القيادات بين الأبدية والتجديد

القيادات بين الأبدية والتجديد

Nov 11 2018

القيادات بين الأبدية والتجديد
أكرم الملا

رغم الخطابات عن ضرورة التجديد، والديمقراطية الداخلية، ظلت أغلب الأحزاب الكوردية خارج هذه الصيرورة الجديدة، وظلت القيادات خارج التغيير المنشود، وظهرت المقاومة من قبل أغلب القيادات الكلاسيكية في الحركة الكوردية لمطلب التجديد. ان هذا الإصرار على التشبث بالزعامة يعكس عقلية تقليدية ما زالت تتحكم بالسياسيين الكورد، ترفض أن تساير التغيرات التي تشهدها الحياة السياسية من تحديث واصلاحات في شتى المجالات واعتماد المؤسساتية، ولكن ظلت القيادات المزمنة نفسها تهيمن على المشهد الحزبي، رافضة التجديد أو التداول على تحمل مسؤولية قيادة الحزب.

يتحجج الأبديون في قيادات أحزابهم بالشرعية التاريخية أو النضالية للاستمرار في القيادة لأن منطق القبيلة والعصبية والقرابة هو ما يميز الحياة الحزبية، وهو الأمر الذي لا يسمح بالتجدد وتوسيع المشاركة السياسية، وبات تغيير هذا الوضع اليوم مطلبا مستعجلا لاعتماد تجديد الحياة السياسية وإعادة الارتباط بالجماهير، وقيام الحزب بوظيفته السياسية في التأطير والتنظيم وقيادة الجماهير.

في الحالة الكوردية بعض القيادات أصابها التكلس، وباتت عاجزة عن لعب دورها في قيادة أحزابها وتنفيذ استراتيجيتها، بسبب الممارسة التقليدية القائمة على منطق الزعامة في علاقتها بالأتباع، الزعيم الذي لا يُسأل ولا يُحاسب، ما دام هو القابض على زمام الامور المالية والسياسية والادارية في الحزب.
ان الأمر مرتبط بثقافة سياسية تقليدية متعارف عليها تمنح القيادة الأبدية كل الصلاحيات، إذ لم نشهد في الحركة الكوردية أن انسحب قيادي حزبي إلا عن مضض، رغم التقدم في السن أو طول المدة التي قضاها في قيادة الحزب، وهذا في رأيي يرجع في العمق إلى طبيعة الحياة الحزبية الكوردية السطحية التي ما زالت تتمسك "بالشرعية التاريخية" لهذه القيادات.

ان التجديد اليوم يكون بفتح الأبواب والنوافذ على مصراعيها أمام نخب سياسية شابة ونشطة برؤى جديدة تخدم المصلحة القومية للشعب الكوردي وعقليات متنورة لتدبير الشأن الحزبي، من خلال وضع آليات وقوانين تقطع الطريق أمام فكرة القيادة المزمنة، من قبيل تغييرات جوهرية في الأنظمة الداخلية للأحزاب وتثبيت مبدأ التداول التنظيمي السلس لقيادة الأحزاب، وعدم الجمع بين المسؤوليات الحزبية واحترام دورية انعقاد المؤتمرات الحزبية التي تٌعتبر محطة فلترة سياسية وتنظيمية للأحزاب.
جریده‌ كوردستان


المقال يعبر عن رأي الكاتب

506