إتفاق الضعفاء

إتفاق الضعفاء

Dec 03 2021

جان كورد

في ظل العلاقات الامريكية - الروسية المضطربة بصدد سعي جيورجيا واوكرايينا الانضمام لمنظومة المؤسسات الاوربية - الامريكية وفي رحاب العلاقات المتناغمة الى حدٍ ما في سوريا بين القوتين الكبيرتين في العالم، تظهر حاجة الطرفين القوية لتقارب بين نظام الاسد الضعيف وحركة قسد/ مسد التي تتواجد في مثلثٍ خطير كمثلث برمودا،

حيث الجيش التركي من الشمال والجيش السوري مع حلفائه من الفصائل الموالية لايران من الجنوب، والجفاء الذي تعانيه هذه الحركة من الشرق، حيث "الإخوة الأعداء!" حسب ما يعتقد زعماء الحركة المجنزرين المحكومين بأوامر قنديلية.

ولكل من امريكا وروسيا مصلحة في تحقيق اتفاق تسجله موسكو كانتصارٍ لها في الفصل الاخير من المسرحية السورية الدامية التي طال أمدها وتم تدمير هذه البلاد الجميلة والثرية لعديدٍ من الاسباب التي لن ندخل في تفاصيلها الآن.

وتحقيق أي اتفاق بين الطرفين الضعيفين سيؤدي الى وضع القدم في عتبة السلام الوطني السوري حسبما يأمل السوريون الذين تضرروا بشكل فظيع من استمرار الحرب في بلادهم، وهذا سيؤدي الى تخفيف وطأة هذه الحرب على الدول التي تعاني من هجرة السوريين اليها وقد تفتح المجال أمام المستثمرين من شتى الأنحاء للقدوم دون خوف الى سوريا والشروع في تحريك السوق السورية واعادة الاعمار وعودة النازحين اليها، وهذا سيكون له تأثير إيجابي على البلدان المجاورة لسوريا، لبنان والعراق والأردن وتركيا واسرائيل،

ويعني أيضاً تخفيف وطأة التنظيمات المتطرفة والارهابية، وبذلك ترتاح روسيا من ورطتها السورية وتمهد الطريق أمام القوات الامريكية للخروج من سوريا، في حين أن السلام في سوريا، رغم أن ما سيكسبه الكورد قد يكون مجرّد قشور من الناحية الاستراتيجية،

سيرغم الحكومة التركية الرافضة لمنح الكورد في سوريا أية حقوقٍ قومية، على أن تكف عن هجماتها المدمرة على شمال سوريا، حيث تسكن اغلبية الكورد، وبالتالي ستجد نفسها أمام الجدار الصلب المتين لما يشبه التحالف الامريكي - الروسي بصدد الحالة السورية عامةً.

وصحيح أن النظام الاسدي لا زال معانداً ويبدو ظاهراً أنه لن يتنازل عن فكرة الدولة المركزية، إلا أنه بحاجةٍ ماسة لخيرات المنطقة الكوردية ولشيءٍ من رضى العم سام ولا يستطيع مقاومة الأوامر البوتينية التي قد يكون له الموت الفجائي في حال رفضها أو محاولة التملّص من بعضها، ثم إن الطرفين الحكومي السوري والقسدي متحالفان مع ايران التي تسعى لاستمرار بقاء هذين الضعيفين في حضنها أو في أحضان بعضهما بعضاً تحت راياتها العديدة...

نقطة الضعف الوحيدة في هذا المشروع الذي سيستفيد منه السوريون عموماً لأنه يساهم في التقدّم نحو السلام، ولو جزئياً، هو احتمال فشل المفاوضات بصدد الاسلحة النووية الايرانية وقيام اسرائيل بشن حربٍ مدمرة على المنشآت الايرانية، فهذا سيضرب بعرض الحائط كل المشاريع السرية والعلنية للصغار والكبار في المنطقة، وسيؤثر ذلك بشكل عميق في مسار السعي لوقف سفك الدماء السورية.

٣/١٢/٢٠٢١

المقال يعبر عن رأي الكاتب

596