وكأنّ PYD عضوٌ في حلف الناتو!
وكأنّ PYD عضوٌ في حلف الناتو!
شيخو عفريني
المتابعُ لتصريحات مسؤولي وقياديّي إدارة PYD، بكافة تصنيفاتها السياسية والعسكرية، لاسيما في الآونة الأخيرة، وبالتزامن مع التهديدات التركية، بشن عملية عسكرية أخرى على ما تبقى من مدن كوردستان سوريا، أو المدن والبلدات العربية الخاضعة لسيطرة الإدارة، يتبادر إلى الأذهان إلى أن إدارة PYD هي عضوة في حلف الناتو وليست تركيا، وتمتلك إمكانيات وجيشاً عرمرماً هو الثاني في الناتو والثامن عالمياً، من حيث العدة والعتاد وبالتالي تُخولها الدفاع وإبداء مثل تلك التهديدات.
التصريحات الوعيدة، بسحق ومحق تركيا من الوجود، والتي تكررت قبل أربعة أعوام في كارثة عفرين 2018، وقبل ثلاثة أعوام في كارثة سري كانيه وكري سبي 2019، وكأن تركيا هي من خسرت المعركة في تلك العمليتين، وبالتالي لن تجدي نفعاً، خاصة إن الطرفين غير متكافئتين لا سياسياً ولا عسكرياً، وأمريكا لن تفرط بحليفة قوية دائمة، كتركيا، مقابل حليف جديد كقسد يتعامل معها مقابل إنجاز هدف وحيد؛ وهو إنهاء داعش بدون مقابل ودون الحصول على ضمانات سياسية أو اعتراف ضمني أو علني بالإدارة. إذاً لصالح من هذه التصريحات اللامسؤولة وما الفائدة منها لاسيما أن التجربتين المريرتين في عفرين وسري كانيه لاتزالان قائمتين؛ والشعب يدفع ضريبة السياسة الخاطئة والفاشلة؟
مع تجديد تركيا لتهديداتها بشن عملية عسكرية، بحجة إنهاء وجود PKK، الذي يسيطر على ذمام الأمور في الإدارة، فبدلاً من إيجاد حلول ترضي الطرفين، نجد أن مسؤولي الإدارة يصبون الزيت على النار، ويستغلون مشاعر السذّج، بمقاومة تاريخية ثانية، المقاومة التي عاصرناها في كل من عفرين وسري كانيه، والتي لم تجلب سوى الويلات والآلام لشعبنا كما أسلفنا؛ فتهجّر أكثر من 400 ألف كوردي في عفرين ونواحيها وقراها، وكذلك الآلاف من العوائل من سري كانيه وكري سبي وقراها، علماً أن بعض المسؤولين في الإدارة، كإلهام أحمد، عضّوا أصابعهم ندماً على السياسة والاستراتيجية التي اتبعوها في عفرين، وقالت: "كان يجب الخوض في حوارٍ مع تركيا لتجنّب المنطقة كارثةً حقيقية". نعم كارثة حقيقية، فعدا تهجير مئات الآلاف من الكورد، استشهد الآلاف من أبناء المنطقة بشبانها وشاباتها، بعد أن تخلى عنهم القياديون الآتون من تركيا، إذ تبين أنهم جاؤوا لتنفيذ أجندات معينة، ونفذوا التعليمات بحذافيرها، ورحلوا وتركوا مصير المنطقة في أنياب الفصائل المعارضة.
ماذا جرى في عفرين وهل يتكرر في باقي المناطق وكيف يمكن المقارنة بين الزمنين؟
يقول القيادي آلدار خليل: "تركيا ستندم إذا ما قامت بشن عدوان آخر لأننا لم نكتفي بصد العدوان بل سنحرر باقي المناطق المحتلة". صراحة لا أعلم كيف سيحررون باقي المناطق وهم بذاتهم قاموا بتسليمها على طبق من ذهب، ووعدوا بتحريرها مباشرة بعد أن بسطت تركيا سيطرتها على عفرين، ولكن الواقع أن أربع سنوات عجاف مضت، والمهجرون في الشهباء ينتظرون وعود إداريي وقياديي PYD وقسد في تحرير المنطقة.
بالعودة إلى مجريات الحرب في عفرين، في اليوم السابع والأربعين 47 من حرب عفرين، جاءت إدارة PYD بالحافلات وقامت بتهريب كافة القياديين والعسكريين والمسؤولين من PKK, وتركت الشبان والشابات الكورد يواجهون مصيرهم لوحدهم, الأمر الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 3000 شاب وشابة, كان قد زُج بهم عنوة وكرهاً في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. لم تكتفي بذلك بل أجبرت مئات الآلاف من الكورد على الهجرة باتجاه الشهباء، بهدف حماية بلدتي نبل والزهراء، ووضع المهجرين الكورد، كدرعٍ بشري كُرمى للبلدتين الشيعيتين, كما منعت الأهالي من العودة إلى قراهم على حاجز المحمودية.
أهمية حاجز المحمودية؟
عدا أهالي المنطقة، الزائر لعفرين يعلم ما مدى أهمية حاجز حي المحمودية، فهو مدخل لكل النواحي، فبعد بدء الحرب بتاريخ 21 كانون الثاني 2018، على منطقة عفرين، نزح أهالي النواحي وقراها إلى مركز مدينة عفرين، وبعد سيطرة تركيا على تلك النواحي، قررت أهالي النواحي والقرى العودة إلى ممتلكاتهم ومسقط رأسهم وأرض أبائهم وأجدادهم، إلا أن إدارة PYD كانت لهم بالمرصاد، واتهمت العائدين بالخونة والعملاء لتركيا، بحكم أن أغلب النواحي والقرى خرجت عن سيطرتها، بعد إصرار الأهالي على الحاجز، ارتكبت، مجزرة بحق الأهالي بتاريخ 16 آذار 2018 كي يسلكوا طريق حاجز ترندة (الطريق الوحيد في جنوب عفرين باتجاه البلدتين المذكورتين آنفاً) وبالتالي الهجرة نحو الشهباء.
ثم هل ثمة منطقة في كوردستان سوريا جبليةً أكثر من عفرين؟ بالطبع لا؟ إذاً على من تعولون في تصريحاتكم؟ هل على أمريكا، حليفتكم في الجزء الثاني من كوردستان سوريا؟ أم على روسيا حليفتكم في عفرين سابقاً والآن في تل رفعت ومنبج؟ أم على النظام الذي يخونكم ليل نهار، ويتهمكم بالعملاء لأمريكا... أم تعوّلون على الشعب المسكين الذي أنهتكه تداعيات الحرب اللعينة، والضرائب والغلاء وقرار 122، وآلامهم على فراق أحبتهم في الحرب اللامسؤولة التي خاضتها الإدارة في تحرير مدن الرقة وديرالزور والطبقة والشدادة وتل رفعت ومنبج، مقابل المال وبالوكالة عن القوى العالمية؟
إدارة PYD مستمرة في تقديم الذرائع لتركيا، بالخروج في مسيرات ومظاهرة تطالب بفك العزلة عن عبدالله أوجلان زعيم ب ك ك، وعدم استعداداها في فك الارتباط عن قنديل، وبالتالي تعزيز موقف تركيا أمام المجتمع الدولي في شرعية حماية أمنها الحدودي، إذاً، سيناريو عفرين يتكرر، لا بل بطريقة أكثر بشاعة، فبحسب حسين كوجر ونوري محمود وآلدار خليل فإن الاستراتيجية المقبلة في الحرب ستكون أكثر عزيمة وصلابة من حربهم في عفرين ولن يكتفوا بالرد إنما سيحررون عفرين وإدلب وجرابلس وكافة المناطق المحتلة!.
لابد من الشعب أن يصمد في مدنهم وقراهم، ويقف أمام المخططات المحاكة، إذا بقى الشعب بقيت القضية، أما إذا فنى الشعب فلا تسطيع المطالبة من وراء البحور، كما لم يطالب أحد من أهالي مدينتي الجولان ولواء إسكندرون، إلى ترك بلادهم بحجة أن المدينتين محتلتان, فالسلطات زائلة والشعب باقٍ. وآن الأوان أن يقول الشعب الكوردي في كوردستان سوريا كلمته: كفى لممارساتكم وسياساتكم، حرروا لنا كوردستان تركيا، وطالبوا بفك العزلة عن عبدالله أوجلان في تركيا لا في كوردستان سوريا، فأوجلان غير مسجون في ديرك وقامشلو وعامودا وكوباني. الشعب ضاق ذرعاً ولايريد حرباً ثانية وتكرار التجربتين المريرتين.
كما يتعين على الحركة الكوردية العودة إلى المفاوضات الكوردية الكوردية السورية، وإيجاد آلية لإدارة مشتركة في المنطقة، وإعادة قوات بيشمركة روج وتجنب المنطقة أتون حرب جديدة.
المقال يعبر عن رأي الكاتب
51636