الصحافة في كوردستان سوريا والتهم الملفقة

الصحافة في كوردستان سوريا والتهم الملفقة

Oct 28 2018

لم تعرف سوريا منذ عقود تقاليد الصحافة الحرة، هكذا فهم حزب البعث الإعلام للصوت الواحد والاسم الواحد والهتاف لـلرئيس "الإله" الواحد، نجحت سلطة البعث بالتعاضد مع أجهزة المخابرات بمختلف تلاوينها بقمع الصحافة والصحفيين في سوريا، صار كل من يغرّد خارج السرب مصيره التصفية الجسدية أو الإيداع في غياهب السجون ومعتقلات الأمن لسنوات على مجرد التخمين من "سوءة" فكرة ما ضمن سياق مقالة بالغة الحذر، وحين بِدْء الأحداث في سوريا تخلخل ميزان القوى لصالح إيجاد بيئة صالحة لحرية الكتابة والنشر وخاصة في كوردستان سوريا، بعد تضعضع النظام حيث سلّم مؤقتاً الإدارة بشكل شبه كلي لحزب الاتحاد الديمقراطي مع بقائه موجوداً بقوة في مربعاته الأمنية.

حينما وضع الاتحاد الديمقراطي يده على المقدرات البشرية والتنموية في المنطقة، مارس هو ذاته عقلية أمنية تشبه إلى حدٍّ بعيد عقلية النظام في دمشق، رغم الانتشار الكبير للصحف والمجلات و"دكاكين" الـ اف ام" التي كانت مدعومة من منظمات وسفارات، وانتهى معظمها لوقف التمويل " الخارجي".

كل عام تصدر تقارير دولية ومحلية بشأن خطورة العمل الإعلامي في كوردستان سوريا، والضغط على الإعلاميين ومحاربتهم في لقمتهم، ووضعهم أمام خيارات بالغة القسوة فإما الانضمام لجيش وجوقة المريدين والاتباع الذين يتغنون بـ "العقل الأسطوري" للقائد المسجون في ايمرلي التركية، ومدح الإنجازات الكبرى للإدارة الذاتية التي يحكمها الاتحاد الديمقراطي من ألفها الى يائها أو تكبيله بقيود، ورميه في الزنازين.

اليوم تتوارد الأخبار من مؤسسات إعلامية تابعة للحزب المذكور، أخبار في غاية الخطورة على حياة الصحفيين المتواجدين داخل غرب كوردستان، فقد نشر موقع هذا الحزب خبراً عن "شبكة تخابر خارجية تتخذ من الإعلام كغطاء لنشاطاتها"، وتحدث الموقع المذكور عن عملية نوعية لجهاز الامن العام للإدارة الذاتية "الديمقراطية" عن مصادر من داخل جهاز الأمن العام في محافظة الحسكة عن قيام قوات التدخل السريع التابعة لجهاز الامن العام بضبط شبكة مخابرات تعمل على جمع المعلومات الاستخباراتية لجهات خارجية تتخذ من وسيلة إعلامية تدعى ” ARK “غطاءً لعملياتها".

الخبر في مضمونه بالغ الخطورة كونه يتّهم صراحة العاملين في قناة اخبارية كردية بالتعامل مع المخابرات الخارجية، وتتهمها أنها "شبكة مخابرات"

وإذا كان الأمر هكذا، فإنه ثمة خطورة بالغة على حياة الزميل الصحفي "أحمد صوفي" الذي لم تعتقل أسايش ال ب ي د سواه، ولا تملك هذه القناة التي تبث من اقليم كوردستان بساعات محدودة، ولا تبث فضائياً، بل عبر شبكة "فيسبوك" جيشاً من المراسلين داخل كوردستان سوريا، حتى تقوم بهذه الاعمال " التخريبية" والاستخبارية بحسب زعم تصريح مصادر من جهاز الأمن في محافظة الحسكة.

بل والأدهى أن هذا البيان يتهم هذه الوسيلة الإعلامية وتخمينات "ركزوا على كلمة تخمينات!! حول ضلوع هذه الشبكة بالقصف الذي طال مركز اعلام قوات سوريا الديمقراطية في بلدة قرجوغ العام الماضي، لكن حتى الان لم يتم التثبت من الجهة التي تدعم هذه الشبكة وسط احتمالية كون هذه الشبكة تتبع إلى المخابرات التركية"!!

هذا يعني أن هذه الشبكة مسؤولة عن جميع الإخفاقات والفشل الذي وقع فيه الاتحاد الديمقراطي!! من إهراق دم أكثر من 350 شاباً كردياً في بلدة "تل حميس" بريف قامشلو عام 2015 ، ومقتل الآلاف في الرقة ومنبج ودير الزور، وتسليم عفرين كاملة لما يسمى الجيش الحر الذي جاء مدعوما من الجيش التركي، وقبلها في كوباني.

بكل حال، الإدارات الإعلامية التابعة للإدارة الذاتية لن تتدخل في هذا الشأن، ولن يهمها مصير زميل أو زملاء لها في الحقل الإعلامي، بل من الممكن أن تلعب دوراً في "إلصاق التهم" بكل من تسوّلت له نفسه بالكتابة أو التّحدُّث خلاف "المريدية" المقيتة.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

576