تونس تلقي القبض على مئات المهاجرين وتدفن 90 ضحية
تونس تلقي القبض على مئات المهاجرين وتدفن 90 ضحية

تونس تلقي القبض على مئات المهاجرين وتدفن 90 ضحية

Apr 28 2023

غادر شاب يرتدي قبعة بيسبول ونساء يحملن أطفالا ملفوفين في بطانيات وأطفال يرتدون معاطف شتوية من قوارب متهالكة إلى زوارق الحرس الوطني البحري التونسي، مبتعدين عن أحلامهم في حياة أفضل في أوروبا.

هم من بين مئات يتم إلقاء القبض عليهم يوميا في عمليات تمشط ليلا في البحر المتوسط.

مرافقة الحرس الوطني في جولة تمشيط ليلية بحرا الأسبوع الماضي شاهد مراسلو الأسوشيتدبرس مهاجرين يتوسلون للسلطات للسماح لهم بمواصلة رحلتهم المحفوفة بالمخاطر إلى إيطاليا في سفن غير صالحة للإبحار.

وعلى مدار 14 ساعة تم إلقاء القبض على 372 مهاجرا غير شرعي.

يقوم المهاجرون، ومعظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء، بهذه الرحلات بأعداد غير مسبوقة. ففي الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام أجبر 13 ألف مهاجر على مغادرة قواربهم قبالة سواحل مدينة صفاقس بشرق تونس، وهي نقطة انطلاق رئيسية.

وبين عامي 2021 و 2022 تضاعف تقريبا عدد هم، وكان معظمهم متجها إلى إيطاليا ومالطا.

وقال قائد الحرس الوطني، اللواء صابر يونس، إنه في أحد أيام شهر مارس آذار تم إيقاف 2900 مهاجر في منطقة صفاقس، التي تشمل أيضا مدينة المهدية الساحلية وجزر قرقنة، قبالة ساحل صفاقس.

شهدت الهجرة إلى أوروبا ارتفاعا، بلغ ذروته عام 2022 لتصل أعداد المهاجرين إلى 189620 شخصا، وفق المنظمة الدولية للهجرة، وهو أكبر عدد منذ عام 2016 عندما غادر نحو 400000 مهاجر أوطانهم، بعد عام واحد من لجوء أكثر من مليون شخص، معظمهم من السوريين الفارين من الحرب، إلى أوروبا عام 2015.

بالنسبة للعديد من الأفارقة من جنوب الصحراء - الذين لا يحتاجون إلى تأشيرة لدخول تونس - يعتبر البلد الواقع في شمال القارة والمطل على البحر المتوسط نقطة انطلاق مثالية إلى أوروبا، بينما ينطلق آخرون من ليبيا، التي تشترك في الحدود مع تونس.

في كل ليلة تقوم سفن الحرس الوطني بتمشيط مياه البحر، ويعد انتشال الجثث هو الجزء الأكثر قتامة في هذه المهمة. و قال المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن 580 مهاجرا ماتوا أو اختفوا في البحر عام 2022.

وأوردت وكالة الأنباء التونسية الرسمية يوم الثلاثاء أن مسؤولي صفاقس قاموا هذا الأسبوع بدفن نحو 90 جثة جرفتها المياه إلى شواطئ منطقة صفاقس مؤخرا. وباتت مشرحة المستشفى الرئيسي مكتظة، ما يجعل دفن الموتى ضرورة عاجلة.

ولم يتم الإبلاغ عن أي وفيات أو حالات اختفاء في الليلة التي رافق فيها مراسلو الأسوشيتدبرس خفر السواحل.

من يعتبرهم خفر السواحل ضحايا وليس منتهكي قانون يتم إطلاق سراحهم، إلا أن الكثيرين منهم يعاود المحاولة.

وحتى يوم الاثنين وصل 36610 مهاجر - بينهم 2882 تونسيا - إلى إيطاليا منذ بداية العام. وقالت وزارة الداخلية الإيطالية إن هذا العدد يمثل نحو أربعة أضعاف عدد من وصلوا إليها سنويا في العامين السابقين.

يتوجه الكثيرون إلى جزيرة لامبيدوزا جنوب صقلية، على مسافة 180 كيلومترا من صفاقس، في رحلة تتطلب قدرا كبيرا من اليأس والشجاعة.

وقال سوري كشف عن اسمه الأول فقط، محمد، "نحن مستعدون للغرق والموت لتحسين وضعنا. أنتم تعلمون الوضع في سوريا: حرب وعدم استقرار"، مضيفًا أنه فقد أربعة من أفراد عائلته في الحرب.

تسعى إيطاليا إلى وقف تدفق المهاجرين من تون، عبر تحقيق الاستقرار هناك رغم أن البلاد تشهد أعمق أزمة اقتصادية لها منذ جيل، مع تصاعد التوترات الاجتماعية والسياسية.

وأعلنت روما هذا الشهر حالة طوارئ للمساعدة في التعامل مع تدفق اللاجئين، وتعهدت لتونس بمجموعة من الاستثمارات بالإضافة إلى المساعدة في مفاوضات صعبة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي. لكن هذه الحوافز لن تمحو غضب مواطنين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ولن توقف نشاط قوارب المهاجرين من تونس.

بدأ الأفارقة من جنوب الصحراء، الذين يعيش بعضهم بشكل غير قانوني في تونس منذ سنوات ويعمل بأجور منخفضة، في المغادرة سريعا بعد أن طالب الرئيس التونسي قيس سعيد باتخاذ تدابير عاجلة في فبراير / شباط للقضاء على هذه الفئة، زاعما أنهم جزء من مؤامرة لمحو هوية بلاده.

وقامت بعض الدول الأفريقية بإعادة مواطنيها جوا إلى ديارهم.

كان العديد من الأفارقة من جنوب الصحراء ينظرون إلى أوروبا على أنها أملهم المنشود، فقال رجل من ساحل العاج رفض ذكر اسمه بسبب مخاوف بشأن الوضع المتوتر للأفارقة السود في تونس "إذا ارتكب رجل أسود فعلا مشينا في تونس يرانا التونسيون كلنا سيئين ويطردوننا. هذا غير منطقي... كلنا بشر".


وأشار يونس، قائد خفر السواحل ، إلى أن الغضب على الأفارقة من جنوب الصحراء ساهم في زيادة محاولات العبور، مضيفا "بعد ما حدث لم يعد لديهم سبب للبقاء هنا. سيحاولون بكل السبل الوصول إلى الجهة المقابلة" ( من البحر المتوسط).

بدأت القوارب المعدنية- الأرخص ثمناً ولكنها أقل استقرارا من السفن الخشبية - بالظهور في البحر العام الماضي وسرعان ما أصبحت تجارة مزدهرة، وتصنع سرا في منطقة صفاقس.

تنتظر مصنعي القوارب الذين يتم إلقاء القبض عليهم فقط.

وقال يونس "نحتاج إلى اتصال مباشر مع الإيطاليين بشأن القوارب التي قد تغرق" لكنها خرجت من منطقة الإنقاذ التونسية، رافضا تلميحات بأن تونس لا تقوم بما يكفي لوقف تدفق المهاجرين.

أما بالنسبة للمهاجرين فتقوم تونس بالفعل بالكثير لتحطيم أحلامهم.

وصرخ بعض هؤلاء المهاجرين "نريد مغادرة تونس! دعونا نموت في البحر. إنه خيارنا .. إنه قدرنا". وذلك عندما أجبروا على النزول من القوارب.

4714