آذاد خليل :التحول التدريجي من الدفاع إلى الإحتلال و تبعاته من تغييرات في المفاهيم
مدينة عفرين - صورة من ارشيف

آذاد خليل :التحول التدريجي من الدفاع إلى الإحتلال و تبعاته من تغييرات في المفاهيم

Dec 15 2019

عمدت الحكومة التركية منذ إجتياحها العسكري الأول في سوريا بتاريخ 24/8/2016 من خلال عملية عسكرية سميت " درع الفرات " بحجة الدفاع عن النفس و القضاء على التنظيمات الإرهابية المتمركزة في الجانب السوري .

و التدخل العسكري الثاني بتاريخ 20/01/2018 تحت مسمى " غصن الزيتون " بحجة محاربة قوات الحماية الشعبية ، أما عمليتها العسكرية الثالثة بدأت بتاريخ 09/10/2019 بحجة محاربة قسد تحت مسمى " نبع السلام " .

فقد حاولت الحكومة التركية منذ البداية إستخدام السوريين المتواجدين على أراضيها ( العناصر العسكرية المنشقة عن النظام _ الممثلين السياسيين في المجلس الوطني السوري _ الحكومة السورية المؤقتة _ الإئتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية _ المدنيين من ابناء الشعب السوري ) كوقود لتنفيذ أجنداتها …

عمدت الحكومة التركية منذ إجتياحها العسكري الأول في سوريا بتاريخ 24/8/2016 من خلال عملية عسكرية سميت " درع الفرات " بحجة الدفاع عن النفس و القضاء على التنظيمات الإرهابية المتمركزة في الجانب السوري .

و التدخل العسكري الثاني بتاريخ 20/01/2018 تحت مسمى " غصن الزيتون " بحجة محاربة قوات الحماية الشعبية ، أما عمليتها العسكرية الثالثة بدأت بتاريخ 09/10/2019 بحجة محاربة قسد تحت مسمى " نبع السلام " .

فقد حاولت الحكومة التركية منذ البداية إستخدام السوريين المتواجدين على أراضيها ( العناصر العسكرية المنشقة عن النظام _ الممثلين السياسيين في المجلس الوطني السوري _ الحكومة السورية المؤقتة _ الإئتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية _ المدنيين من ابناء الشعب السوري ) كوقود لتنفيذ أجنداتها السياسية و العسكرية و فرض شروطها على النظام السوري و الإذعان بالعودة إلى الإتفاقيات السابقة المبرمة بين الطرفين من جهة أولى ، و القضاء على المفهوم القومي للحركة التحررية الكردية المتنامية و النشطة في مشاركتها بالثورة السورية من خلال التنسيقيات و منظمات المجتمع المدني من جهة ثانية .

و بغية تعزيز تدخلها قامت بداية بخلط الأوراق المتساقطة بالأساس من الحراك الثوري السوري و تجنيد كل ورقة على حدة حسب متطلباتها و توجهاتها الإسلامية الراديكالية المدعمة بالمتشددين فكرياً لتشويه صورة الثورة و المعارضة السورية من خلال حث الأدوات المستخدمة بإرتكاب شتى الإنتهاكات بحق المواطنين المناؤين للتوجهات التركية و تحويل الأنظار و مسار الثورة و إفراغ مضمون شعارها من إسقاط النظام و المطالبة بالحرية و الكرامة إلى محاربة أبناء الشعب السوري بحجة التعامل و التخابر مع النظام و محاربة الشعب الكردي في كردستان سوريا بحجة الإنفصال .

إن تعويل الميلشيات المسلحة التابعة للحكومة السورية المؤقتة و الإئتلاف الوطني على مرافقة قوات الإحتلال التركي بغزوها للمناطق السورية بحجة إسقاط النظام أصطدم منذ البداية بالحدود التي رسمتها الحكومة التركية عندما أوعزت لها بالوقوف على تخوم منطقة الباب أثناء " تحريرها " من قوات النظام السوري و التراجع إلى مواقعها لعدم الإصطدام معهم و إطلاق صفة الخيانة على كل من يرفض القرارات التركية " جيش الشرقية بقيادة أبو خولة " ثم تتالت الأحداث العسكرية بشكل متسارع و حصرها في المناطق الكردية المتاخمة للحدود التركية و عدم السماح لتوسيع رقعة مقارعة النظام السوري بل عمدت إلى سحب المقاتلين من الداخل السوري ( دمشق _ ريف دمشق _ حمص _ حماة ) تحت مسمى " المصالحة الوطنية " و توطينهم في تخوم محافظتي حلب و أدلب بالإتفاق مع الجانب الروسي و زجهم في حروب شعبية لإيقاد النعرات الطائفية و العرقية من جهة و إقامة الدولة أو الإمارة الإسلامية _ بؤرة إرهابية _ لتهديد الدول الأوربية من جهة ثانية و دس عملائها بأسماء و شعارات وهمية منادية بتحرير الأراضي السورية من القوات التركية و القضاء على التنظيمات الإرهابية المتمركزة بالقرب من حدودها .

و مع تطور الأحداث و إندماج الحكومة السورية المؤقتة و الإئتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية مع تلك السياسة و قيام العناصر المسلحة بإرتكاب الإنتهاكات من سلب و نهب و سطو مسلح وصولاً للخطف العشوائي و القتل تحت التعذيب و الإغتيال لكل من يخرج عن المسار المحدد من خلال إفتعال الإشباكات المسلحة بين الأطراف و التفجيرات الإرهابية من خلال زرع الألغام و السيارات المفخخة و خلق الفوضى و عدم الشعور بالإستقرار و الأمن و الأمان لتهجيير من تبقى من السكان الأصليين للمنطقة الكردية المحاذية للحدود التركية و إبعاد النشطاء السياسيين و الحقوقيين و المدنيين من محافظتي حلب و ادلب .

جراء تلك الممارسات و الإنتهاكات التي تقوم بها العناصر المسلحة و بمباركة من الإئتلاف الوطني ووالحكومة السورية المؤقتة جعلت إحدى و عشرون دولة أوربية إضافة للولايات المتحدة الأمريكية و دول التحالف العسكري معها إلى إتخاذ قرار بقطع العلاقات معهم و إيقاف دعمهم على مختلف الأصعدة سواء كانت سياسية أو طبية أو تعليمية و التهديد بفرض العقوبات على قادة و عناصر الفصائل المسلحة المنضوية تحت مسمى " الجيش الوطني السوري الحر " خاصة بعد بيان الإئتلاف المؤيد لعملية ما تسمى " نبع السلام " إضافة إلى إتهام أغلب الموظفين في المجال الطبي و التعليمي بالمتعاملين مع التنظمات الإرهابية المتشددة فكرياً " إسلاميين تكفيريين " و بالرغم من محاولة التنصل من تلك الصفة و عقدهم لعدة إجتماعات مع الأطراف الدولية إلا إنها بائت بالفشل .

و ترافق ذلك قيام الحكومة التركية بإيقاف الدعم اللوجستي و الإقتصادي عن المؤسسات السياسية للمعارضة السورية و تخفيض الرواتب عن تلك الفصائل المسلحة للنأي بنفسها عن وصفها كدولة داعمة للإرهاب و هذا ما لا ينطلي على أغلب الدول المعنية بالشأن السوري .

الفرز للتحكم و السيطرة

بعدما ورطت الحكومة التركية المؤسسات الرسمية للمعارضة السورية في المواقف المناهضة للثورة من خلال تبنيها الأجندات التركية بدأت بالتخلص من بعض رموزها و وصفها بالمتعاملين و المتخاذلين لإحكام السيطرة لفئة معينة من أبناء الشعب السوري خاصة التركمان منهم و قسم آخر من الكورد التابعين لأجندات الأنظمة الغاصبة لكردستان المؤيدين لأفكار تنظيم ب ك ك لإثارة الفتنة و النعرات العرقية والدينية و قامت بإطلاق يدها للسيطرة و التحكم بمفاصل المؤسسات السياسية الرسمية و العسكرية خاصة منها بعض الفصائل المسلحة مثل ( السلطان مراد _ لواء محمد الفاتح _ فرقة 23 _ _ فيلق الرحمن _ الحمزات ) و تشكيل جهاز أمني خاص بالأغتيالات و تصفية قادة عدد من الفصائل خاصة ممن ينتمون للتيار السني و وصفهم بأتباع التنظمات الإرهابية من هيئة تحرير الشام و داعش ( أحرار الشام _ الجبهة الشامية _ فيلق الشام _ جيش الإسلام ) و إرسال عدد من العناصر المسلحة إلى ساحات الحروب في الجزيرة و محافظة إدلب و عدد آخر أستخدمهم كورقة ضاغطة مضمونة بعد زجهم في أعمال منافية للقانون من السرقة و الفساد و الرشوة و الممارسات المنافية للأخلاق الإجتماعية في أوكار الدعارة بعد تصويرهم في أوضاع حميمية لسهولة تهديدهم و إبعادهم و القضاء عليهم .

و من هنا بدأ عدد من العناصر المسلحة و قادة الفصائل بالفرار و الإختفاء عن الأنظار سواء باللجوء إلى مناطق النظام أو إلى أوربا خوفاً من إغتيالهم .

في أي وقت ممكن . هذا ما عدا فرار عدد محدود منهم بعد قيامهم بإختلاس الأموال و التوجه نحو الإهتمام بمصالحهم الشخصية و أعمالهم التجارية ،بالمقابل قامت الحكومة التركية و قواتها العسكرية بدعم المتسلقين على مفهوم الثورة و المعارضة من العملاء و الخونة و اللصوص و العصابات المافياوية و الإعتماد عليهم لتنفيذ مشاريعها التوسعية الإستيطانية .

بالرغم من كل ما تقدم فإن الظروف الأقليمية و الدولية التي تمر بها المنطقة و نتيجة تقاطع المصالح الإقتصادية بين الطرفين الدوليين _ أمريكا و روسيا _ إضافة إلى دولة إسرائيل يتطلب بسط الأمن و الإستقرار بعد فترة طويلة من الدمار و الخراب و التهجيير الذي لحق بالشعب السوري و تشتته في أرجاء المعمورة لتقاسم المنافع و تقسيم مناطق النفوذ (مع الأخذ بعين الإعتبار ) المؤقت لجزء من مصالح الدول الإقليمية من خلال دعم الجهود الأممية لتدوين دستور جديد للبلاد .

يضمن حقوق الشعب السوري بمكوناته العرقية و الدينية كحد أدنى للتوافق الوطني و إخراج الدول الإقليمية مثل تركيا و إيران من الساحة العربية الشرق الأوسطية و نقل الإحتجاجات إليها بشكل متناسق وفق خط تصاعدي بغية إلحقاهم بركب الفوضى الخلاقة و القضاء على التفكير الديني المتشدد _ التكفيري _ المشبع بالإرهاب و التي حاولت تصدير أزماتها السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية خارج دولها .

آذاد خليل
11/12/2019


المقال يعبر عن رأي الكاتب

582