائية لمؤسسات الدولة السورية إلى شمال شرق سويا خاصة وأن الطرفين دمشق وواشنطن ليسا بالسذاجة كي يتم التفاضل بينهما واختيار الزيارتين.
فإما الدخول في نوع جديد لكل شيء، وأخذ الضمانات الكافية، أو أن بدايات /2011/ سيكون الشعار الواضح للمرحلة المُقبلة.
الإضاءة الوحيدة الحالية التي يجب أن يتم التركيز عليها، هي حماية المدنيين والبنية التحتية للمنطقة وتجنيبها ويلات حربً إضافية، كأبرز نقطة في جميع الاتفاقيات الأخيرة.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

1727