تجار القضية

تجار القضية

Nov 11 2018

تجار القضية
عيسى ميراني

أثبتت مسيرة النضال القومي لبعض الأحزاب الكوردية في العصر الحديث للرأي العام زيف نضالهم وافتقادهم للمرجعية الإنسانية والأخلاقية، تجلى ذلك وضوحاً، وقوفهم على مدى سنوات مع أعداء القضية،(1966 – 1996 – 2018 ).

أولئك الذين أنكروا حقوق الكورد في الحرية والعيش الكريم، ثم ثُبت يوماً بعد يوم، بما لا يدع مجالاً للشك، بأنهم ليسوا سوى بيادق بيد صانعيهم، خُلِقوا ليضعوا العصي في عجلة النضال، ونخر جسد الثورة، من الداخل وما الشعارات التي رفعوها على مدى سنين، إلا لإلهاء الشرفاء من الكورد بتلك الشعارات الطوباوية، وتثبيت أركانهم الحزبية المزيفة، لإكساب أحزابهم صبغةً تعطيهم هيبةً وحضوراً في ساحة النضال القومي، والظهور أمام الشعب بأنهم المدافعون الحقيقيون عن القضية، وظلوا على مدى سنين يغرسون المناطقية، ويشوّهون الحقائق، يرفعون مستوى شعاراتهم تارةً، ثم يرتمون في أحضان الغاصبين تارةً أخرى، ففي كوردستان، عندما كان شعار الثورة، (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكوردستان) زاودت قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني على المناضلين الحقيقيين، أصحاب المشروع القومي الحقيقي، المتمثل بالمدرسة البارزانية، فرفعوا شعار حق تقرير المصير واستقلال كوردستان للتأثير على القاعدة الشعبية للثورة (البيشمركة ومؤيدوا الديمقراطي الكوردستاني) واقناعهم بان ما تنادي به الثورة بعيدة عن تطلعات الكورد.

ولم تقتصر جهودهم بإفشال مسيرة الثورة والحكومة فحسب بل تجاوزوا إلى الأجزاء الكوردية الأخرى لا سّيما في كوردستان سوريا لأنهم وجدوا فيها بعداً استراتيجيا للبارزانية وجعلوا من مكتبهم في دمشق غرفة عمليات لإدارة الخلافات بين الأحزاب الكوردية في سوريا والمساهمة في دعم الانشقاقات وهو ما أكده السياسي الكوردي السيد (عزيز أومري في كتابه من أروقة الذاكرة)* وهو من مؤسسي اليسار الكوردي في سوريا ونتيجةً لصمود وصواب المناضلين، انكشف زيفهم لا سيّما بعد تحالفهم مع طغاة العصر(الحشد - العبادي - إيران) في كارثتي شنكال وكركوك والتي أثرت عليهم بنتائج عكسية بانخفاض مستوى التعاطف الشعبي معهم لا سيّما في مناطق نفوذهم والتي بدت واضحةً من خلال نتائجهم في انتخابات البرلمان العراقي وبرلمان كوردستان الأخيرة، وبدأ تناقضهم الفكري وتصدعهم التنظيمي، بالظهور للعلن من خلال التناحر على مناطق النفوذ في قيادة الاتحاد، من قبل مراهقي عائلة الطالباني (كما وصفهم القيادي ملا بختيار في لقائه الأخير مع شبكة روداو الإعلامية، وأمهم هيرو من جهة وبعض القيادات التي بدأت تشعر بتهميشها من مراكز القرار من جهة أخرى والتي أدت إلى نفور بعض المخلصين وانضمامهم لمحور الكوردايتي والبارتي الديمقراطي الكوردستاني.

وما يثير الدهشة، انه بالرغم من فضائحهم وسقوطهم في مهاوي الخيانة، واعتراف قادتهم على شاشات التلفزة مازال الكثير من المغرر بهم يبررون ويصفقون لخياناتهم، ورسوّهم الأخير على رصيف أخوة الشعوب ووحدة العراق كما جاء في تصريح برهم صالح أثناء أداء القسم الدستوري في البرلمان الجديد ببغداد هي استمرار لمسيرة الخيانة والذل والخنوع التي فطموا عليها منذ نعومة أظفارهم في السياسة وكانت ليلة الغدر في كركوك ورقة التوت الأخيرة التي سقطت لتكشف عوراتهم فهل يتعظ المناضلون الحقيقيون من خيانات هذه الزمرة التي بدأت من (1966) حتى الآن أم أن للرئيس البارزاني رؤية ابعد مما نَصْبو إليه.

*كتاب من اروقة الذاكرة للسياسي الكوردي عزيز أومري من إصدارات اتحاد كتاب كوردستان سوريا لعام 2018
جريدة كوردستان





المقال يعبر عن رأي الكاتب

761