فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية لن ينقذ الاتفاقية النووية الإيرانية.. هناك أزمة ثقة ومعسكر متشدد

فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية لن ينقذ الاتفاقية النووية الإيرانية.. هناك أزمة ثقة ومعسكر متشدد

Oct 21 2020

ارك نیوز... قال المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور إن فوز المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن لن يكون كافيا لإنقاذ الاتفاقية النووية التي وقعتها الإدارة التي كان فيها عام 2015.

والسبب كما يقول هو أن الحكومة الإيرانية الضعيفة لم يتبق لديها سوى عدة أشهر قبل الانتخابات في 2021 حيث تواجه تحديا من المتشددين الذين يعارضون الحوار مع الغرب. وأضاف أن النافذة الضيقة لإنقاذ الاتفاقية دفعت البعض إلى دعوة بايدن كي يقترح نهجا مرحليا يقوم على العودة إلى الاتفاقية النووية التي خرج منها الرئيس دونالد ترامب في عام 2018 ويقدم صورة عن تقدم قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية.

ولا يزال التيار الإصلاحي والوسط في حالة رثة بسبب فشل الاتفاقية الأصلية بتقديم المنافع الاقتصادية للمواطنين الإيرانيين العاديين. وبعدما خرج ترامب من الاتفاقية فرض عقوبات جديدة وأعاد القديمة ضمن ما أطلق عليها استراتيجية أقصى ضغط ومنع طهران من تصدير النفط. وترك المدافعون عن الاتفاقية داخل إيران لوحدهم. وفي مقابلة أجرتها صحيفة “كار وكرغر” مع وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أكد أن وزارته لم تكن ساذجة عندما قررت التفاوض مع الولايات المتحدة وأكد أن ترامب “فجر غرفة المفاوضات بالكامل”.

ويعتبر الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني من المؤيدين للاتفاقية المعروفة باسم “الخطة الشاملة المشتركة للعمل” ولكنه لن يترشح بعدما أنهى فترتين رئاسيتين كل واحدة منها أربعة أعوام. وبدلا منه هناك عدد من المحافظين بمن فيهم قادة في الحرس الثوري يخططون للترشح لمنصبه ويدعون إما للاعتماد على النفس أو إقامة علاقة وثيقة مع الصين.

ولم تقرر الحركة الإصلاحية ترشيح ممثل عنها أو دعم التكنوقراط علي لاريجاني، رئيس البرلمان والذي يساعد روحاني على تأطير شراكة مدتها 25 عاما مع الصين. وهزم الإصلاحيون في انتخابات البرلمان التي جرت في الربيع والتي شهدت تراجعا في الإقبال. وتعتمد فرص إقناع الطبقة المتوسطة التي تشعر بخيبة الأمل على دفعها لدعم مرشح إصلاحي يرفع الآمال لاستئناف المحادثات مع الغرب.

ووعد بايدن: “لو عادت إيران إلى الالتزام الصارم بالاتفاقية النووية فيمكن للولايات المتحدة العودة إليها كمرحلة أولية لمفاوضات لاحقة”. وحتى لو فعل، فإنه لن يصل إلى البيت الأبيض حتى 20 كانون الثاني/ يناير مما سيترك فترة قصيرة للإصلاحيين وإقناع الإيرانيين أن طريق الحوار مع الغرب يستحق المحاولة مرة ثانية. ويقول محللون إن فوز بايدن قد يكون كافيا لتغيير المزاج في إيران، وبالتأكيد يتابع المسؤولون في طهران الانتخابات الأمريكية وبانجذاب.

وفي مقال نشرته صحيفة “سازندكي” جاء: “أهم شيء سيحدث على الوضع المحلي بعد تنصيب رئيس غير ترامب هو تغير في المناخ النفسي للمجتمع الإيراني وظهور أمل بإمكانية حوار ناجح ومفاوضات مع الولايات المتحدة”.

وباتجاه آخر اقترح أهم المحللين الإيرانيين صادق زيباكلام في صحيفة “اعتماد” أن الإصلاحيين خسروا قاعدتهم الشعبية. وتوقع مشاركة بنسبة 30% في الانتخابات الرئاسية قائلا: “أدار الناس ظهورهم لصناديق الاقتراع”.

وأضاف أن خيبة الأمل من العملية السياسية الإيرانية هي قوية بين الطلاب والمتعلمين وسكان الحضر، وهي نفس التجمعات التي منحت روحاني انتصاره الساحق في 2013. ويقول عدد من الإصلاحيين إن المشاركة في الانتخابات لن تغير شيئا، خاصة أن السلطة تتركز في مكان آخر. ومن الأفضل والحالة هذه ترك المحافظين يسيطرون على السلطة التنفيذية والدينية والقضائية والبرلمان. وبالتالي سيتحملون المسؤولية الكاملة لتداعيات سياستهم القائمة على “المقاومة”.

ويرى المحللون أن على بايدن إنقاذ الاتفاقية رغم الجو القاتم في إيران، هذا إن فاز. وتقول إيلي جيرنامية، الخبيرة في إيران بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن هناك حاجة لـ”دبلوماسية صعبة” من أجل تأمين الاتفاقية، مشيرة إلى أن معمارها لا يزال قائما خاصة التفتيش المستمر للمواقع النووية الإيرانية.

وتناقش جيرمانية أن على الولايات المتحدة بالتعاون مع ألمانيا وبريطانيا وفرنسا الحصول على اتفاقية متتابعة تعطي إنجازات سريعة وتأجيل القضايا الأخرى لما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية. وتقترح خطة طريق من ثلاث مراحل، تبدأ الأولى في منتصف شباط/ فبراير يتم فيها الاتفاق على معايير الاتفاقية التي توافق فيها إيران على تجميد أي نشاطات نووية تتجاوز ما سمحت بها الاتفاقية الأصلية، مما يفتح الباب أمام المرحلة الثانية وهي رفع العقوبات عن المسؤولين الإيرانيين والبضائع وتصدير النفط.

ومع حزيران/ يونيو يعود الطرفان إلى التزام كامل بالاتفاقية الأولى ومعها يتم رفع معظم العقوبات الأمريكية. وحتى يتحقق هذا على إيران تخفيض مخزونها من اليورانيوم المخصب وتفكيك أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في مفاعل نطنز ووقف البحث والتطوير الذي يذهب أبعد مما سمحت به اتفاقية 2015. وسيتم فتح المحادثات الأوسع حول اتفاقية نووية أوسع في نهاية 2021.

وستوافق الدول الأوروبية الثلاث مع أمريكا على اتفاق ملحق يناقش نهاية بنود الاتفاقية الأولى ومشاريع إيران الصاروخية وسياساتها في الشرق الأوسط. لكن المعوقات لاتفاق كهذا عالية، حيث حذر محمد حسين عادلي، السفير الإيراني السابق في لندن، قائلا: “على بايدن الحصول أولا على ثقة إيران في العملية التفاوضية وبطريقة عملية. ولا يمكن الحصول على ثقة إيران بمجرد الكلام ولكن بالممارسة والضمانات”.

ويقول حسن أحمديان، أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة طهران، إن إيران ستطالب قبل الالتزام الكامل بالاتفاقية بتعويضات عن الضرر الذي أصابها بسبب العقوبات الأمريكية وتصحيح لمظاهر القصور في الاتفاقية الأولى.

وتشعر إيران أن اتفاقية 2015 أجبرتها على الحد من برنامجها النووي المدني قبل أن يتخذ الغرب خطوات، فيما فشلت الصفقة بمعاقبة أمريكيا لانتهاكها الشروط. وقال أحمديان: “العودة إلى الالتزام الكامل بناء على انضمام الولايات المتحدة من جديد للمعاهدة لم يعد أمرا محتملا. فالعجز في الثقة وصل مستويات عالية بدرجة أن تغير الوجوه في البيت الأبيض لن يغير من الواقع”.

371