سيامند حاجو: انتخابات حرّة بحماية دولية – رؤية حول المنطقة الآمنة التي يتمّ التخطيط لإنشائها في كُردستان سوريا

سيامند حاجو: انتخابات حرّة بحماية دولية – رؤية حول المنطقة الآمنة التي يتمّ التخطيط لإنشائها في كُردستان سوريا

Mar 13 2019

بعد المشاورات التي تمّت بين الرئيسين الأمريكي ترمب، والرئيس التركي أردوغان، في شهر كانون الأول من العام 2018، والتي أعلن فيها ترمب عن انتهاء داعش، وإصداره قراراً بسحب القوات الأمريكية، والكشف عن اتفاق مع تركيا يقضي بتولي تركيا مسؤولية حماية المنطقة. لاقى قرار الرئيس الأمريكي رفضاً واسعاً من جهات ومؤسسات مختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية، منها البنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ، والرأي العام الأمريكي. كما وأعرب الحلفاء الأوروبيون لأمريكا في الحرب ضد داعش، عن رفضهم لموقف الرئيس الأمريكي. فلقد أكدّت أطرافٌ على وجوب عدم السماح بخلق فراغ يصبّ باتجاه امتداد السيطرة الروسية والإيرانية في المنطقة، وأكدّت تلك الأطراف على أنّ داعش لم تنته بعد. بينما رأت أطراف أخرى بأنّه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية ألّا تتخلى عن حلفائها (قوات سوريا الديمقراطية، YPG) الذين حاربوا معها ضد تنظيم داعش، والذين قدموا تضحيات كبيرة وخاصّة في الرقة، ويجب على الولايات المتحدة الأمريكية ألّا تخذل حلفاءها وتتركهم عرضة وضحية لهجوم تركي. في نهاية المطاف، رضخ ترمب للضغوط الداخلية والخارجية، واقترح إنشاء منطقة آمنة في شمال شرق سوريا بعمق 30 كيلومتراً، وتمتدّ من الحدود السورية-العراقية شرقا، وحتى منبج غرباً. وبذلك تكون المنطقة الآمنة ضمّت معظم مناطق كُردستان سوريا، باستثناء عفرين.

حتى الآن، لم يتضّح شكل ونوع المنطقة الآمنة المزمع إقامتها. اجتمع ممثلون عن البنتاغون والخارجية الأمريكية مع أعضاء من المجلس الوطني الكُردي في سوريا، للمناقشة حول المنطقة الأمنة، لكن برأيي لم يقدم أعضاء المجلس أية رؤى ومقترحات مفيدة. فمنذ ما يقارب الشهرين يتمّ نقاش إنشاء المنطقة الآمنة، وتوجَّب على المجلس الوطني الكُردي تشكيل لجنة متابَعة لهذا الشأن، بحيث تقوم اللجنة بوضع وصياغة خطة استراتيجية، وطرح رؤيتها بشكل مدروس، وإصدار ملفات تشمل ما سبق، والتواصل مع كلّ الدول التي لها دور باتّخاذ القرار بشأن المنطقة الآمنة. حتى اللحظة، أعضاء المجلس الوطني الكُردي طالبوا فقط بضرورة إشراك قوات بيشمركة روج في حماية المنطقة. بدورها أبدت الوفود الأمريكية رغبتها في تحقيق التنسيق بين قسد/YPG وبيشمركة روج. لكن محاولات سابقة لتحقيق التنسيق باءت بالفشل، وستفشل أية محاولات مستقبلا بسبب الفجوة وفارق القوة بين بين قسد/YPG وبيشمركة روج من جهة، وأيديولوجية PKK/PYD التي ترفض الشركاء من جهة أخرى.تركيا بدورها سترفض تنفيذ تنسيق بهذا الشكل، لأن القوة المسيطرة في المستقبل ستكون مجددا هي PKK/PYD، تماماً كرفضها لوجود قوة PKK/PYD بشكلها الحالي. وطالما بقي الموقف التركي على ما هو عليه، فلن تحظى المنطقة بأي استقرار.

التدخلّ العسكري الذي تلوّح به تركيا، لم يعد مقبولاً من قبل الأمريكيين والأوروبيّين على وجه الخصوص، بعد التجربة في عفرين. فعوضاّ عن الإهتمام بتطوير البنى التحتية، وتسليم الإدارة إلى أهالي عفرين، أطلقت تركيا يد المجموعات المسلحة العربية في عفرين، والتي تقوم بدورها بعمليات النهب، وبارتكاب كافة أشكال انتهاكات حقوق الإنسان. ويبدو أنّ تركيا تعتبر التغيير الديمغرافي كأفضل طريقة لضمان عدم وجود أي دور محتمل لل PKK/PYD مستقبلاً.
في الواقع، إنّ إنشاء المنطقة الآمنة يستوجب تأمين مصالح العديد من الجهات الفاعلة والمختلفة، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوربيين في الحرب ضد تنظيم داعش من جهة، وتركيا من جهة أخرى. بالإضافة إلى مصالح PYD والتي تسيطر على المنطقة، ومصالح أكبر قوة معارضة في المنطقة والتي تتمثّل في المجلس الوطني الكُردي في سوريا. كما ويجب أيضاً ضمان وتأمين مصالح جميع أهالي المنطقة، فكما للكُرد مصالح في عدم الخضوع لسيطرة النظام السوري أو سيطرة PKK/PYD، فلغير الكُرد من مكونات أخرى كالسّريان الآشوريين والعرب مصالح أخرى.

ويبدو أن طرح أفكار قديمة كفكرة إجبار المجلس الوطني الكُردي و PYD و مجموعة الجربا المسلحة، على العمل معاً، لن يُكتب لها النجاح. بل يجب سلوك نهج جديد واعتماد فكر جديد، بحيث يتم من خلاله تحقيق وتعزيز الديمقراطية في المنطقة. ينبغي أن تتم حماية وتأمين المنطقة الآمنة من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لمدة عام، ويجب أن تنسحب قسد/YPG في وقت قصير. ومن ثم يجب تنظيم انتخابات حرة وعادلة وبإشراف دولي على المستوى الإقليمي ومستوى المدن والمستوى المحلي ، يتمّ من خلالها انتخاب البرلمان الإقليمي ومجالس المدن والمجالس المحلية. نتائج الإنتخابات ستحددّ وستبيّن نسبة التأييد الشعبي لكل من PYD وأحزاب المجلس الوطني الكُردي. وللمشاركة في الإنتخابات، يجب على جميع الأطراف تبني أجندات تكون مصالح كُرد سوريا على رأسها، وأن تسعى إلى تحقيق مصالح كُرد سوريا. كما ويجب ألّا تكون قرارتها هادفة لتحقيق مصالح أية أحزاب من أحزاب كُرد تركيا أو كُرد العراق. وبناء على نتائج الإنتخابات يجب تشكيل إدارة جديدة، كما ويجب الموظّفين والكادر المؤهّل على رأس وظائفهم، باستثناء الكوادر السياسية. ومن ثمّ يجب تشكيل قوات عسكرية وقوات شرطة جديدة، على ألّا تكون مشكلّة من مسلحي الأحزاب، لأنّ تشكيل القوات من مسلحي الأحزاب سيخلق قوات متنافسة وغير متعاونة. لذا، يجب تشكيل قوات عسكرية وقوات شرطة من جميع مكونات المنطقة، ويجب أن تخضع هذه القوات إلى الإدارة المنتخبة وأن تُدارالقوات من قبلها. ففي كُردستان العراق، تمّ تشكيل القوات الأمنية والقوات العسكرية من عناصر ومسلحي الأحزاب السياسية، ومنذ عام 1992 وبعد 27 عاما من وجود إدارة لإقليم كُردستان، فإن القوات الأمنية والعسكرية لا تخضع لإدارة الإقليم، ولا زالت تحت سيطرة الأحزاب السياسية. ويجب تجنّب مثل هذه الحالة في كُردستان سوريا. ومن خلال تشكيل قوات تخضع للإدارة المنتحبة، يمكن ضمان بناء هيكليّة شاملة وضمان حقوق الإنسان وضمان حرية التعبير عن الرأي والرأي الآخر.

ومن أجل ضمان حقوق الأفراد والمجموعات (الإثنية واللغوية والدينية)، يجب صياغة واعتماد دستورإقليمي يضمن الحقوق ويحدّ من سيطرة ونقوذ الأغلبية. وكأساس للنقاش وصياغة الدستور الإقليمي، يمكن اعتماد الدستور الذي تمّ صياغته من قبل المجلس الوطني الكُردي عام 2016.

وهذ الحل لن يقف في وجه مصالح الأمريكيين وحلفائهم الأوروبيين، كما ويمكن أن يلقى قبولا لدى تركيا، لأنّ الإدارة الجديدة لن تكون موالية لقوى سياسية وعسكرية مقرّبة من PKK. وفي نفس الوقت، سيحصل ال PYD على فرصة عادلة لإثبات وبيان شعبيته من خلال انتخابات حرّة وعادلة، والتي يمكنها أيضاً إثبات أنّ شعبية ال PYD مثلها مثل شعبية حزب البعث سابقا، والتي حصلت عليها من خلال القمع والضغط ومنع وجود بديلٍ له. روسيا هي الأخرى ليس من مصلتحها أن تكون المناطق الكُردية تحت سيطرة تركيا، فمن الممكن والمعقول أن يلقى هذا الحل ترحيبا من قبل روسيا، وألّا يواجه بالرفض من قبلها.

وأخيراً وليس آخراً، فإن شعب المنطقة الآمنة وبغضّ النظر عن كونهم كُرداً إو عرباً أو مسيحين أو إيزيديين أو رجالاً أو نساءً، سيكون المستفيد الأول.

سيامند حاجو
رئيس تيار المستقبل الكُردي في سوريا
12 آذار، 2019

البيان مٌترجم من اللغة الألمانية


المقال يعبر عن رأي الكاتب

901