بقاء النظام السوري في المرحلة الانتقالية.. وشرعنة الاحتلال الإيراني!
عبدالحكيم بشار
أعلنت الإدارة الأمريكية السابقة في عهد اوباما عام 2012 أن النظام السوري قد فقد شرعيته، وأن على الأسد أن يرحل عن السلطة، وقد أكد معظم أصدقاء الشعب السوري على الموقف نفسه بمن فيهم العديد من دول الاتحاد الأوربي، وخاصة فرنسا وبريطانيا وبعض الدول الإقليمية وخاصة تركيا والسعودية وقطر.
وأكّد المجلس الوطني السوري حينذاك والذي كان يعتبر الممثل السياسي للثورة السورية من وجهة نظر أصدقاء الشعب السوري، ومن بعده الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والذي انشأ برعاية أصدقاء الشعب السوري في نهاية 2012 والذي اعترف به 114 دولة على انه ممثل للثورة السورية، لقد أكّد الطرفان على ضرورة تنفيذ بيان جنيف 30 حزيران عام 2012 والذي ينصُّ على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية من المعارضة والنظام وأطراف أخرى بالموافقة المتبادلة مع إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية واستنادا إلى مبدأ الموافقة المتبادلة فانه لن يكون للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية وفِي مستقبل سوريا، وأكّدت تصريحات مسؤولي معظم دول أصدقاء الشعب السوري بمن فيها أمريكا وبريطانيا وفرنسا على ضرورة تنفيذ بيان جنيف وانه لن يكون للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية وفِي مستقبل سوريا بل طالبوه بالتنحي وبضرورة تحويله إلى المحاكم المختصة جزاء الجرائم والمجازر التي ارتكبها بحق الشعب السوري.
إن موقف أصدقاء الشعب الذي أكد على أن النظام السوري قد فقد شرعيته، وهذا يعني سياسياً وقانونياً أن جميع المراسيم التي أصدرها النظام والقرارات التي اتخذها والاتفاقيات التي أبرمها هي مراسيم وقوانين واتفاقيات باطلة وبالتالي يعتبر الوجود الإيراني مع المليشيات الطائفية التابعة له والذي دخلت سوريا، وسيطرت على مساحات واسعة من أراضيها، وتدّعي إيران والمليشيات الطائفية على أنها جاءت إلى سوريا بناء على طلب النظام، وهذا ما أكده رأس النظام مراراً وتكراراً في كل مقابلاته عدا الأخيرة حيث قال إنه لا توجد قوات إيرانية في سوريا بل يوجد ضباط إيرانيون بصفة مستشارين جاء هذا التصريح بعد الموقف الروسي من تواجد هذه المليشيات، هذا النظام الفاقد للشرعية من وجهة نظر أصدقاء الشعب السوري وممثلي الثورة السورية، لذلك يعتبر الوجود الإيراني غير شرعي بل احتلالا لأنها دخلت بناء على طلب نظام غير شرعي.
إلا أن تغير أولويات المجتمع الدولي ومنها أصدقاء الشعب السوري عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص من مسار الحل السياسي في سوريا والذي كان يستند على بيان جنيف واحد 30 حزيران لعام 2012 وضرورة تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان ومرتكبي الجرائم والمجازر هذا التغير في الأولويات حصل وتبلور بشكل خاص بعد العمليات الإرهابية التي ارتكبتها منظمة داعش الإرهابية في باريس وبلجيكا وعدد من الدول الأوربية، وبات التركيز على محاربة الإرهاب كأولوية مع إدراك الجميع أن النظام هو الذي صنع الإرهاب ليقدمه للمجتمع الدولي على انه البديل المفترض للنظام رغم أن الهيئة العليا للمفاوضات قدمت في جنيف 2017 العديد من الوثائق والأدلة التي تؤكّد على علاقة النظام مع المنظمات المصنفة على لوائح الإرهاب وفق قرار مجلس وخاصة منظمة داعش الإرهابية والتبادل التجاري الواسع بين الطرفين عبر وسطاء أحياناً وبصورة مباشرة أحياناً أخرى وان القضاء على الإرهاب في سوريا مستحيل بوجود هذا النظام الذي بات المطبخ الرئيسي لصناعته، ولديه القدرة على صناعة نسخ جديدة من داعش وبأسماء جديدة ليحافظ على نظريته الذي ساقها للمجتمع الدولي ونجح في التأثير على مواقفها وهو إما النظام أو الإرهاب!!
فِي هذا الصدد فإن تغيير المجتمع الدولي وخاصة أمريكا لأولوياته للحل السياسي في سوريا يدخلها في تناقض شديد من حيث الإعلان عن عزمها وإصرارها على تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة بدءاً من سوريا وبين قبولهم ببقاء الأسد في المرحلة الانتقالية وبحث صلاحياته فيها.
إن القبول ببقاء الأسد في المرحلة الانتقالية يعني شرعنة جميع قراراته واتفاقياته ومنها شرعنة الوجود أو الاحتلال الإيراني لسوريا، هذه (الشرعية) ستشكّل عائقاً كبيراً بل مجهضاً للسعي الأمريكي لتحجيم الدور الإيراني في سوريا والمنطقة، ويضع أمريكا أمام معضلة حقيقية وهي محاربة (شرعية الوجود الإيراني ) في سوريا.
فكيف يمكن لأمريكا التوفيق بين البقاء على الأسد في المرحلة الانتقالية وتحجيم دور إيران في سوريا والذي يعدُّ الحامي الأساسي لاستمرار هذا النظام .
د عبدالحكيم بشار
30-6-2018
المقال يعبر عن رأي الكاتب
1530