منطقة بمنهاجين مختلفين ومستقبل غامض للطلبة في شمال سوريا

منطقة بمنهاجين مختلفين ومستقبل غامض للطلبة في شمال سوريا

Aug 20 2019

منطقة بمنهاجين مختلفين ومستقبل غامض للطلبة في شمال سوريا
شفان إبراهيم - المونيتور

تم تدريس اللغة الكرديّة مع مناهج الدولة السوريّة في معظم مناطق إقليم الجزيرة، وسط تكرار إغلاق المدارس وفتحها. في عام 2012، وبعد قرار مؤسّسة اللغة الكرديّة بتدريس لغتها من ديرك إلى الحسكة، أوعزت مديريّة التربية التابعة للنظام السوري بإغلاق المدارس التي تدرّس حصص اللغة الكرديّة في عموم مناطق وأرياف محافظة الحسكة، ممّا دفع الاتّحاد الديمقراطيّ إلى الإيعاز بخلع الأبواب المغلقة والاستمرار بالتدريس.

ثمّ اتّفق الطرفان على تدريس اللغة الكرديّة بمعدّل 3 حصص أسبوعياً للصفّ التاسع، و5 حصص للصفّين السابع والثامن على أن تقتطع هذه الحصص من مواد اللغة العربيّة والمعلوماتيّة والاجتماعيّات والعلوم.

في عام 2015، استبدلت الإدارة الذاتيّة مناهج النظام السوريّ بمناهج خاصّة بها، في مناطق سيطرتها، ممّا دفع بمديريّة التربية التابعة إلى الحكومة السوريّة إلى إغلاق تلك المدارس، ومنعت المدرّسين التابعين إليها من التعاون مع الإدارة الذاتيّة، وقد نتج عن ذلك توقّف تعليم الصفوف الأولى في غالبيّة مدارس المرحلة الابتدائيّة التي فرضت عليها الإدارة الذاتية مناهجها، بينما واصلت المدارس في المناطق الخاضعة للنظام دوامها بشكل اعتيادي.

ولجأت الإدارة الذاتيّة في 2015 إلى إنشاء "نظام التربية للمجتمع الديمقراطي" ويتضمّن هيئات التربية في مناطق الإدارة الذاتيّة ومؤسّسة تعليم اللغة الكرديّة والأكاديميّات والمعاهد التي تدرّس باللغة الكرديّة، وهو نظام معمول به في كلّ مناطق سيطرة الإدارة الذاتيّة، ومبدؤه الأساسيّ تعلّم كلّ مكوّن لغته الأمّ في الصفوف الثلاثة الأولى من حياته المدرسيّة، ثمّ إدخال لغة محلّيّة من الصفّ الرابع، بمعنى أنّ الطلبة الأكراد يدرسون مادّة اللغة العربيّة، والطلبة العرب يدرسون مادّة اللغة الكرديّة، ثمّ يتمّ إدخال مادّة لغة عالميّة أجنبيّة، إنكليزي أو فرنسي، بدءاً من الصفّ السادس حتى التخرج من المدرسة، وهو النظام المعمول به في باقي المراحل المدرسيّة، وإلغاء مادّة التربية القوميّة أو الوطنيّة، وإدراج مادّة الأمّة الديمقراطيّة بدلاً منها، وإجراء تعديلات في مادّتي الجغرافيا والتاريخ، وتغيير مادّة التربية الإسلاميّة إلى تاريخ المعتقدات الدينيّة. وقد أثّر هذا الأمر على تعلّم الطلبة الأكراد اللغة العربيّة. هذه المناهج والتعديلات لا تُطبق في المدارس الخاصة التابعة للكنائس المسيحية.

في 2015 كانت البداية واقتصرت على المرحلة الابتدائية، ووسعت الإدارة الذاتية نطاق تدريس مناهجها في 2018 لتشمل المرحلة الثانوية، على أن يقتصر على الصف الأول الثانوي فقط، ولتشمل المناهج في العام الحالي 2019 للصف الثاني الثانوي، وتطبيق المناهج الجديدة على الصف الثالث الثانوي في العام المقبل 2020 ولاقت هذه المناهج اعتراضا كبيراً من غالبيّة باقي المكوّنات الذين رفضوا إرسال أبنائهم إلى تلك المدارس.

ويشترك طلبة المرحلة الثانوية المنتسبين لمنهاج الإدارة الذاتية، ومنهاج النظام السوري، في مدرسة واحدة؛ نتيجة عدم توفر أماكن جديدة لإيواء طلبة المرحلة الثانوية، بالرغم من تحويل بعض المراكز الحكومية إلى مدارس مؤقتة.

التقى "المونيتور" في 3 آب/أغسطس 2019 الرئيسة المشتركة لهيئة التربية في الإدارة الذاتيّة سميرة حاج علي، حيث ترفض أن يكون الاعتراف محصوراً بالجهات الدوليّة، فتقول لـ"المونيتور": "هناك زيارات عدّة تقوم بها الدول ذات الشأن وتقوم الجامعات بزيارتنا وهو نوع من الاعتراف، يجب علينا ألّا ننتظر أن يأتي أحدهم إلينا ويقول نحن نعترف بكم، الاعتراف الحقيقيّ يبدأ من أصحاب العلاقة أوّلاً، ثمّ يأتي الآخرون ويعترفون بنا".

تسكن شذى الوافي من طلبة الصفّ الثاني الإعداديّ إلى جانب مدرستها إعداديّة قناة السويس في شرق قامشلو، وقد رفض أهلها إرسالها إلى مدارس تطبّق مناهج الإدارة الذاتيّة. وتقول: "لا أفهم ما تقوله المدرسة التي أداوم فيها، فالعدد كبير والضجّة مزعجة، يقول والدي: "المهم أن تكون الشهادة معترف بها بغضّ النظر عن الأتعاب"، وتقول شذى للمونيتور "أرغب في أن أكمل دراستي في جامعة دمشق، فهي جامعة عريقة ومعترفة."

وللتعرّف على أراء شخصيّات مستقلّة، التقى "المونيتور" الدكتور في الأدب العربيّ الأكاديميّ فريد سعدون الذي يقول: "النظام التعليميّ هو جزء من نظام الدولة في أيّ مكان، بمعنى أن المناهج التربوية تخضع إلى قانون محدّد ودستور وأنظمة واضحة تضعها الدولة، وهناك قانون ينظّم العمليّة التربويّة والتعليميّة في كل الدولة، كونه نظام قائم على نسق محدّد وقانون محدّد". ويؤكّد سعدون ضرورة الاعتراف بالنظام التعليميّ وأخذ الشرعيّة قبل أيّ خطوة تدريسيّة حفاظاً على مستقبل الطلّاب. ويضيف: "تأخذ المناهج شرعيّتها من الدولة لطالما هي قائمة وشرعيّة ومعترف بها، وعندما لا توجد صفة الاعتراف بالدولة أو المنطقة أو نظام معيّن، أو تنتهي، تبقى المناهج الدراسيّة والشهادات الصادرة عنها غير معترف بها، فيفقد الطالب حقّه في الانتقال إلى جامعة أخرى لإكمال دراساته العليا خارج منطقته التي تكون خاضعة إلى سلطة محلّيّة غير معترف بها، لذا مستقبل المنطقة في شمال شرق سوريا غامض الملامح، وغير محدّد في شكل مقونن وواضح، وليس هناك أيّ اعتراف من أيّ جهة أو جامعة بالنظام التعليميّ للإدارة الذاتيّة".

وبحسب الإحصاءات التي قدّمتها حاج علي، "بلغ عدد مدرّسي الإدارة الذاتيّة في إقليم الجزيرة 20913 مدرّساً، ومّدرسة، وعدد المدارس الخاضعة للإدارة الذاتية في منطقة الجزيرة 2225، موزعة على الشكل التالي: عدد مدارس الابتدائيّ 1652 و405 مدرسة للمرحلة الإعداديّة، و86 مدرسة للمرحلة الثانويّة، وبلغ عدد المدارس المختلطة بين المرحلتين الأولى والثانية 82 مدرسة". وتتحدّث حاج علي لـ"المونيتور" عن عدد الطلّاب لكلّ مرحلة فتقول: "200901 للمرحلة الابتدائيّة، 24820 طالباً إعداديّاً، و4768 للمرحلة الثانويّة".

لكنّ مصدراً من مديريّة التربية اشترط عدم الإفصاح عن أسمه يشكّك بالأرقام التي تصدرها الإدارة الذاتيّة، حيث يبلغ إجمالي عدد المدارس في منطقة الجزيرة "2423 مدرسة، وتدير مديريّة التربية في النظام 250 مدارس منها.

سبب الفرق يعود إلى وجود مدارس موزعة بين ما تستعمله الإدارة الذاتية كمؤسسات خاصة تابعة لها، ومنها ما خرج عن الخدمة نتيجة الحرب والدمار الذي لحق بها، والقسم الآخر كان نتيجة تحويل النظام السوري بعض المراكز الحكومية في قامشلو والحسكة إلى مدارس مؤقتة لاستقبال الطلاب في مربعاتها الأمنية.

ومن المشاكل التي ترافقت مع هذه الحالة صعوبة الاستيعاب بسبب الأعداد الكبيرة للطلّاب في الصفّ الواحد للمدارس التابعة للدولة الذي يصل إلى حدود 80 طالباً وطالبة، في صفوف مخصّصة لما بين 30 و35 طالباً وطالبة، وزيادة عدد المتسرّبين الذي بلغ حتّى عام 2018، 161600 طالب، وهو عدد مرشّح للارتفاع هذا العام". وأضاف المصدر أنّ عدد الطلّاب الملتحقين بمدارس الدولة في المربعات الأمنية والأحياء والمناطق الخاضعة لسيطرته يبلغ قرابة الـ496400 طالب لعموم المراحل المدرسيّة".





المقال يعبر عن رأي الكاتب

605