علي مسلم: ستون عاماً نزداد انبطاحاً
علي مسلم عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا

علي مسلم: ستون عاماً نزداد انبطاحاً

Feb 14 2020

ثمة أمر ما زال يشغل ذهني على مدى سنوات الحراك في سوريا؟

وهو لماذا لم تتمكن قيادة الحركة السياسية الكردية في سوريا من التحرر من تبعيتها الفكرية لمنظومة البعث الشوفيني بالرغم من توفر المقدمات الكافية لذلك سيما على مستوى الخطاب بالتالي بناء المنظومة الفكرية المستقلة.

ترى؟ هل تحولت هذه التبعية مع الزمن الى ما يشبه الموروث الثقافي المتجذر في سلوكياتها وبات من الاستحالة التخلص من تبعاتها، أم أن ذلك يأتي على خلفية توافق سياسي تم التأسيس له سابقاً بحيث لا يتسنى للكرد في سوريا أية فرصة للظفر بحقوقه المدنية والسياسية والبقاء في فلك العبودية حاضراً ومستقبلاً؟

لقد تناول المناضل الأمريكي الأسود مالكوم اكس هذه الاشكالية في إحدى خطاباته الهامة في ستينيات القرن الماضي حين تناول في مقاربة مشابهة جنوح بعض الطبقات من العبيد الى مواجهة النفحات التحررية التي ظهرت خلال الحرب الاهلية الامريكية والتي تناولت مسألة تحرير العبيد، هذه الخطبة التي ساهمت في إعطاء حركة الحقوق المدنية للسود الأميركيين بُعدها الثوري الجذري فيما بعد، حيث انه استعاد مفهوميْن مترسخيْن في الموروث التاريخي المتولّد عما عاناه السود الأميركيون في فترات العبودية وما تلا ‘’تحريرهم’’ من تمييز وتفرقة عنصرية واضطهاد طبقي.

قارن مالكوم إكس بين عبيد المنازل وعبيد الحقول ليرسم بذلك صورة تتكرر فيما يمكن قراءته في بعض مفاصل الأدب الأميركي ومشاهدته في الأفلام الأميركية القديمة، حيث أشار الى أن عبد المنزل كان مهندماً وكانت تبدو عليه علامات العافية، بالرغم من أن ما كان يلبسه عبد المنزل مما بَلِيَ من ثياب السيد وما يأكله هو مما تبّقى على سفرته، إلا أن هذا لم يكن يقلل من سعادته وخاصة حين يقارن وضعه بوضع عبد الحقل الذي يهلك كل يوم ليضمن مجرد بقائه على قيد الحياة.

فعبد المنزل كما عبد الحقل، كلاهما كانا مملوكان لسـيّدهما الذي يملك أيضاً حق التصرف في كل شؤونهما، ماذا وأين يعملان أو يأكلان أو يسكنان أو يفكران، وكان السيّد يملك الحق في تقرير مصير العبديْن ومقدار سعادتهما أو بؤسهما، إلا أن العبديْن يعيشان في عالميْن مختلفيْن، عالمٌ يضم عبيد المنازل الذين يروْن أنفسهم انهم على انهم النخبة المختارة وانهم في مرتبة أعلى بكثير من بني جلدتهم من عبيد الحقول الذين يضمهم عالمٌ كما يضم غيرهم من الصعاليك وأشباه العبيد، لهذا حاول طبقة العبيد في المنازل الوقوف في وجه الدعوات التي طالبت بتحرير العبيد والحفاظ على ما هم فيه من نعيم على حساب حريتهم وانعتاقهم.

فمجرد ان يلبي بعض الفئات التابعة من طبقة القيادة السياسية الكردية لفحوى الدعوة لزيارة دمشق في هذا التوقيت العصيب إنما كي يبرهنوا بكل وضوح على مدى جديتهم في ممارسة سلوك التبعية المترسخة في سلوكياتهم، هذه السلوكية المقيتة التي تم التأسيس لها في العهود السابقة، ضاربة عرض الحائط كل ما جرى من تضحيات قدمها السوريون بما في ذلك الكرد في مضمار التخلص من هذا الإرث الاستبدادي، يذكرني في هذا السياق مقولة نطق بها محمد منصورة رئيس الأمن العسكري السابق في الجزيرة السورية ذات يوم " لن نجعل من المخلصين الكرد أبطالا.... سنصنع بدلاً عنهم أبطالاً مزيفين كي يتصدروا المشهد السياسي بامتياز.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

1431