المأزق الكوردي الجديد

المأزق الكوردي الجديد

Sep 07 2022

المأزق الكوردي الجديد
جان كورد

يبدو مما نقرأه ونسمعه من المعارضة السورية على اختلاف ألوانها وأشكالها وتوجهاتها السياسية أن ما ستمنحه من حقوق للشعب الكوردي الذي لايقل في حجمه السكاني عن أي مكوّن سوري آخر، لا يتعدى حق المواطنة وليس حق تقرير المصير (استقلال، كونفدرالية، فيدرالية، حكم ذاتي...)، وبالشكل المتواضع بحيث لا يتجاوز "الإدارات المحلية" وبحيث لا تتعارض هذه الإدارات مع كون البلاد "جمهورية عربية سورية" وليس جمهورية سورية كما كانت قبل تغيير اسمها من قبل البعثيين العنصريين، وهذا يعني أن سياسة التعريب ستستمر، فالجيش الذي يخدم فيه كل السوريين، عرباً وكورداً ومن سائر الأقليات هو "جيش عربي!" و"قلعة الأكراد" ليست سوى "قلعة الحصن" رغم أن الحصن هو قلعة وليس غير ذلك، وقد انزلقت حيفا ويافا من فلسطين الى شمال شرق سوريا، وجبل الكورد في شمال غربها صار "جبال حلب!" وليس في حلب وما حولها جبال... وكل الأسماء الكوردية للقرى تم تعريبها بذريعة أن هذا ضروري من الناحية الإدارية، في حين أن هناك الكثير من الأسماء اليونانية-الرومانية في الساحل السوري لم يتم تعريبها... أي أن "حق المواطنة" الذي ستمنحه المعارضة "الديموقراطية" و "نصف الديموقراطية" و"ربع الديموقراطية" للشعب الكوردي ليس إلا بركة من بركات النظام العروبي العفلقي العنصري الذي طبق المشاريع المعادية للكورد ولكنه حقٌ مقدّس مصبوغ بألوان الحداثة والديموقراطية والتغيير والتحديث والعدالة العربية التي ليس لها مثيل في عالم الحريات السياسية وحقوق الانسان. أو لم يقولوا لنا (لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب) بديل ما يفعلونه في عفرين وقراها، وهذا يعني أن الكورد في مأزق جديد بعد أن أنقذوا وجودهم من المآزق العديدة المتتالية.

ربما يؤكد بعض قادة وزعماء الكورد بأنهم حصلوا على "وعود!"، وهذا يدل على ضحالة سياسية، وعلى أنهم نسوا "وعود مصطفى كمال" و"وعود الخميني" و "وعود صدام حسين" من قبل في تأريخهم الدموي الشاق... ووعود من اغتصب منهم كركوك مؤخراً...

برأيي ألا ينخدع كوادر الحركة السياسية الكوردستانية ب"وعود!" من لا يعترفون وثائقياً بحق تقرير المصير للشعب الكوردي المغدور.

سحر "المواطنة" سراب بقيعة، والكورد الراكضون الى أحضان النظام التابع لإيران والمتحالفون مع من نهب عفرين ومزارعها وآثارها وأموال ساكنيها ومنازلهم وقطعوا آلاف الأشجار المثمرة للكورد يجب أن يفكروا طويلاً قبل القبول بأي حق لا يضمن لشعبهم حق تقرير المصير، فما دون ذلك هو الخداع والمكر، وقد يوقع المتسابقين على طريق الانسياق اللاهث في شباك الخيانة للأمة الكوردية.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

338