بايدن «حمامة السلام» وبوتين «البجعة البيضاء»!

بايدن «حمامة السلام» وبوتين «البجعة البيضاء»!

Feb 24 2024

بعد وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ»ابن العاهرة المجنون» ورد الكرملين عليه بتشبيهه بـ»راعي بقر في هوليوود» رفع بايدن سقف التصعيد بين البلدين بإعلانه، أمس الجمعة فرض مجموعة كبيرة من العقوبات على روسيا، وحذّر بايدن في بيان بهذا الخصوص من أنه «إذا لم يدفع بوتين ثمن الموت والدمار اللذين يتسبب فيهما فإنه سيواصل..».، وأن هذه العقوبات التي تجاوز عددها 500 «ستضمن أن يدفع بوتين ثمنا أعلى لعدوانه في الخارج وقمعه في الداخل».

بعد يوم من شتائم بايدن لبوتين نفّذ الرئيس الروسي طلعة جوية على متن طائرة قادرة على حمل قنابل نووية. تستطيع القاذفة الاستراتيجية الملقبة باسم «البجعة البيضاء» بسبب جناحيها المتأرجحين، حمل 12 صاروخا نوويا قصير المدى والتحليق 12 ألف كيلومتر، وكان الاتحاد السوفييتي يعتزم استخدامها في حال اندلاع حرب نووية مع الغرب.

يرتبط وجود بوتين خلف مقود «البجعة البيضاء» طبعا بأجواء التوتر الكبيرة بين روسيا، وذلك على خلفيّة الحرب الجارية في أوكرانيا، وقد زاد هذا التوتر بعد إعلان وفاة المعارض الروسي الشهير أليكسي نافالني في السجن، وكان سببا لحزمة العقوبات الهائلة التي شملت قيودا على 93 كيانا، ولا تقتصر هذه العقوبات على روسيا، بل تشمل أيضا مؤسسات في الصين والهند وكوريا الجنوبية والإمارات وقرغيزستان.

في يوم الشتائم المتبادلة بين أمريكا وروسيا نقلت وكالة رويترز للأنباء عن ستة مصادر أن إيران زودت روسيا بقرابة 400 صاروخ باليستي، وهو ما يدلّ على تطوّر جديد في سياق التعاون العسكري الروسي ـ الإيراني، حيث كان مجال التعاون الأكبر لاحقا يتعلق بتزويد موسكو بالمسيّرات، وهو ما دفع المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، إلى تحذير طهران من «رد سريع وحازم» مهددا أيضا بتنفيذ عقوبات إضافية على إيران.

تعتبر إيران ركنا أساسيا في معادلات الصراع المتوسع في الشرق الأوسط، والمرتبط بحرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على الفلسطينيين، فعلى عكس هدوء الهجمات التي كانت الميليشيات المرتبطة بطهران تنفذها في سوريا والعراق، فإن هجمات الحوثيين قد توسعت، حسب أقوالهم، لتشمل البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، وأنهم أدخلوا سلاح الغواصات في إطار محاولاتهم للضغط على إسرائيل وحلفائها الغربيين، وأثبت الحوثيون، خلال الأيام الماضية، فاعلية هجماتهم، بالرغم من اتساع الغارات الأمريكية ـ البريطانية ضدهم، ومشاركة سفن عسكرية من الاتحاد الأوروبي في صد هجماتهم.

تلعب الجبهة التي فتحها «حزب الله» اللبناني ضد المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية أيضا دورا كبيرا في الضغط على إسرائيل، وهناك تقارير تتحدث عن قرابة نصف مليون نازح من المناطق التي تتعرض لمناوشات بين الحزب وإسرائيل.

حاول بايدن، منذ اندلاع الحرب في غزة، الجمع بين بقعتي التوتّر الكبيرتين، وبدلا من ملاحظة التشابه الممكن بين اجتياح روسيا، الدولة النووية العملاقة، لأوكرانيا، وهجوم إسرائيل، الدولة النووية أيضا، على الفلسطينيين، واحتلال أراضيهم، فقد اختار بايدن، لأسباب لا تخفى، المشاركة عسكريا وسياسيا في عملية الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون.

تفقأ هذه المفارقة الهائلة العين، وتجعل حديث بايدن عن تدفيع بوتين «ثمن الموت والدمار اللذين يتسبب فيهما» شديد الانطباق على الرئيس الأمريكي نفسه، ويصبح واضحا أن محاولاته لتصوير نفسه حمامة سلام، أقرب فعليا لصورة امتطاء بوتين لـ«البجعة البيضاء». والسؤال هنا: هل سيدفع بايدن ثمنا للموت والدمار اللذين تسبب بهما للفلسطينيين؟
رأي القدس

المقال يعبر عن رأي الكاتب

267