عشنا بين الجثث وشاهدنا الضرب حتى الموت .. شهادات لثلاثة معتقلين في سجون النظام

عشنا بين الجثث وشاهدنا الضرب حتى الموت .. شهادات لثلاثة معتقلين في سجون النظام

Jul 18 2019

بيدين متشنجتين وعينين امتلأتا بحزن عميق يستعرض "محمد إياد" من أبناء مدينة "معضمية الشام" القريبة من العاصمة دمشق تفاصيل معاناته في سجن المخابرات الجوية الذي استقبله منذ العام الثاني للثورة وحتى نهاية العام الخامس.

"كانت سنوات أليمة جدا" يقول "محمد" الذي فضّل أن يحمل اسما مستعارا فظروفه الحالية لا تسمح له بالإفصاح عن اسمه الحقيقي.

في إحدى الجلسات التي جمعتني معه في "معضمية الشام" لم يكن "محمد" من يتكلم فقط.. ضمت الجلسة "مروان" و"مسعود"، وهما معتقلان آخران جمعتهما مشاهد "القسوة التي لا تطاق" في سجون النظام.

اعتقل "مسعود" على حاجز الأربعين عشية اندلاع المعركة الكبيرة التي شنها النظام على "داريا" والشقيقة "معضمية الشام" في تشرين الثاني نوفمبر/2012 وأفرج عنه أواخر العام الخامس أيضا.

أما "مروان" فعلى الرغم من قصر المدة التي قضاها في السجن (لا تتجاوز شهرين فقط) فقد عاش تجربة مريرة جعلته يعتقد أنه قضى شهورا طويلة مسجونا فـ"الساعة بيوم واليوم بشهر والشهر بسنة" كما يقول.

بدأ المعتقلون الثلاثة في حالة قهر واضحة، بينما روى كل واحد منهم قصصا عن طرائق التعذيب حتى الموت.

يقول "محمد إياد": "في ذلك السجن تعرفت على طريقة مروعة كان السجانون يجبروننا عليها. كانت أليمة ومخيفة في نفس الوقت" يعدل من جلسته متأهبا لتفجير قنبلة مدوية "الطريقة تتمثل في أوامر يلقيها السجان على اثنين من المسجونين بتعذيب الأول للآخر بالضرب على وجهه بباطن الكف. كان الضحية في أحد المرات شابا من مدينة داريا. أجبر أحد رفاقه على ضربه بهذه الطريقة لساعات إلى أن فارق الحياة!".

الحديث عن الموت قاد "مسعود" إلى استذكار طريقة أخرى تضاهي تلك بالوحشية. "في الأعياد كان السجان يدخل علينا وبسخرية واضحة يبارك لنا بقدوم العيد الجديد. سأختار عددا منكم ليأخذ العيدية. أنت تعال وأنت وأنت... يختار قرابة 15 شخصا.

لم نكن نعرف ما هي العيدية فقد تفاجأنا من هذا التبدل الواضح في معاملة السجان لنا، لكن بعد ربع ساعة فقط بدأت الأمور تتضح أكثر فقد عذب الشبان المساكين باستخدام خرطوم من النايلون على أقدامهم (فلقة) حتى ماتوا جميعا".

يروي هذان الشاهدان قصصهما بحرقة، فقد كانا شاهدين على وفاة العديد من المعتقلين بأساليب وحشية.

يقول "مروان" الذي سجن عقب عقد الهدنة بين النظام وثوار "المعضمية" بدايات العام 2014 إن اعتقاله كان مفاجئا فقد كان يمر عبر حواجز دمشق بكل أريحية لكن عند حاجز الجديدة بالقرب من العاصمة اعتقل دون أي سبب.

"مكثت 8 أيام في زنزانة فردية، بعد ذلك قادوني إلى صالة لا تتجاوز مساحتها 50 مترا كانت مليئة بعشرات المساجين، المفاجأة لم تكن في ضيق الصالة، بل في المساجين الموجودين فيها، لقد كان هنالك 6 جثث لمعتقلين توفوا نتيجة للتعذيب ولسوء التغذية والأمراض".

ويضيف "في الحقيقة كان العديد من المعتقلين الأحياء يوشك على الموت نتيجة الإهمال الطبي، طوال المدة الباقية التي مكثتها في الصالة مات أشخاص آخرون. وكانت الجثث تعيش معنا لعدة أيام وعندما يكثر عددها يأتي السجانون لأخذها. كانت الجثث موجودة في كل مكان بيننا. تعيش معنا كأنها أجسام حية. لقد كانت أياما مرعبة لا يمكنني تخيل كيف عشتها دون أن أصاب بالجنون".

فضل الشهود الثلاثة عدم نشر أسمائهم الحقيقية لظروفهم الأمنية، وروى "محمد" و"مسعود" تجربتيهما في سجن المخابرات الجوية المتاخم لمدينتي "داريا" و"معضمية الشام"، أما "مروان" فقد كان اعتقاله في فرع "215" الذي يعد من أسوأ أفرع النظام الأمنية أو أسوأها.

زمان الوصل

955