الخطرالقادم من الشرق
عميد محمد رجب:
الخطرالقادم من الشرق
مع تزايد وتيرة التشرذم والخلافات التي تسود العلاقة بين حكام الدول العربية ، وعجز جامعة الدول العربية عن ايجاد الحلول لأبسط المشاكل والخلافات وهي كثيرة ، وتجاهلها للقضايا الكبرى في المنطقة وخاصة القضية الكوردية ، تزداد الحاجة إلى تدخل القوى الدولية الكبرى والقوى الإقليمية لإيجاد الحلول ، والتي غالباً ما تكون غير عادلة وتمهّد لصراعات وحروب قادمة .
في ظل هذه الأوضاع ستبقى منطقة الشرق الأوسط ساحة صراع وتصفية حساب وعقد صفقات مشبوهة بين مشاريع القوى الدولية العظمى وبين المشاريع حديثة الولادة للقوى الإقليمية على حساب تطلعات شعوب المنطقة المغلوبة على أمرها نتيجة مصادرة قرارها من قبل حكامها ، وعدم ترك أي دور لها في رسم مستقبلها سوى أن تكون أرقاماً في سجلات القتلى والمعاقين والمعتقلين والمفقودين والنازحين والمهجّرين .
وأخطر تلك المشاريع هو المشروع الفارسي الصفوي ليس على المنطقة فحسب وإنما على السلم العالمي أيضاً ، وتُرصد له ميزانيات ضخمة من مال الشعوب الإيرانية . إنه مشروع فتّاك يمتلك أدوات وأذرع كثيرة يمكن التضحية ببعضها أو جميعها عند الحاجة ، يستهدف عقيدة شعوب المنطقة ووجودها ، ويعمل على زرع الفتنة بين أبنائها على أسس دينية وطائفية ، يبدأ بدعم جماعة أو حزب أو حركة بالمال والسلاح تحت حجج كاذبة مثل تحرير فلسطين وإزالة إسرائيل من الوجود ، يستمر الدعم حتى تصبح الحركة أو الجماعة أو الحزب أقوى من الدولة فتقوم بالغائها وإشعال حروب أهلية لا نهاية لها ، كما هو الحال في لبنان وسوريا والعراق واليمن والسلطة الفلسطينية ، والشعب الكوردي في الأجزاء الأربعة من كوردستان ليس بمنأى عن ذلك الخطر .
ومن أهم أدوات المشروع الفارسي الصفوي :
* التنظيمات الإرهابية التي تحظى بدعمه ورعايته وبالتالي توجيهها إلى حيث يشاء ومتى شاء .
* أبناء الطائفة الشيعية في المنطقة بعد إجراء عملية غسيل دماغ لهم وخداعهم بأنهم يقاتلون من أجل المشروع الشيعي على خلاف الحقيقة الواضحة بأنهم وقود للمشروع الفارسي الصفوي .
* شراء ذمم السياسيين وأقلام أشباه الكتّاب والاعلاميين وضمائر بعض رجال الدين بالمال والسلطة لتبرير جرائمه بحق شعوب المنطقة .
يبقى السؤال المطروح : هل نجاج المشروع الفارسي الصفوي حتمي ؟
من المعروف أن القوى الشريرة تخطط لجميع أنحاء العالم ، ولكنها تنجح في مكان وتفشل في آخر ، بمعنى أن الفشل ليس حتمياً وبنفس الوقت النجاح ليس حتمياً أيضاً ، وهما يتأرجحان بين كفتي ميزانين ، الميزان الأول يضم كفتي قُرب وبُعد المشروع الفارسي الصفوي من المصالح الدولية وخاصة مصلحة إسرائيل ، أمّا الميزان الثاني فيضم كفتي غياب إرادة الشعوب المستهدفة والوعي مع تقديم المصالح القومية والوطنية على المصالح الحزبية والشخصية الضيقة من قبل النخب والساسة .
نحن الكورد إن لم نَعْتَبِرْ من تجارب الآخرين مع هذا المشروع الهدّام ،فلنا تجاربنا ، لقد رأينا بأعيننا ماذا حصل في كوردستان روج آفا خلال السنوات الست الماضية وماذا حصدنا خلالها ، ولمسنا لمس اليد ما حلّ بكركوك منذ أشهر .
وكما قيل :
العِبْرَةُ لِمن يَعْتَبِرْ
عميد محمد رجب دهدو حبش
2018/7/21
المقال يعبر عن رأي الكاتب
3616