معركة سحيلا واتفاق شنكال.. والموقف العربي

معركة سحيلا واتفاق شنكال.. والموقف العربي

Oct 26 2020

آرك نيوز..معركة سحيلا واتفاق شنكال.. والموقف العربي .. سعيد عمر

خاب ظنُّ كلّ من اقترب من هولير/أربيل وكوردستان. من الاسكندر المقدوني وهولاكو المغولي والحرس الثوري الإيراني مروراً بالحشد الشعبي والجيشين التركي والعراقي وانتهاءً بخونة العصر الحديث الذين بذلوا المستحيل في سبيل إجهاض مشروع الاستفتاء، وبعد أن حاولوا القضاء على كوردستان، جرَّ كُلهم أذيالَ الخيبة والهزيمة وراءهم، وسقطت ورقةُ التوت عن عورة خياناتهم ومؤامراتهم.

لم تسترح عاصمة إقليم كوردستان من المؤامرات والدّسائس، لكنها لم تنحنِ أيضاً، ولم تسقط قيمها الأخلاقية والقومية، هذه القيم النبيلة التي أسست للطيبة والسماحة والخلق الرفيع لهذا ظلت هولير في عين الاستهداف دائماً.

هولير لم تخضع كحال المناطق الأخرى التي انغمست في التّرف والملذات ومحاولة تفضيل عمليات تهريب النفط وبيعها لإيران على حساب الإقليم كُله. هذه العاصمة التي يتوجّب على الدول المناهضة للمدّ المذهبي والمناهضة للحشد الشعبي أن تمدّ لها يدَ الأخوة الحقيقية، أن تنظر لها بعين المصالح الاستراتيجية العميقة، والمصالح الجيوسياسية المشتركة. وعليهم أن يقتنعوا أن أمنهم الاستراتيجي إنما مرتبط بمدى قوة ورصانة حدود الإقليم سياسياً، وجغرافياً مع دول الجوار.

وفي ترسيخٍ لمفهوم أن التاريخ يُعيد نفسه، وأن الوقائع السياسية والجغرافية، والمرتبطة بالوضعية الأمنية والعسكرية، إنما لا تُلغى ولا تُمسح. فإن استذكار إحدى أهم المحطات العسكرية والتي كانت ذات طابع سياسي قومي رغبوي متعلق بدول الجوار الإقليمي، خاصة أنّ الحدث كان تفصيلاً مهماً في مؤامرة القضاء على إقليم كوردستان، وما سيتبعه من سيطرة مذهبية شيعية على هذه الرقعة الجغرافية التي تصارع الاستبداد والدكتاتوريات، وتسعى نحو ترسيخ مفاهيم وقيم الديمقراطية. ففي 26/10/2017 وكتكملة للاتفاق الإقليمي مع بغداد وبأدوات كوردية مرتهنة لقرار الخارج، وضمن الخطة الدنيئة للانتقام من استفتاء إقليم كوردستان ، وكمحاولة أيضاً لفصل إقليم كوردستان عن وسطه الجغرافي الاقليمي عبر تقطيع أوصال الاقليم مع كوردستان سوريا من خلال السيطرة على معبر فيشخابور الحدودي الذي يربط بينهما، ومحاولة القوات العراقية السيطرة على معبر إبراهيم الخليل، وبذلك تتم محاصرته سياسياً وجغرافياً وخنقه اقتصادياً، ومنع أي امتداد بشري قومي بين الأجزاء الثلاث لكوردستان.

بدأت معركة "سحيلا" وهي منطقة جغرافية في كوردستان العراق مقابلة لمعبر "سيمالكا" الحدودي ضمن الأراضي الكوردية في سوريا، وضمّت المعركة ثلاث مناطق متصلة ومترابطة، كانت تخضع لسيطرة قوات البشمركة وهي "سحيلا ومحمودية وعين عويس" والهدف الثاني من ذاك الهجوم كان إنهاء المشروع القومي الكوردي وتأجيله لمئات السنين، حيث اجتمعت رغبة كلاً من تركيا وإيران وسوريا والحشد الشعبي والجيش العراقي للانتصار في هذه المعركة.

مازال صدى تلك المعركة تتكرّر دوماً، خاصة وأنه كان هجوم جيش على السكان المدنيين والمطالبين بحقوقهم القومية، في الوقت الذي من المفترض أن يكون الدرع الوطني لحماية المجتمعات المحلية، أثبت أن لا دولة وطنية ولا مواطنة ولا دستور تجمعهم المكونات ضمن دولة واحدة. بل المذهبية والطائفية والبغضاء تجاه الكوردي، والحقد على الإنسانية والكرامة كانت ولا تزال الصفة الموصوفة للحشد الشعبي، وهناك القطعان العسكرية الموشومة باللوثة المذهبية، إنما هم أعداء شعوب المنطقة كلها.

لم تنقضِ المواقف بعد، ولم تخرج الشعوب منتصرة، ولم تُهزم قوة الشر والظلام، والأنظمة الساعية لهدر دماء الأحرار. وهاهم يسعون بكلّ قوتهم لخلط الأوراق وتأزيم المواقف مجدداً، خاصة بعد الاتفاق الذي وصف بالتاريخي بين إقليم كوردستان والمركز ، والساعي نحو إخراج العمال الكوردستاني والحشد الشعبي من شنكال بما تمثله من رمزية دينية كوردية مميزة وخاصة. ولما للمنطقة من أهمية كبرى للجميع. فكوردستان تسعى لبسط الأمن والأمان وقوة القانون والعدالة الاجتماعية.

بينما العمال الكوردستاني يسعى لجعله قاعدة لخلق المشاكل والأزمات ضد الكورد وكلّ من لا يتفق مع مشاريعهم الخيالية الطوباوية، كما أنّ الحشد الشيعي يسعى لجعله ورقة رابحة بيد إيران، وممراً برياً عبر الدخول إلى منطقة الهول وربطه عبر طوز خورماتو وحلبجة في كوردستان العراق مع إيران، وبذلك يتحقق الهلال الشيعي الذي يسعى للقضاء على عالمنا هذا، هذا العالم الذي نرغب أن نعيش فيه بحرية وأمان.

وفي سبيل ذلك هاجمت مجموعات عنصرية بربرية مدعومة من الحشد الشعبي المدعوم من طهران مقر للحزب الديمقراطي الكوردستاني في بغداد، وحرقوا العلم الكوردي، سعياً منهم لدفع الكورد إلى ردة فعل مشابهة، تخلق مزيداً من الفوضى والشّرخ بين العراقيين أنفسهم. لكن الثابت والواضح في المواقف الرسمية من هذا الهجوم أن ثلاث قضايا لن يتنازل عنها الإقليم، أولها: لا ردة فعل مشابهة للجريمة التي اقترفها الحشد الشعبي، ولن يهاجم لا البيشمركة ولا الشعب الكوردي على الجالية العراقية الكبيرة المتواجدة في كوردستان، ولن يحرقوا العلم العراقي. وثانيتها: لا تنازل عن القصاص عبر الطرق الحقوقية والشرعية. وثالثتها: لا تراجع عن تطبيق الاتفاق القاضي بإخراج العمال الكوردستاني والحشد الشعبي من شنكال.

أمام هذه اللوحة السياسية والأمنية والعسكرية والجغرافية المعقدة، هل تدرك الدول الإقليمية المحورية في العالم العربي والإسلامي، أن كوردستان العراق هي سد منيع أمام اختراق تلك الدول، وأن كوردستان تمثل العمق الإنساني والروحي وحتى الديني لتلك الدول؟!

770