
الأكثرية والأقلية بقلم العميد محمد رجب
الأكثرية والأقلية
الأكثرية والأقلية مفهومان قديمان جديدان ليستا من الثوابت ويقبلان الكثير من الجدل بحسب رمزيتهما، فأي مجموعة من البشر يمكن أن تنتمي إلى أكثرية وأقلية في وقت واحد، فكل فرد ينتمي إلى أكثرية في حالات معينة وإلى أقلية في حالات أخرى حسب نوع الفرز على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو سياسي أو عشائري، وليست الأكثرية دوماً على حق ، كما أن الأقلية ليست دوماً على حق أيضاً.
في القرأن الكريم اقترنت الأكثرية بمفردات سلبية مثل فاسقون، للحق كارهون، يخرصون، لا يؤمنون، لا يعلمون... وغيرها، واقترنت الأقلية بأوصاف إيجابية مثل الشكور ( وقليل من عباديّ الشكور ) صدق الله العظيم.
في الدول الديمقراطية المعاصرة تأخذ الأكثرية والأقلية سمة سياسية دستورية مرتبطة بنظام الحكم فقط، فالأكثرية هنا هي أكثرية سياسية أو برلمانية حاكمة، والأقلية هي أقلية سياسية أو برلمانية معارضة وقد تصبح أكثرية في مرحلة أخری، ولا نجد في مثل هذه المجتمعات أكثرية أو أقلية تفاضل بين البشر على أساس عرقي أو ديني.
بينما في الدول التي تضم أجزاء كوردستان نلاحظ الطابع العنصري لمفهومي الأكثرية والأقلية اللتان ترمزان إلى الكم العددي لمجموعة من البشر على أساس قومي فقط .
وعلى سبيل المثال المناهج الدراسية في سوريا تذكر أن الشعب السوري يتألف من أكثرية عربية وأقليات من الكورد والشركس والأرمن والتركمان ، وبالطبع الأكثرية هنا لها كامل حقوق المواطنة والأقلية ناقصة الحقوق، وفي ذلك تناقض واضح مع مفهوم المواطنة الحقيقية، أدّی إلى ظهور قضايا ومشاكل لم تجد طريقاً إلى الحل حتى الأن .
مع العلم أن الشعب الكوردي في الأجزاء الأربعة ليس بأقلية وإن كان أقل عدداً من العرب والفرس والترك، لأنه يعيش على أرضه منذ آلاف السنين ولم يأتيها محتلاً أو مهاجراً كما يدّعي الآخرون ويشكّل فيها أغلبية سكانية لا تقبل الشك .
عميد/محمد رجب دهدو حبش
26_8_2018
المقال يعبر عن رأي الكاتب
1608