القيادي الكردي والتثقيف الذاتي

القيادي الكردي والتثقيف الذاتي

Aug 01 2024

القيادي الكردي والتثقيف الذاتي.. عمر كوجري

الثقافة والتثقيف الذاتي والتعمُّق في هذا الجانب على قدر كبير من الأهمية لأيّ شخصٍ، والتثقيف لا يرتبط بنيل الشهادات العلمية والتخصصات العالية، فأي شخص يتابع، ويقرأ، ويتعب على حاله من الممكن أن يكون مثقفاً، أو مشروع مثقّف، يعطي لمحيطه المجتمعي المعلومة والتحليل والرأي السديد.

كوني مُنخرطاً في العمل السياسي منذ حوالي أربعة عقود، فقد عرفتُ، وخبرتُ، وتخالطتُ عن قرب الكثير من القيادات السياسية في الحركة الوطنية الكردية في سوريا، سواءً في الحزب الذي كنت منضماً إليه، أو من خلال معرفة شخصية للقيادات السياسية في الأحزاب الكردية.

الحقيقة، قلة قليلة من هؤلاء القياديين كانوا يهتمّون، ويركّزون على التثقيف الذاتي، رغم أنه خلال الاجتماعات الحزبية كان ثمّة تركيزٌ على ضرورة التثقيف الذاتي، وطرق أبواب المعرفة، وقد خرجت كوادر من الهيئات المنطقية والفرعية وحتى المحلية على جانب مهم من التعمق في الثقافة بشتى ضروبها، ومعارفها.

بمقابل تشجيع القيادات الحزبية وحثّهم رفاقهم من الهيئات التي يديرونها، كان هم الأقل اهتماماً بهذا الجانب. كنا نلاحظ ضحالة معلوماتهم السياسية، واستخدامهم للمصطلحات السياسية بطريقة خاطئة مجلبة للتفكُّه، والدُّعابة، وعدم متابعتهم للكثير من الأحداث والأخبار التي تدور أمامهم، ومن خلفهم.

لقد ظهرت الضحالة والتسطيح لدى بعضهم من خلال الاجتماعات التي كانوا يعقدونها قبيل عيد نوروز المجيد، حيث كانوا يكرّرون بسماجة ومعلومات خاطئة مستعادة، وكلاماً مجترّاً لا طائل ولا فائدة منه، وكان خطابُ جلّهم بالمجمل شعبوياً صالحاً للجَمْعات ومضافات القرى.

بعد القفزة البشرية في مجال الوصول إلى معلومة مهما كانت صعبة، وتحوّل الكون إلى مُسمّى "القرية الكونية" والثورة التقنية منذ أكثر من عقدين، إلا أن العديد من قادة الحركة السياسية الكردية كان الاهتمام بتنمية الشخصية القيادية من خلال عدة مجالات، ومنها الجانب الثقافي والعمق المعرفي باهتاً، فالكثير ممّن وضعتهم ظروف المرحلة، وانشقاقات الأحزاب ضمن هرم القيادة، وهم لا يتحلّون بأيّة صفة تؤهّلهم ليكونوا في الصف الأول، بل المصادفة البحتة، والتكتلات الخاصة بهذا الشأن، والولاءات السمجة للبعض.

رغم أنّهم تولّوا كرسي منصب القيادة لكنهم لم يكونوا بمستوى هذا الاستحقاق الذي لا يستحقه العديد منهم، والأنكى والأكثر وجعاً من ذلك مساهمة العديد من هؤلاء والعمل على استبعاد الطاقات الشابة والواعية والتي اشتغلت، وتعبت على حالها، وتملك طاقةً إبداعيةً في مجال تطوير العمل السياسي ككل، والحزب الذي تنتمي إليه.

نجحت مساعي بعض هؤلاء إلى حدٍّ كبير في الحدّ من تواجُد وحضور العنصر الشبابي بقوة في المحافل المفصلية كالمؤتمرات الحزبية والاجتماعات المُوسّعة.

العديد من "بعض" هؤلاء القياديين صفحاتهم مزدانة بالنعوات والتبريكات بأعراس أولادهم، وبنات أصدقائهم، ومن العسير أن نقرأ مساهمة هامة وجدية لهم، وهذا أفصح وأفضح تعبير عن سطحية تفكيرهم الذي يتبدّى من خلال صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى إذا نشروا بضعَ كلماتٍ، ففيها من الأخطاء الفادحة الكثير.

كذلك يتبدّى ضعفهم أثناء مشاركاتهم في حوارات تلفزيونية، فيتحدثون بلغة كردية ركيكة، وإذا تحدثوا العربية كان الأمر سوءاً على سوء.

ألم يحن الوقت ليتفرّغ هؤلاء لكتابة "مذكراتهم الشخصية" والجلوس في منازلهم..؟!


المقال يعبر عن رأي الكاتب

457