كيف يصنع العمال الكوردستاني أتباعه؟

كيف يصنع العمال الكوردستاني أتباعه؟

Nov 28 2020

كيف يصنع العمال الكوردستاني أتباعه؟
ماهر حسن

لم تكن محاولة الماكينة الإعلامية لمنظومة العمال الكوردستاني بإزالة المبررات والحجج التي دفعت وتدفع بكثير من قياداتها إلى قرار التمرد ناجمة من فراغ، بل هنالك أسباب حقيقيّة وجادّة خلقت المناخ والأرضيّة كي تشرعن الخروج والدعوة إلى التغيير الجذري في أساس وجذر نظام PKK وممارساته، لوضع حدّ لتصرفات المهيمنين على القيادة.

سوف أتحدث في هذا المقال عن أحد القادة الذين تمردوا على تصرفات الحزب التي لم تثمر إلا عن المشاكل والعراقيل والأخطاء، وكانت سبباً في تفاقم الوضع ليصل إلى درجة التعرّض إلى محاولات اغتيال والتصفية الجسدية وتلفيق تهمة الخيانة به وإنهاء مسيرته بطمس الحقيقة. هكذا عمل الحزب على تضليل الأحداث وتكريسها في أدبياته وبين جماهيره بما ينسجم مع استراتيجيته.

ويأتي في مقدّمة هؤلاء، القيادات المؤسسة للعمال الكوردستاني من أعضاء اللجنة المركزية في الحزب، حسب ما روج وسوق له حزب العمال:

محمد شنر وشاهين دونميز ويلدرم مركيت وسليم جوروكايا وهذا منشق وموجود في ألمانيا ومسؤول منظمة الحزب في أوروبا، جتين غونغور "سمير" في السويد والكثير من الآخرين ارتبطت أسماؤهم بالخيانة وبالأخص أولئك المطلعين على أحوالهم، وبمجرد تفوه واحد منهم بكلام عن أتباع الحزب الذين يدورون في الحلقات المفرغة لتقديس قادة العمال ورفعهم إلى مرتبة المقدسين، يخطر له فوراً أنه خائن دون الرجوع إلى الاستفسار والبحث والتدقيق عن مصادر تؤكد عكس ذلك. وبمجرد نعته بالخيانة يكون قد قام بعمله على أكمل الوجه في نشر توجهات أسياده ونداءاتهم المطالبة بالتخريب وتوسيع شقوق الخلافات المنهكة بين الكورد، وتشديد لغة العداء لكل ما هو رافض لتوجهاتهم. الموقف الذي يتبناه PKK هو اعتراف بأنصاره وأتباعه فقط لدرجة استغلاله لهم في حربه الطائشة، ويكثر الحديث في سياسة “حزب العمال الكوردستاني” تجاه الأطراف الكوردية الرافضة لسياسة القنديل التخوين والتخويف وعدم الامتناع عن ممارسة أي نوع من الانتهاكات بحقّهم.

يرى حزب العمال الكوردستاني بلا شك، في زيادة السياسة المتصاعدة لإقليم كوردستان ونجاحه وتحوله إلى قوة تلفت إليها الأنظار، تهديداً له، فهو يرى نفسه اللاعب الميداني الوحيد في السياسة على الرغم من فشله المديد ولا سيما في كوردستان تركيا.

ويرى الحزب أن إحدى طرق العودة إلى عظمته بين جماهيره هو التصعيد من خطابه وتنفيذ أنشطة ضد الإقليم، والأنكى من كل ذلك يتحدثون عن نصرٍ وهمي متبجحين بقصص واهية مستخدمين شعارات رنانة وبراقة كسلاحٍ مخدر، وكذلك الحال مع جميع الأحزاب المنضوية تحت ولائهم، وهو ما يدركه القاصي والداني. لقد أثبتت PKK بأفعاله اللاشرعية وغير القانونية وتصرفاته المتقاطعة مع مصلحة الإقليم والمطابقة لأجندات الدول الإقليمية نواياه الخبيثة في منازعة الإقليم مشروعيته. هكذا يحاول قياديو PKK تشويش وعي الناس بتشويش أفكارهم والرفع من مكانتهم على أساس الانتماء والولاء، مدعين أنهم مهدو الطريق إلى الوعي والخلاص، مستحدثين ضجة كبيرة بأنهم كقيادة حكيمة ضمان للثورة والبقاء، وأصبحت قيادتهم حركة أيديولوجية تستجيب لجميع احتياجات ومتطلبات وآمال المجتمع الكوردي.

نتيجة عدم ضبط حركة وسلوكيات PKK وکبح جماح نفوذه منذ تأسيسه وفسح المجال أمامه للتدخل بشؤون الأجزاء الأخرى، شكل عراقيل وفوضى ،وبات مكشوفاً وعلى العلن مصدراً لكل الصراعات الدائرة اليوم بتدخل الأتراك في الإقليم وكذلك في كوردستان سوريا تحت ذرائع محاربة حزب على لائحة الإرهاب.

قبل أن أبدأ الحديث عن ذلك القيادي لا نستغرب من الحزب - الذي يغتال أعضاءه ويلفق تهمة الخيانة لهم بمجرد الامتعاض من تصرفات وممارسات القيادة وانتهاكاتها الصارمة – هذا الكم الهائل من التهم الجاهزة والباطلة التي يلفقها، ومن الهجوم غير المنصف وغير المبرر والمحاولات المستمرة والملغومة لتفتيت القوى التحريرية الكوردستانية.

لمحة عن القيادي محمد جاهد شنر:

محمد شنر عضو اللجنة المركزية وأحد الكوادر المؤسسة لحزب العمال الكوردستاني. اعتقل قبل 12 سبتمبر 1980 من قبل المجلس العسكري ووضع في سجن ديار بكر -قبل انقلاب أيلول- وقصته المحصنة هي ملحمة من البداية إلى النهاية. قاوم تحقيقات الشرطة، تحمل المسؤولية داخل المنظمة في السجن، وفي فترة التعذيب في الزنزانة بدأ يلعب دوراً في تطوير استراتيجيات ضد هذه الممارسات، ويقنع جميع أفراد أسرته في الخارج وخاصة والدته وأخواته وإخوانه بالمقاومة. أُضرب عن الطعام لمدة ٤٤ يوماً و بعد ان استأنف نشاطه في المعسكر ١٩٩٠ اعتمد على أحمد بايق "الاسم الحركي مصطفى" وهو شقيق جمعة "جميل بايق" معتقل سابق والشخص الوحيد بين القيادة الموجودة، وأخبرهم بتبرم رفاقهم من القيادة، حين استفرد جمعة بشقيقه لامهم وعاتبهم (شنر ومصطفى) واستفسر عن سبب إهمال الإدارة وعدم انخراطهم بأمور الإرشاد والتوجيه. أوضح مصطفى بعد جدال طويل السبب، وكان رد جمعة "جميل بايق" أن تلك المجموعة وقعت تحت سطوة كسيرة يلدرم "زوجة أوجلان"، حينئذ قال شنر: "إذاً أنت أيضاً يا جمعة واقع تحت تأثير كاسيرة لأنك حينها كنت في أوربا "المجموعة التي قدمت الشكوى من بينها الفتيات اللواتي التحقن بالحزب".

تجادلا إلى أن قرر جمعة أن يفاتح عبدالله أوجلان وأصر على أن يصارحه وحده بالرغم من إصرار شنر أن يواجهاه معاً إلا أنه رفض بشدة.

ناول شنر المقترحات في المؤتمر الرابع إلى الحزب الذي جرى في حفةتنين تقريباً نهاية عام 1990.

كانت أهم مقترحات محمد شنر كالتالي:

- الحد من صلاحيات أوجلان و استفراده بقرارات الحزب و مقدراته

- الكشف عن مالية الحزب في كل من سوريا، لبنان وأروبا ولا سيما طوال هذه الأعوام إلى جانب تقديم توضيح عن مالية الحزب في ايران والتي كانت بيد أوصمان أوجلان (فرهاد)

- الاحتفاظ بالعسكريين الأشداء والصناديد مع السياسيين الاستراتيجيين لإحداث انتفاضات في شمال كوردستان ويكون بالتناوب بين ضرب الكريلا لقوات الجيش التركي وانتفاضات شعبية لتشتيت قوات الأتراك، أي تواجه قوات كريلا قوات الأتراك في حال قمع الإنتفاضات الشعبية والعكس صحيح.

كان من مقررات المؤتمر الرابع دعم قوات البيشمركة بكل الإمكانيات في مواجهة المستغلين لضربات التحالف ضد صدام حسين بعد اجتياحه الكويت.

أرسلت رسالة من خانم بنت مختار عنترية "الاسم الحركي دجلة" إلى شنر، وذكرت فيها أسماء بعض من رفاقها المتضامنين مع اقتراحاته وعن استيائهم من القيادة، سلمت الرسالة إلى حجي من كورد ديركا حمكو وهو بدوره قام بتسليمها إلى فرات ابن أخت أوجلان، وكانت الرسالة سبباً بتعرض الأسماء المذكورة فيها الى التعذيب والاعتقال.

عقد مؤتمر باسم المعتقلين بغية تخوين شنر وأصدقائه، وتم تكليف محقق السجن والكورديتانور العام عبدالرحمن قايكجي، "الاسم الحركي فايق" في البداية بعملية اغتياله، ولكن جرت العملية عكس ذلك تماماً إذ ساهم فايق في تهريبه وإفشال المخطط، وحرصاً على حياته اقترح الديمقراطي الكوردستاني عليه البقاء في إقليم كوردستان العراق إلا أنه رغب في البقاء مع رفاقه المحتجين والمستنكرين للقيادة.

تم تصفيته في مدينة قامشلو في عام 1/11/1991 امام مدرسة تشرين الثانوية، ودفع حياته عقوبة لمعارضته التي كانت لها حكم وقوانين قاسية على حياته. والشيء الجدير بالذكر أنه صرخ في بيئة لا يجرؤ أحد على ذلك لكشف مدى تقدم فساد الوعي الذي يطارد الحركة.

بعض الأسماء المشاركة في عملية الاغتيال:

نافذ حسو من عين ديوار، محمد ياسو صاحب السيارة، ابراهيم جمعة صاحب المنزل الذي كان يقطنه المغدور.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

41656